Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 152-152)

Tafsir: Aysar at-tafāsīr: tafsīr, asbāb nuzūl, aḥādīṯ, namāḏiǧ iʿrāb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَصَّاكُمْ } ( 152 ) - وَيُتَابِعُ اللهَ تَعَالَى ، فِي هذِهِ الآيَةِ ، بَيَانَ مَا أَوْصَى بِهِ النَّاسَ ، وَمَا حَرَّمَهُ عَلَيْهِمْ ، فَيَقُولُ تَعَالَى : وَمِمَّا أَوْصَى بِهِ النَّاسَ : أَلاَّ يَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ ، إِذَا وُلُّوا أَمْرَهُ ، أَوْ تَعَامَلُوا مَعَهُ ، إِلاَّ بِالطَّرِيقَةِ الحَسَنَةِ ( إِلاَّ بِالتِي هِيَ أَحْسَنُ ) التِي تَحْفَظُ مَالَهُ ، وَتُثَمِّرُهُ ، وَتُرَجِّحُ مَصْلَحَتَهُ ، وَأَنْ يُنْفِقُوا عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ فِي سَبِيلِ تَرْبِيَتِهِ وَتَعْلِيمِهِ ، وَأَنْ يَسْتَمِرَّ ذَلِكَ حَتَّى يَبْلُغَ اليَتِيمُ سِنَّ الرُّشْدِ ، وَالقُوَّةِ وَالقُدّرَةِ عَلَى الإِدْرَاكِ وَالتَّصَرُّفِ . وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى المُسْلِمِينَ ، فَأَخَذُوا فِي عَزْلِ مَالِ اليَتِيمِ وَطَعَامِهِ ، عَنْ مَالِهِمْ ، فَكَانَ طَعَامُ اليَتِيمِ يَفْسُدُ ، لاَ يَمَسُّهُ أَحَدٌ مِمَّنْ هُوَ عِنْدَهُمْ . فَشَكَوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى قَوْلَهُ { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْيَتَامَىٰ قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ } فَاللهُ تَعَالَى يَأْمُرُ النَّاسَ بِمُرَاعَاةِ مَصْلَحَةِ اليَتِيمِ ، وَالعِنَايَةِ بِمَالِهِ ، وَعَدَمِ التَّصَرُّفِ فِيهِ إِلاَّ بِالتِي هِيَ أَحْسَنُ ، وَيُحَذِّرُهُمْ تَعَالَى مِنَ التَّجَاوُزِ عَلَى مَالِ اليَتِيمِ . وَيَقُولُ تَعَالَى : إنَّ مِمَّا أَوْصَى بِهِ النَّاسَ أَيْضاً : إِيفَاءَ الكَيْلِ وَالمِيْزَانِ عِنْدَ البَيْعِ وَالشِّرَاءِ ، وَعدمَ غَمْطِ النَّاسِ حُقُوقَهُمْ وَاللهُ تَعَالَى يَدْعُو المُؤْمِنَ أَنْ يَبْلُغَ جُهْدَهُ فِي أَدَاءِ ذَلِكَ ، فَإِذَا بَلَغَ جُهْدَهُ ، وَعَمِلَ مَا فِي وُسْعِهِ ، يَكُونُ قَدْ قَامَ بِأَمْرِ اللهِ ، وَلاَ حَرَجَ عَلَيْهِ إِنْ أَخَطَأَ بَعْدَ ذَلِكَ ، لأَِنَّ اللهَ لاَ يُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها ، وَقَدرَ طَاقَتِهَا . وَيَقُولُ تَعَالَى : إنَّ مِمَّا وَصَّى بِهِ النَّاسَ أَيْضاً العَدْلَ فِي القَوْلِ واَلفِعْلِ لِكُلِّ وَاحِدٍ فِي كُلِّ وَقْتٍ ، وَفِي كُلِّ حَالٍ : فِي الشَّهَادَةِ وَفِي الحُكْمِ وَفِي الكَيْلِ وَالمِيْزَانِ ، وَلَوْ كَانَ الأَمْرُ يَتَعَلَّقُ بِقَريبٍ ، فَإِنَّ القَرَابَةَ وَالصَّدَاقَةَ يَجِبُ ألاَّ تَصْرِفَا الإِنْسَانَ عَنْ قَوْلِ الحَقِّ ، وَعَنِ العَدْلِ فِيهِ . كَمَا يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ بِالوَفَاءِ بِعَهْدِ اللهِ ، وَالقِيَامِ بِطَاعَتِهِ ، فِيمَا أَمَرَ وَنَهَى ، وَفِيمَا عَاهَدُوا النَّاسَ عَلَيْهِ . وَهَذَا مَا أَوْصَى بِهِ اللهُ المُؤْمِنينَ ، وَأَمَرَهُمْ بِهِ ، وَأَكَّدَ عَلَيهِ . وَيَقُولُ تَعَالَى : إذَا اجْتَهَدْتُمْ بِالوَفَاءِ بِمَا أَمَرَ اللهُ ، وَتَوَاصَيْتُمْ بِالمَعْرُوفِ وَتَنَاهَيْتُمْ عَنِ المُنْكَرِ ، فَلَعَلَّكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ تَتَّعِظُونَ ، وَتَنْتَهُونَ عَمَّا كُنْتُمْ فِيهِ مِنَ الضَّلاَلِ . حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ - حَتَّى يَبْلُغَ اسْتِحْكَامَ قُوَّتِهِ وَيَرْشُدَ . بِالقِسْطِ - بِالعَدْلِ دُونَ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ . وُسْعَهَا - طَاقَتَهَا ، وَمَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ .