Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 52, Ayat: 35-43)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا المقام في إثبات الربوبية وتوحيد الألوهية ، فقال تعالى { أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ ٱلْخَـٰلِقُونَ } أي أوجدوا من غير موجد ؟ أم هم أوجدوا أنفسهم ، أي لا هذا ولا هذا ، بل الله هو الذي خلقهم وأنشأهم بعد أن لم يكونوا شيئاً مذكوراً ، قال البخاري حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان قال حدثني عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور ، فلما بلغ هذه الآية { أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَىْءٍ أَمْ هُمُ ٱلْخَـٰلِقُونَ أَمْ خَلَقُواْ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بَل لاَّ يُوقِنُونَ أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ ٱلْمُصَيْطِرُونَ } كاد قلبي أن يطير ، وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من طرق عن الزهري به . وجبير بن مطعم كان قد قدم على النبي صلى الله عليه وسلم بعد وقعة بدر في فداء الأسارى ، وكان إذ ذاك مشركاً ، فكان سماعه هذه الآية من هذه السورة من جملة ما حمله على الدخول في الإسلام بعد ذلك . ثم قال تعالى { أَمْ خَلَقُواْ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بَل لاَّ يُوقِنُونَ } أي أهم خلقوا السموات والأرض ؟ وهذا إنكار عليهم في شركهم بالله ، وهم يعلمون أنه الخالق وحده لا شريك له ، ولكن عدم إيقانهم هو الذي يحملهم على ذلك ، { أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ ٱلْمُصَيْطِرُونَ } أي أهم يتصرفون في الملك ، وبيدهم مفاتيح الخزائن { أَمْ هُمُ ٱلْمُصَيْطِرُونَ } أي المحاسبون للخلائق ، ليس الأمر كذلك ، بل الله عز وجل هو المالك المتصرف الفعال لما يريد . وقوله تعالى { أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ } أي مرقاة إلى الملأ الأعلى { فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَـٰنٍ مُّبِينٍ } أي فليأت الذي يستمع لهم بحجة ظاهرة على صحة ما هم فيه من الفعال والمقال ، أي وليس لهم سبيل إلى ذلك ، فليسوا على شيء ، وليس لهم دليل ، ثم قال منكراً عليهم فيما نسبوه إليه من البنات وجعلهم الملائكة إناثاً ، واختيارهم لأنفسهم الذكور على الإناث ، بحيث إذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم ، هذا وقد جعلوا الملائكة بنات الله ، وعبدوهم مع الله فقال { أَمْ لَهُ ٱلْبَنَـٰتُ وَلَكُمُ ٱلْبَنُونَ } وهذا تهديد شديد ، ووعيد أكيد { أَمْ تَسْـئَلُهُمْ أَجْراً } أي أجرة إبلاغك إياهم رسالة الله ، أي لست تسألهم على ذلك شيئاً ، { فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ } أي فهم من أدنى شيء يتبرمون منه ، ويثقلهم ويشق عليهم ، { أَمْ عِندَهُمُ ٱلْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ } أي ليس الأمر كذلك فإنه لا يعلم أحد من أهل السموات والأرض الغيب إلا الله { أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هُمُ ٱلْمَكِيدُونَ } يقول تعالى أم يريد هؤلاء بقولهم هذا في الرسول وفي الدين غرور الناس ، وكيد الرسول وأصحابه ؟ فكيدهم إنما يرجع وباله على أنفسهم ، فالذين كفروا هم المكيدون { أَمْ لَهُمْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ سُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ } وهذا إنكار شديد على المشركين في عبادتهم الأصنام والأنداد مع الله ، ثم نزه نفسه الكريمة عما يقولون ويفترون ويشركون فقال { سُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ } .