Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 30-31)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهذا إغراء من الله تعالى للمؤمنين على قتال الكفار من اليهود ، والنصارى لمقالتهم هذه المقالة الشنيعة والفرية على الله تعالى ، فأما اليهود فقالوا في العزير إنه ابن الله ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ، وذكر السدي وغيره أن الشبهة التي حصلت لهم في ذلك أن العمالقة لما غلبت على بني إسرائيل ، فقتلوا علماءهم ، وسبوا كبارهم ، بقي العزير يبكي على بني إسرائيل وذهاب العلم منهم حتى سقطت جفون عينيه ، فبينما هو ذات يوم ، إذ مر على جبانة ، وإذا امرأة تبكي عند قبر ، وهي تقول وامطعماه واكاسياه فقال لها ويحك من كان يطعمك قبل هذا ؟ قالت الله ، قال فإن الله حي لا يموت ، قالت يا عزير فمن كان يعلم العلماء قبل بني إسرائيل ؟ قال الله . قالت فلم تبكي عليهم ؟ فعرف أنه شيء قد وعظ به . ثم قيل له اذهب إلى نهر كذا ، فاغتسل منه ، وصل هناك ركعتين ، فإنك ستلقى هناك شيخاً ، فما أطعمك فكله ، فذهب ففعل ما أمر به ، فإذا الشيخ ، فقال له افتح فمك ، ففتح فمه فألقى فيه شيئاً كهيئة الجمرة العظيمة ثلاث مرات ، فرجع عزير وهو من أعلم الناس بالتوراة ، فقال يا بني إسرائيل قد جئتكم بالتوراة ، فقالوا يا عزير ما كنت كذاباً ، فعمد فربط على أصبع من أصابعه قلماً ، وكتب التوراة بأصبعه كلها ، فلما تراجع الناس من عدوهم ، ورجع العلماء ، أخبروا بشأن عزير ، فاستخرجوا النسخ التي كانوا أودعوها في الجبال ، وقابلوها بها ، فوجدوا ما جاء به صحيحاً ، فقال بعض جهلتهم إنما صنع هذا لأنه ابن الله . وأما ضلال النصارى في المسيح فظاهر ، ولهذا كذب الله سبحانه الطائفتين فقال { ذٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَٰهِهِمْ } أي لا مستند لهم فيما ادعوه سوى افترائهم واختلاقهم { يُضَـٰهِئُونَ } أي يشابهون { قَوْلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ } أي من قبلهم من الأمم ضلوا كما ضل هؤلاء { قَـٰتَلَهُمُ ٱللَّهُ } قال ابن عباس لعنهم الله { أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } أي كيف يضلون عن الحق وهو ظاهر ، ويعدلون إلى الباطل ؟ وقوله { ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَـٰرَهُمْ وَرُهْبَـٰنَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ } روى الإمام أحمد والترمذي وابن جرير من طرق عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه لما بلغته دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فر إلى الشام ، وكان قد تنصر في الجاهلية ، فأسرت أخته وجماعة من قومه ، ثم منّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أخته ، وأعطاها ، فرجعت إلى أخيها ، فرغبته في الإسلام وفي القدوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم عدي إلى المدينة ، وكان رئيساً في قومه طيء ، وأبوه حاتم الطائي المشهور بالكرم ، فتحدث الناس بقدومه ، فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنق عدي صليب من فضة ، وهو يقرأ هذه الآية { ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَـٰرَهُمْ وَرُهْبَـٰنَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ } قال فقلت إنهم لم يعبدوهم ، فقال " بلى إنهم حرموا عليهم الحلال ، وأحلوا لهم الحرام ، فاتبعوهم ، فذلك عبادتهم إياهم " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا عدي ما تقول ؟ أيضرك أن يقال الله أكبر ؟ فهل تعلم شيئاً أكبر من الله ؟ ما يضرك ؟ أيضرك أن يقال لا إله إلا الله ؟ فهل تعلم إلهاً غير الله ؟ " ثم دعاه إلى الإسلام ، فأسلم وشهد شهادة الحق . قال فلقد رأيت وجهه استبشر ، ثم قال " إن اليهود مغضوب عليهم ، والنصارى ضالون " وهكذا قال حذيفة بن اليمان وعبد الله بن عباس وغيرهما في تفسير ، { ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَـٰرَهُمْ وَرُهْبَـٰنَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ } إنهم اتبعوهم فيما حللوا وحرموا ، وقال السدي استنصحوا الرجال ، ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم ، ولهذا قال تعالى { وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُوۤاْ إِلَـٰهاً وَٰحِداً } أي الذي إذا حرم الشيء فهو الحرام ، وما حلله فهو الحلال ، وما شرعه اتبع ، وما حكم به نفذ { لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَـٰنَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي تعالى وتقدس وتنزه عن الشركاء والنظراء ، والأعوان والأضداد والأولاد ، لا إله إلا هو ، ولا رب سواه .