Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 45, Ayat: 27-29)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى أنه مالك السموات والأرض ، والحاكم فيهما في الدنيا والآخرة ، ولهذا قال عز وجل { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ } أي يوم القيامة { يَخْسَرُ ٱلْمُبْطِلُونَ } وهم الكافرون بالله ، الجاحدون بما أنزله على رسله من الآيات البينات والدلائل الواضحات . وقال ابن أبي حاتم قدم سفيان الثوري المدينة ، فسمع المعافري يتكلم ببعض ما يضحك به الناس ، فقال له يا شيخ أما علمت أن لله تعالى يوماً يخسر فيه المبطلون ؟ قال فما زالت تعرف في المعافري حتى لحق بالله تعالى ، ذكره ابن أبي حاتم . ثم قال تعالى { وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً } أي على ركبها من الشدة والعظمة ، ويقال إن هذا إذا جيء بجهنم فإنها تزفر زفرة ، لا يبقى أحد إلا جثا لركبتيه ، حتى إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ، ويقول نفسي نفسي نفسي ! لا أسألك اليوم إلا نفسي . وحتى إن عيسى عليه الصلاة والسلام ليقول لا أسألك اليوم إلا نفسي ، لا أسألك مريم التي ولدتني ! قال مجاهد وكعب الأحبار والحسن البصري { كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً } أي على الركب . وقال عكرمة جاثية متميزة على ناحيتها ، وليس على الركب ، والأول أولى . قال ابن أبي حاتم حدثنا محمد ابن عبد الله بن يزيد المقرىء ، حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن عبد الله بن باباه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " كأني أراكم جاثين بالكوم دون جهنم " وقال إسماعيل بن أبي رافع المدني عن محمد بن كعب عن أبي هريرة رضي الله عنه ، مرفوعاً في حديث الصور " فيتميز الناس ، وتجثو الأمم ، وهي التي يقول الله تعالى { وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَـٰبِهَا } " وهذا فيه جمع بين القولين ، ولا منافاة ، والله أعلم . وقوله عز وجل { كُلُّ أمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَـٰبِهَا } يعني كتاب أعمالها كقوله جل جلاله { وَوُضِعَ ٱلْكِتَـٰبُ وَجِـىءَ بِٱلنَّبِيِّيْنَ وَٱلشُّهَدَآءِ } ولهذا قال سبحانه وتعالى { ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } أي تجازون بأعمالكم خيرها وشرها كقوله عز وجل { يُنَبَّأُ ٱلإِنسَـٰنُ يَوْمَئِذِ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ بَلِ ٱلإِنسَـٰنُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ } القيامة 13 ــــ 15 ولهذا قال جلت عظمته { هَـٰذَا كِتَـٰبُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِٱلْحَقِّ } أي يستحضر جميع أعمالكم ، من غير زيادة ولا نقص كقوله جل جلاله { وَوُضِعَ ٱلْكِتَـٰبُ فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا مَا لِهَـٰذَا ٱلْكِتَـٰبِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرًا وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا } الكهف 49 وقوله عز وجل { إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } أي إنا كنا نأمر الحفظة أن تكتب أعمالكم عليكم . قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره تكتب الملائكة أعمال العباد ، ثم تصعد بها إلى السماء ، فيقابلون الملائكة في ديوان الأعمال على ما بأيدي الكتبة ، مما قد أبرز لهم من اللوح المحفوظ في كل ليلة قدر ، مما كتبه الله في القدم على العباد قبل أن يخلقهم ، فلا يزيد حرفاً ، ولا ينقص حرفاً ، ثم قرأ { إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } .