Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 77, Ayat: 1-15)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا زكريا بن سهل المروزي ، حدثنا علي بن الحسن بن شقيق ، أخبرنا الحسين بن واقد ، حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة { وَٱلْمُرْسَلَـٰتِ عُرْفاً } قال الملائكة ، وروي عن مسروق وأبي الضحى ومجاهد في إحدى الروايات ، والسدي والربيع بن أنس مثل ذلك ، وروي عن أبي صالح أنه قال هي الرسل ، وفي رواية عنه أنها الملائكة ، وهكذا قال أبو صالح في العاصفات ، والناشرات ، والفارقات ، والملقيات ، أنها الملائكة . وقال الثوري عن سلمة بن كهيل عن مسلم البطين عن أبي العبيدين قال سألت ابن مسعود عن المرسلات عرفاً ، قال الريح ، وكذا قال في { فَٱلْعَـٰصِفَـٰتِ عَصْفاً وٱلنَّـٰشِرَٰتِ نَشْراً } إنها الريح ، وكذا قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وأبو صالح في رواية عنه ، وتوقف ابن جرير في { وَٱلْمُرْسَلَـٰتِ عُرْفاً } هل هي الملائكة إذا أرسلت بالعرف ، أو كعرف الفرس يتبع بعضهم بعضاً ، أو هي الرياح إذا هبت شيئاً فشيئاً ؟ وقطع بأن العاصفات عصفاً الرياح كما قاله ابن مسعود ومن تابعه ، وممن قال ذلك في العاصفات عصفاً أيضاً علي بن أبي طالب والسدي ، وتوقف في الناشرات نشراً ، هل هي الملائكة ، أو الريح ؟ كما تقدم . وعن أبي صالح أن الناشرات نشراً هي المطر ، والأظهر أن المرسلات هي الرياح كما قال تعالى { وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ } الحجر 22 وقال تعالى { وَهُوَ ٱلَّذِى يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْرىً بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ } الأعراف 57 وهكذا العاصفات هي الرياح ، يقال عصفت الرياح ، إذا هبت بتصويت ، وكذا الناشرات هي الرياح التي تنشر السحاب في آفاق السماء كما يشاء الرب عز وجل . وقوله تعالى { فَٱلْفَـٰرِقَـٰتِ فَرْقاً فَٱلْمُلْقِيَـٰتِ ذِكْراً عُذْراً أَوْ نُذْراً } يعني الملائكة . قاله ابن مسعود وابن عباس ومسروق ومجاهد وقتادة والربيع بن أنس والسدي والثوري ، ولا خلاف ههنا فإنها تنزل بأمر الله على الرسل ، تفرق بين الحق والباطل ، والهدى والغي ، والحلال والحرام ، وتلقي إلى الرسل وحياً فيه إعذار إلى الخلق ، وإنذار لهم عقاب الله إن خالفوا أمره . وقوله تعالى { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَٰقِعٌ } هذا هو المقسم عليه بهذه الأقسام ، أي ما وعدتم به من قيام الساعة ، والنفخ في الصور ، وبعث الأجساد ، وجمع الأولين والآخرين في صعيد واحد ، ومجازاة كل عامل بعمله ، إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر ، إن هذا كله لواقع ، أي لكائن لامحالة . ثم قال تعالى { فَإِذَا ٱلنُّجُومُ طُمِسَتْ } أي ذهب ضوءُها كقوله تعالى { وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتْ } التكوير 2 وكقوله تعالى { وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ } الانفطار 2 { وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ فُرِجَتْ } أي انفطرت وانشقت ، وتدلت أرجاؤها ، ووهت أطرافها . { وَإِذَا ٱلْجِبَالُ نُسِفَتْ } أي ذهب بها ، فلا يبقى لها عين ولا أثر كقوله تعالى { وَيَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّى نَسْفاً } طه 105 الآية . وقال تعالى { وَيَوْمَ نُسَيِّرُ ٱلْجِبَالَ وَتَرَى ٱلأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَـٰهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً } الكهف 47 وقوله تعالى { وَإِذَا ٱلرُّسُلُ أُقِّتَتْ } قال العوفي عن ابن عباس جمعت . وقال ابن زيد وهذه كقوله تعالى { يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ } المائدة 109 وقال مجاهد { أُقِّتَتْ } أجلت . وقال الثوري عن منصور عن إبراهيم { أُقِّتَتْ } أوعدت ، وكأنه يجعلها كقوله تعالى { وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلْكِتَـٰبُ وَجِـىءَ بِٱلنَّبِيِّيْنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِىَ بَيْنَهُم بِٱلْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } الزمر 64 . ثم قال تعالى { لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ لِيَوْمِ ٱلْفَصْلِ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } يقول تعالى لأي يوم أجلت الرسل ، وأرجىء أمرها ؟ حتى تقوم الساعة كما قال تعالى { فَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ ذُو ٱنتِقَامٍ يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَـٰوَٰتُ وَبَرَزُواْ للَّهِ ٱلْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } إبراهيم 47 ــــ 48 وهو يوم الفصل كما قال تعالى { لِيَوْمِ ٱلْفَصْلِ } ثم قال تعالى معظماً لشأنه { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } أي ويل لهم من عذاب الله غداً . وقد قدمنا في الحديث أن ويل واد في جهنم ، ولا يصح .