Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 79, Ayat: 27-33)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى محتجاً على منكري البعث في إعادة الخلق بعد بدئه { ءَأَنتُمْ } أيها الناس { أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ ٱلسَّمَآءُ } يعني بل السماء أشد خلقاً منكم كما قال تعالى { لَخَلْقُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ } غافر 57 وقال تعالى { أَوَلَـيْسَ ٱلَذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضَ بِقَـٰدِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَىٰ وَهُوَ ٱلْخَلَّـٰقُ ٱلْعَلِيمُ } يس 81 وقوله تعالى { بَنَـٰهَا } فسره بقوله { رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا } أي جعلها عالية البناء ، بعيدة الفناء ، مستوية الأرجاء ، مكللة بالكواكب في الليلة الظلماء ، وقوله تعالى { وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَـٰهَا } أي جعل ليلها مظلماً أسود حالكاً ، ونهارها مضيئاً مشرقاً نيراً واضحاً ، وقال ابن عباس أغطش ليلها أظلمه ، وكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وجماعة كثيرون { وَأَخْرَجَ ضُحَـٰهَا } أي أنار نهارها . وقوله تعالى { وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَـٰهَا } فسره بقوله تعالى { أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَـٰهَا } وقد تقدم في سورة حم السجدة أن الأرض خلقت قبل خلق السماء ، ولكن إنما دحيت بعد خلق السماء ، بمعنى أنه أخرج ما كان فيها بالقوة إلى الفعل ، وهذا معنى قول ابن عباس وغير واحد ، واختاره ابن جرير . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي ، حدثنا عبيد الله ، يعني ابن عمرو ، عن زيد بن أبي أنيسة عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس { دَحَـٰهَا } ودحيُها أن أخرج منها الماء والمرعى ، وشقق فيها الأنهار ، وجعل فيها الجبال والرمال ، والسبل والآكام ، فذلك قوله { وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَـٰهَا } وقد تقدم تقرير ذلك هنالك . وقوله تعالى { وَٱلْجِبَالَ أَرْسَـٰهَا } أي قررها وأثبتها وأكدها في أماكنها ، وهو الحكيم العليم ، الرؤوف بخلقه الرحيم . وقال الإمام أحمد حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا العوام بن حوشب عن سليمان بن أبي سليمان عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لما خلق الله الأرض ، جعلت تميد ، فخلق الجبال فألقاها عليها ، فاستقرت ، فتعجبت الملائكة من خلق الجبال ، فقالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الجبال ؟ قال نعم ، الحديد ، قالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الحديد ؟ قال نعم ، النار ، قالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من النار ؟ قال نعم ، الماء ، قالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الماء ؟ قال نعم ، الريح ، قالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الريح ؟ قال نعم ، ابن آدم ، يتصدق بيمينه يخفيها عن شماله " وقال أبو جعفر بن جرير حدثنا ابن حميد ، حدثنا جرير عن عطاء عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال لما خلق الله الأرض ، قمصت وقالت تخلق عليّ آدم وذريته يلقون عليّ نتنهم ، ويعملون عليّ بالخطايا ، فأرساها الله بالجبال ، فمنها ما ترون ، ومنها ما لا ترون ، وكان أول قرار الأرض كلحم الجزور إذا نحر يختلج لحمه . غريب جداً . وقوله تعالى { مَتَـٰعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَـٰمِكُمْ } أي دحا الأرض فأنبع عيونها ، وأظهر مكنونها ، وأجرى أنهارها ، وأنبت زروعها وأشجارها وثمارها . وثبت جبالها لتستقر بأهلها ويقر قرارها ، كل ذلك متاعاً لخلقه ولما يحتاجون إليه من الأنعام التي يأكلونها ويركبونها مدة احتياجهم إليها في هذه الدار ، إلى أن ينتهي الأمد وينقضي الأجل .