Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 32-35)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ومن آياته الدالة على قدرته الباهرة وسلطانه تسخيره البحر لتجري فيه الفلك بأمره ، وهي الجواري في البحر كالأعلام ، أي كالجبال ، قاله مجاهد والحسن والسدي والضحاك ، أي هذه في البحر كالجبال في البر { إِن يَشَأْ يُسْكِنِ ٱلرِّيحَ } أي التي تسير في البحر بالسفن ، لو شاء لسكنها حتى لا تحرك السفن ، بل تبقى راكدة لا تجيء ولا تذهب ، بل واقفة على ظهره ، أي على وجه الماء { إِنَّ فِى ذٰلِكَ لآيَـٰتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ } أي في الشدائد { شَكُورٍ } أي إن في تسخيره البحر ، وإجرائه في الهوى بقدر ما يحتاجون إليه لسيرهم ، لدلالات على نعمه تعالى على خلقه لكل صبار ، أي في الشدائد ، شكور في الرخاء . وقوله عز وجل { أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا } أي ولو شاء لأهلك السفن وغرقها بذنوب أهلها الذين هم راكبون فيها { وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ } أي من ذنوبهم ، ولو آخذهم بجميع ذنوبهم ، لأهلك كل من ركب البحر . وقال بعض علماء التفسير ، معنى قوله تعالى { أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا } أي لو شاء لأرسل الريح قوية عاتية ، فأخذت السفن ، وأحالتها عن سيرها المستقيم ، فصرفتها ذات اليمين أو ذات الشمال آبقة ، لا تسير على طريق ، ولا إلى جهة مقصد ، وهذا القول يتضمن هلاكها ، وهو مناسب للأول ، وهو أنه تعالى لو شاء لسكن الريح فوقفت ، أو لقواه فشردت وأبقت وهلكت ، ولكن من لطفه ورحمته أنه يرسله بحسب الحاجة ، كما يرسل المطر بقدر الكفاية ، ولو أنزله كثيراً جداً ، لهدم البنيان ، أو قليلاً ، لما أنبت الزرع والثمار ، حتى إنه يرسل إلى مثل بلاد مصر سيحاً من أرض أخرى غيرها ، لأنهم لا يحتاجون إلى مطر ، ولو أنزل عليهم ، لهدم بنيانهم ، وأسقط جدرانهم ، وقوله تعالى { وَيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ يُجَـٰدِلُونَ فِىۤ ءَايَـٰتِنَا مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } أي لا محيد لهم عن بأسنا ونقمتنا فإنهم مقهورون بقدرتنا .