Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 28-29)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قد تقدم في رواية النسائي عن ابن عباس أنه حمل هذه الآية على مؤمني أهل الكتاب ، وأنهم يؤتون أجرهم مرتين كما في الآية التي في القصص ، وكما في حديث الشعبي عن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بي فله أجران ، وعبد مملوك أدى حق الله وحق مواليه فله أجران ، ورجل أدب أمته فأحسن تأديبها ، ثم أعتقها وتزوجها فله أجران " أخرجاه في الصحيحين . ووافق ابن عباس على هذا التفسير الضحاك وعتبة بن أبي حكيم وغيرهما ، وهو اختيار ابن جرير . وقال سعيد بن جبير لما افتخر أهل الكتاب بأنهم يؤتون أجرهم مرتين ، أنزل الله تعالى عليه هذه الآية في حق هذه الأمة { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ } أي ضعفين { مِّن رَّحْمَتِهِ } وزادهم { وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ } يعني هدى يتبصر به من العمى والجهالة ، ويغفر لكم ، ففضلهم بالنور والمغفرة . رواه ابن جرير عنه . وهذه الآية كقوله تعالى { يِـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ إَن تَتَّقُواْ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } الأنفال29 وقال سعيد بن عبد العزيز سأل عمر بن الخطاب حبراً من أحبار يهود كم أفضل ما ضعفت لكم حسنة ؟ قال كفل ثلاثمائة وخمسين حسنة ، قال فحمد الله عمر على أنه أعطانا كفلين ، ثم ذكر سعيد قول الله ، عز وجل { يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ } قال سعيد والكفلان في الجمعة مثل ذلك ، رواه ابن جرير . ومما يؤيد هذا القول مارواه الإمام أحمد حدثنا إسماعيل ، حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مثلكم ومثل اليهود والنصارى كمثل رجل استعمل عمالاً ، فقال من يعمل لي من صلاة الصبح إلى نصف النهار على قيراط قيراط ؟ ألا فعملت اليهود ، ثم قال من يعمل لي من صلاة الظهر إلى صلاة العصر على قيراط قيراط ؟ ألا فعملت النصارى ، ثم قال من يعمل لي من صلاة العصر إلى غروب الشمس على قيراطين قيراطين ؟ ألا فأنتم الذين عملتم ، فغضب النصارى واليهود ، وقالوا نحن أكثر عملاً ، وأقل عطاءً ، قال هل ظلمتكم من أجركم شيئاً ؟ قالوا لا ، قال فإنما هو فضلي أوتيه من أشاء " . قال أحمد وحدثناه مؤمل عن سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر نحو حديث نافع ، عنه . انفرد بإخراجه البخاري ، فرواه عن سليمان بن حرب عن حماد عن نافع به ، وعن قتيبة عن الليث عن نافع بمثله . وقال البخاري حدثني محمد بن العلاء ، حدثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " مثل المسلمين واليهود والنصارى ، كمثل رجل استعمل قوماً يعملون له عملاً يوماً إلى الليل على أجر معلوم ، فعملوا إلى نصف النهار ، فقالوا لا حاجة لنا في أجرك الذي شرطت لنا ، وما عملنا باطل ، فقال لهم لا تفعلوا ، أكملوا بقية عملكم ، وخذوا أجركم كاملاً ، فأبوا وتركوا ، واستأجر آخرين بعدهم ، فقال أكملوا بقية يومكم ، ولكم الذي شرطت لهم من الأجر ، فعملوا حتى إذا كان حين صلوا العصر ، قالوا ما عملنا باطل ، ولك الأجر الذي جعلت لنا فيه ، فقال أكملوا بقية عملكم فإنما بقي من النهار شيء يسير ، فأبوا . فاستأجر قوماً أن يعملوا له بقية يومهم ، فعملوا له بقية يومهم حتى غابت الشمس ، فاستكملوا أجرة الفريقين كليهما ، فذلك مثلهم ومثل ما قبلوا من هذا النور " انفرد به البخاري . ولهذا قال تعالى { لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ ٱلْكِتَـٰبِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَىْءٍ مِّن فَضْلِ ٱللَّهِ } أي ليتحققوا أنهم لا يقدرون على رد ما أعطاه الله ، ولا إعطاء مامنع الله { وَأَنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } . قال ابن جرير { لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ ٱلْكِتَـٰبِ } أي ليعلم . وقد ذكر عن ابن مسعود أنه قرأها لكي يعلم وكذا عطاء بن عبد الله وسعيد بن جبير . قال ابن جرير لأن العرب تجعل لا صلة في كل كلام دخل في أوله أو آخره جحد غير مصرح ، فالسابق كقوله { مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ } الأعراف 12 { وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ } الأنعام 109 بالله { وَحَرَامٌ عَلَىٰ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَـٰهَآ أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } الأنبياء 95 .