Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 79, Ayat: 15-26)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم عن عبده ورسوله موسى عليه السلام أنه ابتعثه إلى فرعون ، وأيده الله بالمعجزات ، ومع هذا استمر على كفره وطغيانه حتى أخذه الله أخذ عزيز مقتدر ، وكذلك عاقبة من خالفك وكذب بما جئت به ، ولهذا قال في آخر القصة { إِنَّ فِى ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ } فقوله تعالى { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ } أي هل سمعت بخبره { إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ } أي كلمه نداء { بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ } أي المطهر { طُوًى } وهو اسم الوادي على الصحيح كما تقدم في سورة طه ، فقال له { ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } أي تجبر وتمرد وعتا { فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ } أي قل له هل لك أن تجيب إلى طريقة ومسلك تزكى به وتسلم وتطيع ؟ { وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ } أي أدلك إلى عبادة ربك { فَتَخْشَىٰ } أي فيصير قلبك خاضعاً له مطيعاً خاشعاً بعدما كان قاسياً خبيثاً بعيداً من الخير { فَأَرَاهُ ٱلأَيَةَ ٱلْكُبْرَىٰ } يعني فأظهر له موسى مع هذه الدعوة الحق حجة قوية ، ودليلاً واضحاً على صدق ما جاءه به من عند الله ، { فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ } أي فكذب بالحق ، وخالف ما أمره به من الطاعة ، وحاصله أنه كفر قلبه ، فلم ينفعل لموسى بباطنه ولا بظاهره ، وعلمه بأن ما جاء به حق لا يلزم منه أنه مؤمن به لأن المعرفة علم القلب ، والإيمان عمله ، وهو الانقياد للحق والخضوع له . وقوله تعالى { ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَىٰ } أي في مقابلة الحق بالباطل ، وهو جمعه السحرة ليقابلوا ما جاء به موسى عليه السلام من المعجزات الباهرات { فَحَشَرَ فَنَادَىٰ } أي في قومه ، { فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } قال ابن عباس ومجاهد وهذه الكلمة قالها فرعون بعد قوله ما علمت لكم من إله غيري بأربعين سنة ، قال الله تعالى { فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلأَخِرَةِ وَٱلأُوْلَىٰ } أي انتقم الله منه انتقاماً جعله به عبرة ونكالاً لأمثاله من المتمردين في الدنيا { وَيَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ بِئْسَ ٱلرِّفْدُ ٱلْمَرْفُودُ } هود 99 كما قال تعالى { وَجَعَلْنَـٰهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَيَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ لاَ يُنصَرُونَ } القصص 41 وهذا هو الصحيح في معنى الآية أن المراد بقوله { نَكَالَ ٱلأَخِرَةِ وَٱلأُوْلَىٰ } أي الدنيا والآخرة ، وقيل المراد بذلك كلمتاه الأولى والثانية ، وقيل كفره وعصيانه ، والصحيح الذي لا شك فيه الأول ، وقوله { إِنَّ فِى ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ } أي لمن يتعظ وينزجر .