Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 72, Ayat: 11-17)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً عن الجن أنهم قالوا مخبرين عن أنفسهم { وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ } أي غير ذلك { كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَداً } أي طرائق متعددة مختلفة ، وآراء متفرقة ، قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد { كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَداً } أي منّا المؤمن ، ومنا الكافر . وقال أحمد بن سليمان النجاد في أماليه حدثنا أسلم بن سهل بحشل ، حدثنا علي بن الحسن بن سليمان ، وهو أبو الشعثاء الحضرمي شيخ مسلم ، حدثنا أبو معاوية قال سمعت الأعمش يقول تروح إلينا جني ، فقلت له ما أحب الطعام إليكم ؟ فقال الأرز ، قال فأتيناهم به ، فجعلت أرى اللقم ترفع ولا أرى أحداً ، فقلت فيكم من هذه الأهواء التي فينا ؟ قال نعم ، فقلت فما الرافضة فيكم ؟ قال شرنا . عرضت هذا الإسناد على شيخنا الحافظ أبي الحجاج المزِّي فقال هذا إسناد صحيح إلى الأعمش . وذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة العباس بن أحمد الدمشقي قال سمعت بعض الجن وأنا في منزل لي بالليل ينشد @ قُلوبٌ بَراها الحُبُّ حَتَّى تَعَلَّقَتْ مَذاهِبُها في كُل غَرْبٍ وشارِقِ تَهيمُ بِحُب اللّهِ واللّهُ رَبُّها مُعَلَّقَةً بِاللّهِ دُونَ الخَلائِقِ @@ وقوله تعالى { وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن نُّعْجِزَ ٱللَّهَ فِى ٱلأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَباً } أي نعلم أن قدرة الله حاكمة علينا ، وأنا لا نعجزه في الأرض ، ولو أمعنّا في الهرب ، فإنه علينا قادر ، لا يعجزه أحد منّا ، { وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا ٱلْهُدَىٰ ءَامَنَّا بِهِ } يفتخرون بذلك ، وهو مفخر لهم وشرف رفيع وصفة حسنة ، وقولهم { فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلاَ يَخَافُ بَخْساً وَلاَ رَهَقاً } قال ابن عباس وقتادة وغيرهما فلا يخاف أن ينقص من حسناته ، أو يحمل عليه غير سيئاته كما قال تعالى { فَلاَ يَخَافُ ظُلْماً وَلاَ هَضْماً } طه 112 { وَأَنَّا مِنَّا ٱلْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا ٱلْقَـٰسِطُونَ } أي منا المسلم ومنا القاسط ، وهو الجائر عن الحق ، الناكب عنه ، بخلاف المقسط فإنه العادل ، { فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَـٰئِكَ تَحَرَّوْاْ رَشَداً } أي طلبوا لأنفسهم النجاة ، { وَأَمَّا ٱلْقَـٰسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَباً } أي وقوداً تسعر بهم . وقوله تعالى { وَأَلَّوِ ٱسْتَقَـٰمُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَـٰهُم مَّآءً غَدَقاً لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } اختلف المفسرون في معنى هذا على قولين أحدهما وأن لو استقام القاسطون على طريقة الإسلام ، وعدلوا إليها ، واستمروا عليها ، { لأَسْقَيْنَـٰهُم مَّآءً غَدَقاً } أي كثيراً ، والمراد بذلك سعة الرزق ، كقوله تعالى { وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيهِمْ مِّن رَّبِّهِمْ لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم } المائدة 66 وكقوله تعالى { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوْاْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَـٰتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } الأعراف 96 وعلى هذا يكون معنى قوله { لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } أي لنختبرهم ، كما قال مالك عن زيد بن أسلم لنفتنهم لنبتليهم من يستمر على الهداية ممن يرتد إلى الغواية . ذكر من قال بهذا القول قال العوفي عن ابن عباس { وَأَلَّوِ ٱسْتَقَـٰمُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ } يعني بالاستقامة الطاعة ، وقال مجاهد { وَأَلَّوِ ٱسْتَقَـٰمُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ } قال الإسلام . وكذا قال سعيد بن جبير وسعيد بن المسيب وعطاء والسدي ومحمد بن كعب القرظي ، وقال قتادة { وَأَلَّوِ ٱسْتَقَـٰمُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ } يقول لو آمنوا كلهم ، لأوسعنا عليهم من الدنيا . وقال مجاهد { وَأَلَّوِ ٱسْتَقَـٰمُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ } أي طريقة الحق ، وكذا قال الضحاك ، واستشهد على ذلك بالآيتين اللتين ذكرناهما ، وكل هؤلاء أو أكثرهم قالوا في قوله { لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } أي لنبتليهم به . وقال مقاتل نزلت في كفار قريش حين منعوا المطر سبع سنين . والقول الثاني { وَأَلَّوِ ٱسْتَقَـٰمُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ } الضلال { لأَسْقَيْنَـٰهُم مَّآءً غَدَقاً } أي لأوسعنا عليهم الرزق استدراجاً كما قال تعالى { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَىْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوۤاْ أَخَذْنَـٰهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ } الأنعام 44 وكقوله { أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِى ٱلْخَيْرَٰتِ بَل لاَّ يَشْعُرُونَ } المؤمنون 55 ــــ 56 وهذا قول أبي مجلز لاحق بن حميد ، فإنه قال في قوله تعالى { وَأَلَّوِ ٱسْتَقَـٰمُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ } أي طريقة الضلالة ، رواه ابن جرير وابن أبي حاتم ، وحكاه البغوي عن الربيع بن أنس وزيد بن أسلم والكلبي وابن كيسان ، وله اتجاه ، ويتأيّد بقوله لنفتنهم فيه . وقوله { وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً } أي عذاباً مشقاً شديداً موجعاً مؤلماً ، قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وقتادة وابن زيد { عَذَاباً صَعَداً } أي مشقة لا راحة معها ، وعن ابن عباس جبل في جهنم ، وعن سعيد بن جبير بئر فيها .