Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 50-54)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم { قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِى خَزَآئِنُ ٱللَّهِ } أي لست أملكها ، ولا أتصرف فيها ، { وَلاۤ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ } أي ولا أقول لكم إني أعلم الغيب ، إنما ذاك من علم الله عز وجل ، ولا أطلع منه إلا على ما أطلعني عليه ، { وَلاۤ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّى مَلَكٌ } أي ولا أدعي أني ملك ، إنما أنا بشر من البشر ، يوحى إليّ من الله عز وجل ، شرفني بذلك ، وأنعم عليّ به ، ولهذا قال { إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىٰ إِلَىَّ } أي لست أخرج عنه قيد شبر ، ولا أدنى منه ، { قُلْ هَلْ يَسْتَوىِ ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ } أي هل يستوي من اتبع الحق وهدي إليه ، ومن ضل عنه فلم ينقد له { أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ } وهذه كقوله تعالى { أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ ٱلْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَـٰبِ } الرعد 19 وقوله { وَأَنذِرْ بِهِ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ } أي وأنذر بهذا القرآن يا محمد { ٱلَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيةِ رَبِّهِمْ مُّشْفِقُونَ } المؤمنون57 { وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ } الرعد 21 { ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ } أي يوم القيامة { لَيْسَ لَهُمْ } أي يومئذ { مِّن دُونِهِ وَلِىٌّ وَلاَ شَفِيعٌ } أي لا قريب لهم ، ولا شفيع فيهم من عذابه إن أراده بهم ، { لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } أي أنذر هذا اليوم الذي لا حاكم فيه إلا الله عز وجل ، { لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } فيعملون في هذه الدار عملاً ينجيهم الله به يوم القيامة من عذابه ، ويضاعف لهم به الجزيل من ثوابه . وقوله تعالى { وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِىِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } أي لا تبعد هؤلاء المتصفين بهذه الصفات عنك ، بل اجعلهم جلساءك وأخصاءك كقوله { وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِىِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا } الكهف 28 . وقوله { يَدْعُونَ رَبَّهُمْ } أي يعبدونه ويسألونه { بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِىِّ } قال سعيد بن المسيب ومجاهد والحسن وقتادة المراد به الصلاة المكتوبة ، وهذا كقوله { وَقَالَ رَبُّكُـمْ ٱدْعُونِىۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ } غافر 60 أي أتقبل منكم . وقوله { يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } أي يريدون بذلك العمل وجه الله الكريم ، وهم مخلصون فيما هم فيه من العبادات والطاعات ، وقوله { مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَىْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِّن شَىْءٍ } كقول نوح عليه السلام في جواب الذين { قَالُوۤاْ أَنُؤْمِنُ لَكَ وَٱتَّبَعَكَ ٱلأَرْذَلُونَ قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ إِنْ حِسَابُهُمْ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ } ، أي إنما حسابهم على الله عز وجل ، وليس عليّ من حسابهم من شيء كما أنه ليس عليهم من حسابي من شيء ، وقوله { فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } أي إن فعلت هذا والحالة هذه ، قال الإمام أحمد حدثنا أسباط ، هو ابن محمد ، حدثني أشعث عن كردوس ، عن ابن مسعود قال مر الملأ من قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده خباب وصهيب وبلال وعمار ، فقالوا يا محمد أرضيت بهؤلاء ؟ فنزل فيهم القرآن { وَأَنذِرْ بِهِ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ } - إلى قوله - { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ بِٱلشَّـٰكِرِينَ } ورواه ابن جرير من طريق أشعث ، عن كردوس ، عن ابن مسعود ، قال مرّ الملأ من قريش برسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده صهيب وبلال وعمار وخباب ، وغيرهم من ضعفاء المسلمين ، فقالوا يا محمد أرضيت بهؤلاء من قومك ؟ أهؤلاء الذين مَنَّ الله عليهم من بيننا ؟ أنحن نصير تبعاً لهؤلاء ؟ اطردهم ، فلعلك إن طردتهم أن نتبعك ، فنزلت هذه الآية { وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِىِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } { وَكَذٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ } إلى آخر الآية ، وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيد القطان ، حدثنا عمرو بن محمد العنقزي ، حدثنا أسباط بن نصر ، عن السدي ، عن أبي سعيد الأزدي - وكان قارئ الأزد - عن أبي الكنود ، عن خباب ، في قول الله عز وجل { وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِىِّ } قال جاء الأقرع بن حابس التميمي ، وعيينة بن حصن الفزاري ، فوجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع صهيب وبلال وعمار وخباب ، قاعداً في ناس من الضعفاء من المؤمنين ، فلما رأوهم حول النبي صلى الله عليه وسلم حقروهم في نفر في أصحابه ، فأتوه ، فخلوا به ، وقالوا إنا نريد أن تجعل لنا منك مجلساً تعرف لنا به العرب فضلنا فإن وفود العرب تأتيك فنستحي أن ترانا العرب مع هذه الأعبد ، فإذا نحن جئناك ، فأقمهم عنا ، فإذا نحن فرغنا ، فاقعد معهم إن شئت ، قال " نعم " ، قالوا فاكتب لنا عليك كتاباً ، قال فدعا بصحيفة ، ودعا علياً ليكتب ، ونحن قعود في ناحية ، فنزل جبريل فقال { وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ } الآية ، فرمى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصحيفة من يده ، ثم دعانا فأتيناه ، ورواه ابن جرير من حديث أسباط به ، وهذا حديث غريب ، فإن هذه الآية مكية ، والأقرع بن حابس وعيينة إنما أسلما بعد الهجرة بدهر ، وقال سفيان الثوري عن المقدام بن شريح عن أبيه ، قال قال سعد نزلت هذه الآية في ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم ابن مسعود ، قال كنا نستبق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وندنو منه ونسمع منه ، فقالت قريش تدني هؤلاء دوننا ؟ فنزلت { وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِىِّ } رواه الحاكم في مستدركه من طريق سفيان ، وقال على شرط الشيخين ، وأخرجه ابن حبان في صحيحه من طريق المقدام بن شريح به . وقوله { وَكَذٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ } أي ابتلينا واختبرنا وامتحنا بعضهم ببعض ، { لِّيَقُولوۤاْ أَهَـٰؤُلاۤءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ } وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان غالب من اتبعه في أول بعثته ضعفاء الناس من الرجال والنساء والعبيد والإماء ، ولم يتبعه من الأشراف إلا قليل ، كما قال قوم نوح لنوح { وَمَا نَرَاكَ ٱتَّبَعَكَ إِلاَّ ٱلَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِىَ ٱلرَّأْى } هود 27 الآية ، وكما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان حين سأله عن تلك المسائل ، فقال له فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم ؟ فقال بل ضعفاؤهم ، فقال هم أتباع الرسل ، والغرض أن مشركي قريش كانوا يسخرون بمن آمن من ضعفائهم ، ويعذبون من يقدرون عليه منهم ، وكانوا يقولون أهؤلاء مَنَّ الله عليهم من بيننا ؟ أي ما كان الله ليهدي هؤلاء إلى الخير لو كان ما صاروا إليه خيراً ، ويدعنا كقولهم { لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْهِ } الأحقاف 11 وكقوله تعالى { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءَايَـٰتُنَا بِيِّنَـٰتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ أَىُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً } مريم 73 قال الله تعالى في جواب ذلك { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِءْياً } مريم 74 وقال في جوابهم حين قالوا { أَهَـٰؤُلاۤءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ بِٱلشَّـٰكِرِينَ } أي أليس هو أعلم بالشاكرين له بأقوالهم وأفعالهم وضمائرهم ، فيوفقهم ويهديهم سبل السلام ، ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ، ويهديهم إلى صراط مستقيم ؟ كما قال تعالى { وَٱلَّذِينَ جَـٰهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ } العنكبوت 69 وفي الحديث الصحيح " إن الله لا ينظر إلى صوركم ، ولا إلى ألوانكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " وقال ابن جرير حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، عن حجاج ، عن ابن جريج ، عن عكرمة في قوله { وَأَنذِرْ بِهِ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ } الآية ، قال جاء عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، ومطعم بن عدي ، والحارث بن نوفل ، وقرظة بن عبد عمرو بن نوفل في أشراف من بني عبد مناف ، من أهل الكفر ، إلى أبي طالب ، فقالوا يا أبا طالب لو أن ابن أخيك محمداً يطرد عنه موالينا وحلفاءنا ، فإنما هم عبيدنا وعتقاؤنا ، كان أعظم في صدورنا ، وأطوع له عندنا ، وأدنى لاتباعنا إياه ، وتصديقنا له ، قال فأتى أبو طالب النبي صلى الله عليه وسلم فحدثه بذلك ، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لو فعلت ذلك حتى تنظر ما الذي يريدون ، وإلى ما يصيرون من قولهم ، فأنزل الله عز وجل هذه الآية { وَأَنذِرْ بِهِ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ } إلى قوله { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ بِٱلشَّـٰكِرِينَ } قال وكانوا بلالاً وعمار بن ياسر وسالماً مولى أبي حذيفة وصبيحاً مولى أسيد ، ومن الحلفاء ابن مسعود والمقداد بن عمرو ومسعود بن القارى ، وواقد بن عبد الله الحنظلي ، وعمرو بن عبد عمرو ، وذو الشمالين ، ومرثد ابن أبي مرثد ، وأبو مرثد الغنوي حليف حمزة بن عبد المطلب ، وأشباههم من الحلفاء ، فنزلت في أئمة الكفر من قريش والموالي والحلفاء { وَكَذٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِّيَقُولوۤاْ أَهَـٰؤُلاۤءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ } الآية ، فلما نزلت ، أقبل عمر رضي الله عنه ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فاعتذر من مقالته ، فأنزل الله عز وجل { وَإِذَا جَآءَكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بآيَـٰتِنَا } الآية . وقوله { وَإِذَا جَآءَكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ } أي فأكرمهم بردّ السلام عليهم ، وبشرهم برحمة الله الواسعة الشاملة لهم ، ولهذا قال { كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ } أي أوجبها على نفسه الكريمة تفضلاً منه وإحساناً وامتناناً ، { أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوۤءًا بِجَهَالَةٍ } قال بعض السلف كل من عصى الله فهو جاهل ، وقال معتمر بن سليمان عن الحكم بن أبان بن عكرمة ، في قوله { مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوۤءًا بِجَهَالَةٍ } قال الدنيا كلها جهالة ، رواه ابن أبي حاتم ، { ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ } أي رجع عما كان عليه من المعاصي ، وأقلع وعزم على أن لا يعود ، وأصلح العمل في المستقبل ، { فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } قال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن همام بن منبه ، قال هذا ما حدثنا أبو هريرة ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لما قضى الله الخلق ، كتب في كتاب ، فهو عنده فوق العرش إن رحمتي غلبت غضبي " أخرجاه في الصحيحين ، وهكذا رواه الأعمش عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، ورواه موسى بن عقبة عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، وكذا رواه الليث وغيره عن محمد بن عجلان ، عن أبيه عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، وقد روى ابن مردويه من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا فرغ الله من القضاء بين الخلق ، أخرج كتاباً من تحت العرش إن رحمتي سبقت غضبي ، وأنا أرحم الراحمين ، فيقبض قبضة أو قبضتين ، فيخرج من النار خلقاً لم يعملوا خيراً ، مكتوب بين أعينهم عتقاء الله " وقال عبد الرزاق أخبرنا معمر ، عن عاصم بن سليمان ، عن أبي عثمان النهدي ، عن سلمان في قوله { كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ } قال إنا نجد في التوراة عطفتين ، أن الله خلق السموات والأرض ، وخلق مائة رحمة ، أو جعل مائة رحمة قبل أن يخلق الخلق ، ثم خلق الخلق ، فوضع بينهم رحمة واحدة ، وأمسك عنده تسعاً وتسعين رحمة ، قال فبها يتراحمون ، وبها يتعاطفون ، وبها يتباذلون ، وبها يتزاورون ، وبها تحن الناقة ، وبها تَثَجُّ البقرة ، وبها تثغو الشاة ، وبها تتابع الطير ، وبها تتابع الحيتان في البحر ، فإذا كان يوم القيامة ، جمع الله تلك الرحمة إلى ما عنده ، ورحمته أفضل وأوسع ، وقد روي هذا مرفوعاً من وجه آخر ، وسيأتي كثير من الأحاديث الموافقة لهذه عند قوله { وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْءٍ } الأعراف 156 ومما يناسب هذه الآية من الأحاديث أيضاً ، قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل " أتدري ما حق الله على العباد ؟ أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً " ثم قال " أتدري ما حق العباد على الله إذا هم فعلوا ذلك ؟ أن لا يعذبهم " وقد رواه الإمام أحمد من طريق كميل بن زياد ، عن أبي هريرة رضي الله عنه .