Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 76, Ayat: 1-3)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى مخبراً عن الإنسان أنه أوجده بعد أن لم يكن شيئاً يذكر لحقارته وضعفه ، فقال تعالى { هَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَـٰنِ حِينٌ مِّنَ ٱلدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً } ؟ ثم بين ذلك فقال جل جلاله { إِنَّا خَلَقْنَا ٱلإِنسَـٰنَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ } أي أخلاط ، والمشج والمشيج الشيء المختلط بعضه في بعض ، قال ابن عباس في قوله تعالى { مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ } يعني ماء الرجل وماء المرأة إذا اجتمعا واختلطا ، ثم ينتقل بعد من طور إلى طور ، وحال إلى حال ، ولون إلى لون ، وهكذا قال عكرمة ومجاهد والحسن والربيع ابن أنس الأمشاج هو اختلاط ماء الرجل بماء المرأة . وقوله تعالى { نَّبْتَلِيهِ } أي نختبره كقوله جل جلاله { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } الملك 2 { فَجَعَلْنَـٰهُ سَمِيعاً بَصِيراً } أي جعلنا له سمعاً وبصراً يتمكن بهما من الطاعة والمعصية . وقوله جل وعلا { إِنَّا هَدَيْنَـٰهُ ٱلسَّبِيلَ } أي بيناه له ، ووضحناه وبصرناه به كقوله جل وعلا { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَـٰهُمْ فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ } فصلت 18 وكقوله جل وعلا { وَهَدَيْنَـٰهُ ٱلنَّجْدَينِ } البلد 10 أي بينا له طريق الخير وطريق الشر ، وهذا قول عكرمة وعطية وابن زيد ومجاهد في المشهور عنه ، والجمهور . وروي عن مجاهد وأبي صالح والضحاك والسدي أنهم قالوا في قوله تعالى { إِنَّا هَدَيْنَـٰهُ ٱلسَّبِيلَ } يعني خروجه من الرحم ، وهذا قول غريب ، والصحيح المشهور الأول . وقوله تعالى { إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً } منصوب على الحال من الهاء في قوله { إِنَّا هَدَيْنَـٰهُ ٱلسَّبِيلَ } تقديره فهو في ذلك إما شقي وإما سعيد كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي مالك الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كل الناس يغدو ، فبائع نفسه فموبقها ، أو معتقها " وقال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر عن ابن خثيم عن عبد الرحمن بن سابط عن جابر ابن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة " أعاذك الله من إمارة السفهاء " قال وما إمارة السفهاء ؟ قال " أمراء يكونون من بعدي ، لا يهتدون بهداي ، ولا يستنون بسنتي ، فمن صدقهم بكذبهم ، وأعانهم على ظلمهم ، فأولئك ليسوا مني ولست منهم ، ولا يردون على حوضي ، ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم ، فأولئك مني وأنا منهم ، وسيردون على حوضي . يا كعب بن عجرة الصوم جنة ، والصدقة تطفىء الخطيئة ، والصلاة قربات ــــ أو قال برهان ــــ يا كعب بن عجرة إنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت ، النار أولى به ، يا كعب الناس غاديان ، فمبتاع نفسه فمعتقها ، وبائع نفسه فموبقها " ورواه عن عفان عن وُهَيب عن عبد الله بن عثمان بن خثيم به . وقد تقدم في سورة الروم عند قوله جل جلاله { فِطْرَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِى فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا } الروم 30 من رواية جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كل مولود يولد على الفطرة حتى يعرب عنه لسانه ، فإذا أعرب عنه لسانه ، فإما شاكراً وإما كفوراً " وقال الإمام أحمد حدثنا أبو عامر ، حدثنا عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد عن المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما من خارج يخرج إلا ببابه رايتان راية بيد ملك ، وراية بيد شيطان ، فإن خرج لما يحب الله ، اتبعه الملك برايته ، فلم يزل تحت راية الملك حتى يرجع إلى بيته ، وإن خرج لما يسخط الله ، اتبعه الشيطان برايته ، فلم يزل تحت راية الشيطان حتى يرجع إلى بيته " .