Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 5-5)
Tafsir: Aysar at-tafāsīr: tafsīr, asbāb nuzūl, aḥādīṯ, namāḏiǧ iʿrāb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
( 5 ) - فَإِذَا حَانَ وَقْتُ العِقَابِ ، عَلَى إِفْسَادِهِمْ فِي الأَرْضِ فِي المَرَّةِ الأُوْلَى ، سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمْ عِبَاداً مُؤْمِنِينَ مِنْ خَلْقِهِ ، ذَوِي بَطْشٍ شَدِيدٍ فِي الحُرُوبِ ، فَقَهَرُوا بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَتَرَدَّدُوا خِلاَلَ بُيُوتِهِمْ وَمَساكِنِهِمْ لاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً ، وَلاَ يَخَافُونَ عَلَيْهِمْ رِدَّةً . وَكَانَ وَعْدُ اللهِ وَمَا قَضَاهُ كَائِناً لاَ بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ ، كَمَا قَضَى اللهُ وَأَعْلَمَ . وَقَدْ وَرَدَتْ أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ حَوْلَ ( العِبَادِ ) الَّذِينَ سَيُسَلِّطُهُمُ اللهُ تَعَالَى عَلَى بَني إِسْرَائِيلَ وَكُلُّهَا تَجْعَلُ هؤُلاءِ مِنَ الأَقْوَامِ البَائِدَةِ ( الآشُورِيِّينَ وَالكِلْدَانِيِّينَ وَالرُّومَانِ … ) عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّ تِلْكَ الأَقْوَامَ سَبَقَ لَهَا أَنْ أَذَاقَتْ بَنِي إِسْرَائِيلَ الوَيْلاَتَ ، وَدَمَّرَتْ مُلْكَهُمْ ، وَشَرَّدَتْهُمْ فِي الأَرْضِ . وَلَكِّنَ الأُسْتَاذَ مُحَمَّد مُتْوَلِّي الشِّعْرَاوِيَّ يَرَى أَنَّ العِبَادَ الَّذِينَ عَنَاهُمُ النَّصُّ هُمُ المُسْلِمُونَ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنْ شُعُوبِ الأَرْضِ . وَيُدَعِّمُ رَأْيَهُ بِمَا خُلاَصَتُهُ : أ - اسْتَعْمَلَتِ الآيَةُ تَعْبِيرَ ( فَإِذَا جَاءَ ) ؛ ( وَإِذا ) ظَرَفٌ لِمَا يُسْتَقْبَلُ مِنَ الزَّمَانِ ، يَعْنِي أَنَّ الفِعْلَ المَحْكِيَّ عَنْهُ سَيَحْدُثُ بَعْدَ القَوْلِ الذِي تَضَمَّنَ لَفْظَةَ ( إِذا جَاءَ ) . وَهَذا يَعْنِي أَنَّ الأَمْرَ الذِي قَضَاهُ اللهُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ سَيَقَعُ بَعْدَ نُزُولِ الآيَةِ القُرْآنِيَّةِ التِي أَشَارَتْ إِلَى مَا قَضَاهُ اللهُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقاً بِحَادِثٍ وَقَعَ قَبْلَهَا . ب - اسْتَعْمَلَتِ الآيَةُ عِبَارَةَ ( عِبَاداً لَنَا ) . وَعِبَادُ اللهِ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ ، فِي التَّعْبِيرِ القُرآني تَعْنِي أَنَّ القَوْمَ الذِينَ سَيُسَلِّطُهُمُ اللهُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ هُمْ مِنْ أَهْلِ الإِيمَانِ بِاللهِ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَبِجَمِيعِ مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كُتُبٍ ، وَمَنْ أَرْسَلَ مِنْ رُسُلٍ وَأَنْبِيَاء لِهِدَايَةِ البَشَرِ ، وَلَيسَ فِي الأَرْضِ اليَوْمَ مَنْ تَجْتَمِعُ فِيهِمْ هذِهِ الأَوْصَافُ غَيْرُ المُسْلِمِينَ . كَمَا أَنَّ الأُمَمَ الخَالِيَةَ لَمْ يَكُنْ بَيْنَها مَنْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ عَنْهَا إِنَها مِنْ أَهْلِ الإِيمَانِ الخَالِصِ . جـ - إِنَّ العِبَادَ الَّذِينَ سَيُسَلِّطُهُمُ اللهُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ هُمْ أَنْفُسُهُمْ فِي المَرَّتَيْنِ ، وَإِنَّ اليَهُودَ سَيَتَغَلَّبُونَ عَلَى هؤُلاَءِ العِبَادِ بَعْدَ المَرَّةِ الأًُولَى ، ثُمَّ يَرُدُّ اللهُ تَعالى الكَرَّةَ لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى بَني إِسْرَائِيلَ ، بَعْدَ أَنْ يُمْعِنَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَسَاداً فِي الأَرْضِ وَطُغْيَاناً . وَلَمْ يَبْقَ مِنَ الأُمَمِ الخَالِيَةِ بَقِيَّةٌ يُمْكِنُ أَنْ تُنْسَبَ إِلَى أَسْلاَفِهَا المُؤْمِنِينَ أَيضاً لِتَقُومَ عَنْهُمْ بِالانْتِقَامِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ غَيْرُ أَهْلِ الإِسْلاَمِ . وَيَرَى الأُسْتَاذُ مُحَمَّد مُتْوَلِّي الشَّعْرَاوِيّ أَنَّ اليَهُودَ كَانَ لَهُمْ سُلْطَانٌ فِي الجَزِيرَةِ العَرَبِيَّةِ فَأَكْثَرُوا الفَسَادَ زَمَنَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم ، وَتَآمَرُوا عَلَى الرَّسُولِ وَالمُسْلِمِينَ ، وَحَادُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ ، وأَلَّبُوا المُشْرِكِينَ عَلَى الرَّسُولِ وَالمُسْلِمِينَ ، فَسَلَّطَ اللهُ المُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ ، فَقَتَلُوا بَعْضَهُمْ ، وَأَخْرَجُوا البَاقِينَ مِنْ دِيَارِهِمْ ، وَلَمْ يَجْعَلِ اللهُ تَعَالَى فِي النَّصِّ قَهْرَ اليَهُودِ فِي المَرَّةِ الأُوْلَى مِنْ قِبَلِ عِبَادِ اللهِ مُتَلازِماً مَعَ دُخُولِ هؤُلاءِ العِبَادِ المَسْجِدَ الأَقْصَى ، وَلاَ بِحُدُوثِ ذلِكَ فِي أَرْضِ فِلَسْطِينَ . وَفِي الحَقِيقَةِ إِنَّ المَسْجِدَ الأَقْصَى كَانَ ، حِينَمَا قَهَرَ المُسْلِمُونَ اليَهُودَ فِي الجَزِيرَةِ العَرَبِيَّةِ ، تَحْتَ حُكْمِ الرُّومَانِ ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْيَهُودِ فِي فِلَسْطِينَ سُلْطَانٌ وَلاَ كَيَانٌ مُتَمَيِّزٌ فِي ذَلِكَ الحِينِ . ثُمَّ يَبْتَعِدُ المُسْلِمُونَ عَنْ دِينِهِمْ ، وَيَتْرُكُونَ الأَخْذَ بِشَرِيعَتِهِمْ ، وَتَتَفَرَّقُ كَلِمَتُهُمْ ، فَيُدِيلُ اللهُ لِلْيَهُودِ عَلَيْهِمْ ، بَعْدَ أَنْ يُمِدَّهُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ ، وَيَجْعَلَهُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً مِنْهُمْ فِي المَرَّةِ الأُوْلَى . ثُمَّ يَسْتَسْلِمُ اليَهُودُ إِلى الإِفْسَادِ فِي الأَرْضِ ، وَيَرْجِعُونَ إِلَى مَسْلَكِهِمْ القَدِيمِ فِي الإِسَاءَةِ إِلَى عِبَادِ اللهِ ، وَيَسْتَطِيلُونَ عَلَى مَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ المُسْلِمِينَ ، فَيَعُودُ المُسْلِمُونَ إِلَى دِينِهِمْ ، فَتَتَّحِدُ كَلِمَتُهُمْ ، وَيَجْمَعُونَ قُوَاهُمْ ، وَيُهَاجِمُونَ اليَهُودَ لِيَنْتَقِمُوا مِنْهُمْ فَيَقْهَرُونَهُمْ ، وَيَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ المَسْجِدَ الأَقْصَى لاَ يُنَازِعُهُمْ فِي دُخُولِهِمْ إِلَيْهِ مُنَازِعٌ ( كَمَا وَقَعَ لَهُمْ فِي المَرَّةِ الأُوْلَى بَعْدَ أَنِ احْتَلُّوا فِلَسْطِينَ وَطَرَدُوا الرُّومَانَ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ أَخْرَجُوا اليَهُودَ مِنَ الجَزِيرَةِ العَرَبِيَّةِ ) ، وَيُدَمِّرُونَ مَا يَمْلِكُهُ اليَهُودُ تَدْمِيراً شَامِلاً . وَإِذَا أَضَفْنَا إِلى حُجَجِ الأُسْتَاذِ شَعْرَاوِي المُسْتَوْحَاةِ مِنَ النَّصِّ القُرْآنِيِّ الكَرِيمِ حَدِيثاً لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ( رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ ) عَنْ مُسْتَقْبَلِ العِلاَقَاتِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ وَاليَهُودِ ، وَمَا سَيَكُونُ مِنَ المُسْلِمِينَ مِنْ قَتْلِ اليَهُودِ قَتْلاً ذَرِيعاً لاَ يَبْقُونَ فِيهِ وَلاَ يَذَرُونَ ، نَجِدُ أَنَّ الرَّأْيَ الذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ أُسْتَاذُنا الجَلِيلُ يَقُومُ عَلَى سَنَدٍ مَتِينٍ . وَالحَدِيثُ الذِي رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ هُوَ التَّالِي : " لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ المُسْلِمُونَ اليَهُودَ فَيَقْتُلُهُمْ المُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِيءَ اليَهُودِيُّ وَرَاءَ الحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الحَجَرُ وَالشَّجَرُ يَا عَبْدَ اللهِ هَذا يَهُودِيٌّ خَلْفِي تَعَالَ فَاقْتُلْهُ ، إِلاَّ الغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ اليَهُودِ " ( صَدَقَ رَسُولُ اللهِ ) .