Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 4-6)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى مخبراً عن المشركين المكذبين المعاندين ، أنهم مهما أتتهم من آية ، أي دلالة ومعجزة وحجة من الدلالات ، على وحدانية الله وصدق رسله الكرام ، فإنهم يعرضون عنها ، فلا ينظرون إليها ولا يبالون بها ، قال الله تعالى { فَقَدْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } وهذا تهديد لهم ، ووعيد شديد على تكذيبهم بالحق ، بأنه لا بد أن يأتيهم خبر ما هم فيه من التكذيب ، وليجدن غبه ، وليذوقن وباله . ثم قال تعالى واعظاً لهم ، ومحذراً لهم أن يصيبهم من العذاب والنكال الدنيوي ما حل بأشباههم ونظرائهم من القرون السالفة ، الذين كانوا أشد منهم قوة ، وأكثر جمعاً ، وأكثر أموالاً وأولاداً واستغلالاً للأرض ، وعمارة لها ، فقال { أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّـٰهُمْ فِى ٱلأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ } أي من الأموال والأولاد والأعمار ، والجاه العريض والسعة والجنود ، ولهذا قال { وَأَرْسَلْنَا ٱلسَّمَآءَ عَلَيْهِم مَّدْرَاراً } أي شيئاً بعد شيء ، { وَجَعَلْنَا ٱلأَنْهَـٰرَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ } أي أكثرنا عليهم أمطار السماء وينابيع الأرض ، أي استدراجاً وإملاء لهم ، { فَأَهْلَكْنَـٰهُمْ بِذُنُوبِهِمْ } أي بخطاياهم ، وسيئاتهم التي اجترحوها ، { وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً ءَاخَرِينَ } أي فذهب الأولون كأمس الذاهب ، وجعلناهم أحاديث ، { وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً ءَاخَرِينَ } أي جيلاً آخر لنختبرهم ، فعملوا مثل أعمالهم ، فأهلكوا كإهلاكهم ، فاحذروا أيها المخاطبون أن يصيبكم مثل ما أصابهم ، فما أنتم بأعز على الله منهم ، والرسول الذي كذبتموه أكرم على الله من رسولهم ، فأنتم أولى بالعذاب ، ومعاجلة العقوبة منهم ، لولا لطفه وإحسانه .