Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 98-99)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى { وَهُوَ ٱلَّذِىۤ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَٰحِدَةٍ } يعني آدم عليه السلام كما قال { يَـٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً } النساء 1 وقوله { فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ } اختلفوا في معنى ذلك ، فعن ابن مسعود ، وابن عباس ، وأبي عبد الرحمن السلمي ، وقيس بن أبي حازم ، ومجاهد ، وعطاء ، وإبراهيم النخعي ، والضحاك ، وقتادة ، والسدي ، وعطاء الخراساني ، وغيرهم { فَمُسْتَقَرٌّ } أي في الأرحام ، قالوا ، أو أكثرهم { وَمُسْتَوْدَعٌ } أي في الأصلاب ، وعن ابن مسعود وطائفة عكسه ، وعن ابن مسعود أيضاً وطائفة فمستقر في الدنيا ، ومستودع حيث يموت ، وقال سعيد بن جبير فمستقر في الأرحام ، وعلى ظهر الأرض ، وحيث يموت ، وقال الحسن البصري المستقر الذي قد مات ، فاستقر به عمله ، وعن ابن مسعود ومستودع في الدار الآخرة ، والقول الأول أظهر ، والله أعلم . وقوله تعالى { قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَـٰتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ } أي يفهمون ويعون كلام الله ومعناه ، وقوله تعالى { وَهُوَ ٱلَّذِىۤ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً } أي بقدر ، مباركاً ورزقاً للعباد ، وإحياء وغياثاً للخلائق رحمة من الله بخلقه { فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَىْءٍ } كقوله { وَجَعَلْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ كُلَّ شَىْءٍ حَىٍّ } الأنبياء 30 { فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً } أي زرعاً وشجراً أخضر ، ثم بعد ذلك نخلق فيه الحب والثمر ، ولهذا قال تعالى { نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً } أي يركب بعضه بعضاً كالسنابل ونحوها ، { وَمِنَ ٱلنَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَٰنٌ } أي جمع قنو ، وهي عذوق الرطب { دَانِيَةٌ } أي قريبة من المتناول كما قال علي بن أبي طلحة الوالبي عن ابن عباس { قِنْوَٰنٌ دَانِيَةٌ } يعني بالقنوان الدانية قصار النخل اللاصقة عذوقها بالأرض ، رواه ابن جرير . قال ابن جرير وأهل الحجاز يقولون قِنْوان ، وقيس يقول قُنْوان ، قال امرؤ القيس @ فأتَّتْ أعاليه وآدَتْ أُصولُهُ ومالَ بقِنْوانٍ منَ البُسْرِ أَحْمَرا @@ وقال وتميم يقولون قُنْيَان ، بالياء . قال وهي جمع قِنْو ، كما أن صِنْوان جمع صِنْو ، وقوله تعالى { وَجَنَّـٰتٍ مِّنْ أَعْنَـٰبٍ } أي ونخرج منه جنات من أعناب ، وهذان النوعان هما أشرف الثمار عند أهل الحجاز ، وربما كانا خيار الثمار في الدنيا كما امتن الله بهما على عباده ، في قوله تعالى { وَمِن ثَمَرَٰتِ ٱلنَّخِيلِ وَٱلأَعْنَـٰبِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا } النحل 67 وكان ذلك قبل تحريم الخمر ، وقال { وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّـٰتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَـٰبٍ } يس 34 . وقوله تعالى { وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَـٰبِهٍ } قال قتادة وغيره متشابه في الورق والشكل ، قريب بعضه من بعض ، ومتخالف في الثمار شكلاً وطعماً وطبعاً ، وقوله تعالى { ٱنْظُرُوۤاْ إِلِىٰ ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ } أي نضجه ، قاله البراء بن عازب ، وابن عباس ، والضحاك ، وعطاء الخراساني ، والسدي ، وقتادة ، وغيرهم ، أي فكروا في قدرة خالقه من العدم إلى الوجود ، بعد أن كان حطباً ، صار عنباً ورطباً ، وغير ذلك مما خلق سبحانه وتعالى من الألوان والأشكال والطعوم والروائح ، كقوله تعالى { وَفِى ٱلأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَـٰوِرَٰتٌ وَجَنَّـٰتٌ مِّنْ أَعْنَـٰبٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَٰنٌ وَغَيْرُ صِنْوَٰنٍ يُسْقَىٰ بِمَآءٍ وَٰحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِى ٱلأُكُلِ } الرعد 4 الآية ، ولهذا قال ههنا { إِنَّ فِى ذٰلِكُمْ } أيها الناس { لآيَـٰتٍ } أي دلالات على كمال قدرة خالق هذه الأشياء وحكمته ورحمته { لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } أي يصدقون به ، ويتبعون رسله .