Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 29-31)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى { وَمِنْ ءَايَـٰتِهِ } الدالة على عظمته وقدرته العظيمة وسلطانه القاهر { خَلْقُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا } أي ذرأ فيهما أي في السموات والأرض { مِن دَآبَّةٍ } وهذا يشمل الملائكة والإنس والجن وسائر الحيوانات ، على اختلاف أشكالهم وألوانهم ولغاتهم وطباعهم وأجناسهم وأنواعهم ، وقد فرقهم في أرجاء أقطار السموات والأرض { وَهُوَ } مع هذا كله { عَلَىٰ جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٌ } أي يوم القيامة يجمع الأولين والآخرين وسائرالخلائق في صعيد واحد ، يسمعهم الداعي ، وينفذهم البصر ، فيحكم فيهم بحكمه العدل الحق . وقوله عز وجل { وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } أي مهما أصابكم أيها الناس من المصائب ، فإنما هي عن سيئات تقدمت لكم ، { وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } أي من السيئات ، فلا يجازيكم عليها ، بل يعفو عنها ، { وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ } فاطر 45 وفي الحديث الصحيح " والذي نفسي بيده ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ، ولا هم ولا حزن ، إلا كفر الله عنه بها من خطاياه ، حتى الشوكة يشاكها " وقال ابن جرير حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، حدثنا أيوب قال قرأت في كتاب أبي قلابة قال نزلت { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } الزلزلة7 - 8 وأبو بكر رضي الله عنه يأكل ، فأمسك وقال يا رسول الله إني أرى ما عملت من خير وشر ؟ فقال " أرأيت ما رأيت مما تكره ، فهو من مثاقيل ذر الشر ، وتدخر مثاقيل الخير حتى تعطاه يوم القيامة " وقال قال أبو إدريس فإني أرى مصداقها في كتاب الله تعالى { وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } ثم رواه من وجه آخر عن أبي قلابة عن أنس رضي الله عنه ، قال والأول أصح . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع ، حدثنا مروان بن معاوية الفزاري ، حدثنا الأزهر بن راشد الكاهلي عن الخضر بن القواس البجلي عن أبي سخيلة عن علي رضي الله عنه قال ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله عز وجل ، وحدثنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " وما أصابكم من مصيبة ، فبما كسبت أيديكم ، ويعفو عن كثير ، وسأفسرها لك يا علي ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا ، فبما كسبت أيديكم ، والله تعالى أحلم من أن يثني عليه العقوبة في الآخرة ، وما عفا الله عنه في الدنيا ، فالله تعالى أكرم من أن يعود بعد عفوه " وكذا رواه الإمام أحمد عن مروان بن معاوية وعبدة عن أبي سخيلة قال قال علي رضي الله عنه ، فذكر نحوه مرفوعاً . ثم روى ابن أبي حاتم نحوه من وجه آخر موقوفاً فقال حدثنا أبي ، حدثنا منصور ابن أبي مزاحم ، حدثنا أبو سعيد بن أبي الوضاح عن أبي الحسن عن أبي جحيفة قال دخلت على علي ابن أبي طالب رضي الله عنه ، فقال ألا أحدثكم بحديث ينبغي لكل مؤمن أن يعيه ؟ قال فسألناه ، فتلا هذه الآية { وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } قال ما عاقب الله تعالى به في الدنيا ، فالله أحلم من أن يثني عليه بالعقوبة يوم القيامة ، وما عفا الله عنه في الدنيا ، فالله أكرم من أن يعود في عفوه يوم القيامة . وقال الإمام أحمد حدثنا يعلى بن عبيد ، حدثنا طلحة ، يعني ابن يحيى ، عن أبي بردة عن معاوية ، هو ابن أبي سفيان رضي الله عنه ، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " ما من شيء يصيب المؤمن في جسده يؤذيه ، إلا كفر الله تعالى عنه به من سيئاته " وقال الإمام أحمد أيضاً حدثنا حسين عن زائدة عن ليث عن مجاهد عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا كثرت ذنوب العبد ، ولم يكن له ما يكفرها ، ابتلاه الله تعالى بالحزن ليكفرها " وقال ابن أبي حاتم حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي ، حدثنا أبو أسامة عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن ، هو البصري ، قال في قوله تبارك وتعالى { وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } قال لما نزلت ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " والذي نفس محمد بيده ما من خدش عود ، ولا اختلاج عرق ، ولا عثرة قدم ، إلا بذنب ، وما يعفو الله عنه أكثر " وقال أيضاً حدثنا أبي ، حدثنا عمر بن علي ، حدثنا هشيم عن منصور عن الحسن عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال دخل عليه بعض أصحابه ، وقد كان ابتلي في جسده ، فقال له بعضهم إنا لنبأس لك لما نرى فيك ، قال فلا تبتئس بما ترى فإن ما ترى بذنب ، وما يعفو الله عنه أكثر ، ثم تلا هذه الآية { وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } . وحدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، حدثنا جرير عن أبي البلاد قال قلت للعلاء بن بدر { وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } ، وقد ذهب بصري وأنا غلام ؟ قال فبذنوب والديك . وحدثنا أبي ، حدثنا علي بن محمد الطنافسي ، حدثنا وكيع عن عبد العزيز بن أبي داود عن الضحاك قال ما نعلم أحداً حفظ القرآن ثم نسيه ، إلا بذنب ، ثم قرأ الضحاك { وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } ثم يقول الضحاك وأي مصيبة أعظم من نسيان القرآن ؟