Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 45, Ayat: 30-37)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى عن حكمه في خلقه يوم القيامة فقال تعالى { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } أي آمنت قلوبهم ، وعملت جوارحهم الأعمال الصالحة ، وهي الخالصة الموافقة للشرع { فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِى رَحْمَتِهِ } وهي الجنة كما ثبت في الصحيح أن الله تعالى قال للجنة أنت رحمتي أرحم بك من أشاء { ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْمُبِينُ } أي البين الواضح . ثم قال تعالى { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَفَلَمْ تَكُنْ ءَايَـٰتِى تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱسْتَكْبَرْتُمْ } أي يقال لهم ذلك تقريعاً وتوبيخاً أما قرئت عليكم آيات الله تعالى ، فاستكبرتم عن اتباعها ، وأعرضتم عن سماعها ، وكنتم قوماً مجرمين في أفعالكم ، مع ما اشتملت عليه قلوبكم من التكذيب ؟ { وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَٱلسَّاعَةُ لاَ رَيْبَ فِيهَا } أي إِذا قال لكم المؤمنون ذلك ، { قُلْتُم مَّا نَدْرِى مَا ٱلسَّاعَةُ } أي لا نعرفها { إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً } أي إِن نتوهم وقوعها إِلا توهماً ، أي مرجوحاً ، ولهذا قال { وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ } أي بمتحققين . قال الله تعالى { وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَـٰتُ مَا عَمِلُواْ } أي وظهر لهم عقوبة أعمالهم السيئة ، { وَحَاقَ بِهِم } أي أحاط بهم { مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } أي من العذاب والنكال { وَقِيلَ ٱلْيَوْمَ نَنسَاكُمْ } أي نعاملكم معاملة الناسي لكم في نار جهنم { كَمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا } أي فلم تعملوا له لأنكم لم تصدقوا به ، { وَمَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّـٰصِرِينَ } . وقد ثبت في الصحيح أن الله تعالى يقول لبعض العبيد يوم القيامة " ألم أزوجك ؟ ألم أكرمك ؟ ألم أسخر لك الخيل والإبل ، وأذرك ترأس وتربع ؟ فيقول بلى يارب فيقول أفظننت أنك ملاقي ؟ فيقول لا ، فيقول الله تعالى فاليوم أنساك كما نسيتني " قال الله تعالى { ذَلِكُم بِأَنَّكُمُ ٱتَّخَذْتُمْ ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ هُزُواً } أي إِنما جازيناكم هذا الجزاء لأنكم اتخذتم حجج الله عليكم سخرياً ، تسخرون وتستهزئون بها ، { وَغَرَّتْكُمُ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا } أي خدعتكم ، فاطمأننتم إِليها ، فأصبحتم من الخاسرين ، ولهذا قال عز وجل { فَٱلْيَوْمَ لاَ يُخْرَجُونَ مِنْهَا } أي من النار ، { وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } أي لا يطلب منهم العتبى ، بل يعذبون بغير حساب ولا عتاب ، كما تدخل طائفة من المؤمنين الجنة بغير عذاب ولا حساب . ثم لما ذكر تعالى حكمه في المؤمنين والكافرين ، قال { فَلِلَّهِ ٱلْحَمْدُ رَبِّ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَرَبِّ ٱلأَرْضِ } أي المالك لهما وما فيهما ، ولهذا قال { رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } ثم قال جل وعلا { وَلَهُ ٱلْكِبْرِيَآءُ فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } قال مجاهد يعني السلطان ، أي هو العظيم الممجد ، الذي كل شيء خاضع لديه ، فقير إِليه . وقد ورد في الحديث الصحيح " يقول الله تعالى العظمة إِزاري ، والكبرياء ردائي ، فمن نازعني واحداً منهما ، أسكنته ناري " ورواه مسلم من حديث الأعمش عن أبي إِسحاق عن الأغر أبي مسلم ، عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه . وقوله تعالى { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } أي الذي لا يغالب ولا يمانع { ٱلْحَكِيمُ } في أقواله وأفعاله ، وشرعه وقدره ، تعالى وتقدس ، لا إِله إِلا هو . آخر تفسير سورة الجاثية ، ولله الحمد والمنَّة ، وبه التوفيق والعصمة .