Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 13-14)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى لهذه الأمة { شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلِدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً وَٱلَّذِىۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ } فذكر أول الرسل بعد آدم عليه السلام ، وهو نوح عليه السلام ، وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم ثم ذكر من بين ذلك من أولي العزم ، وهم إبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم . وهذه الآية انتظمت ذكر الخمسة كما اشتملت آية الأحزاب عليهم في قوله تبارك وتعالى { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ } الأحزاب 7 الآية . والدين الذي جاءت به الرسل كلهم هو عبادة الله وحده لا شريك له كما قال عز وجل { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلآ نُوحِىۤ إِلَيْهِ أَنَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱعْبُدُونِ } الأنبياء 25 . وفي الحديث " نحن معشر الأنبياء أولاد علات ، ديننا واحد " أي القدر المشترك بينهم هو عبادة الله وحده لا شريك له ، وإن اختلفت شرائعهم ومناهجهم كقوله جل جلاله { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَـٰجاً } المائدة 48 ولهذا قال تعالى ههنا { أَنْ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ } أي وصى الله تعالى جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالائتلاف والجماعة ، ونهاهم عن الافتراق والاختلاف ، وقوله عز وجل { كَبُرَ عَلَى ٱلْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ } أي شق عليهم ، وأنكروا ما تدعوهم إليه يا محمد من التوحيد . ثم قال جل جلاله { ٱللَّهُ يَجْتَبِىۤ إِلَيْهِ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِىۤ إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ } أي هو الذي يقدر الهداية لمن يستحقها ، ويكتب الضلالة على من آثرها على طريق الرشد ، ولهذا قال تبارك وتعالى { وَمَا تَفَرَّقُوۤاْ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ } أي إنما كان مخالفتهم للحق بعد بلوغه إليهم ، وقيام الحجة عليهم ، وما حملهم على ذلك إلا البغي والعناد والمشقة . ثم قال عز وجل { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } أي لولا الكلمة السابقة من الله تعالى بإنظار العباد بإقامة حسابهم إلى يوم المعاد ، لعجل عليهم العقوبة في الدنيا سريعاً . وقوله جلت عظمته { وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُورِثُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن بَعْدِهِمْ } يعني الجيل المتأخر بعد القرن الأول المكذب للحق { لَفِى شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ } أي ليسوا على يقين من أمرهم وإيمانهم ، وإنما هم مقلدون لآبائهم وأسلافهم بلا دليل ولا برهان ، وهم في حيرة من أمرهم وشك مريب وشقاق بعيد .