Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 15-20)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا } قتادة : يعني مشركي مكة ، مقاتل : هم خمسة نفر : عبد الله بن أُمية المخزومي والوليد بن المغيرة ومكرز بن حفص ، وعمرو بن عبد الله بن أبي قيس العامري ، والعاص بن عامر بن هاشم . قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم { ٱئْتِ بِقُرْآنٍ } ليس فيه ترك عبادة اللات والعزى ومناة وهبل وليس فيه عنهما أي { بَدِّلْهُ } تكلم به من تلقاء نفسك . وقال الكلبي : نزلت في المستهزئين ، قالوا : يا محمد ائت بقرآن غيره [ ليس فيه ما يغيظنا ، أو بدّله ] فاجعل مكان آية عذاب آية رحمة أو آية رحمة آية عذاب أو حرام حلالا أو حلال حراماً { قُلْ } لهم يا محمد { مَا يَكُونُ لِيۤ أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نَفْسِي } من قبل نفسي ومن عندي { ۤ إِنْ أَتَّبِعُ } ما أطيع فيما آمركم وأنهاكم { إِلاَّ مَا يُوحَىۤ إِلَيَّ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قُل لَّوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ } أعلمكم { بِهِ } وقرأ الحسن : ولا أدراتكم به ، وهي لغة بني عقيل يحولون الياء ألفاً فيقولون : أعطأت بمعنى أعطيت ، ولبأت بمعنى لبّيت وجاراة وناصاة للجارية والناصية . فأنشد المفضل : @ لقد أذنت أهل اليمامة طيّ بحرب كناصاة الأغر المشهر @@ وقال زيد الخيل : @ لعمرك ما أخشى التصعلك ما بقا على الأرض قيسيّ يسوق الأباعرا @@ أي ما بقي ، وقال آخر : @ زجرت فقلنا لا نريع لزاجر إن الغويّ إذا نَها لم يعتب @@ أي نهى . وروى البري عن ابن كثير ولادراكم بالقصر على الإيجاب يريد : ولا عملكم به من غير قراءتي عليكم . وقرأ ابن عباس : ولا أدراتكم من الإنذار ، وهي قراءة الحسن { فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً } حيناً وهو أربعون سنة { مِّن قَبْلِهِ } من قبل نزول القرآن ولم آتكم بشيء { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } انه ليس من قبلي . قال ابن عباس : نبّيء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعون سنة وأقام بمكة ثلاثة عشرة وبالمدينة عشرة وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } فزعم أنه له شريكاً أو صاحبة أو ولداً { أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ } محمد والقرآن { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْمُجْرِمُونَ } لا يأمن ولا ينجو المشركون { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ } إن عصوه { وَلاَ يَنفَعُهُمْ } أن أطاعوه يعني الأصنام { وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلاۤءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ } تخبرون { ٱللَّهَ } قرأه العامة : بالتشديد ، وقرأ أبو الشمال العدوي : أتُنبئون بالتخفيف وهما لغتان . نبأ ينبئ بنية ، وأنبأني إنباءً بمعنى فاعل جمعها . قوله تعالى : { قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَـٰذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْخَبِيرُ } [ التحريم : 3 ] { بِمَا لاَ يَعْلَمُ } بما لا يعلم الله تعالى صحته وحقيقته ولا يكون { فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } ومعنى الآية : أتخبرون الله أنّ له شريكاً أو عنده شفيعاً بغير إذنه ولا يعلم الله أنّ له شريكاً في السماوات { وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } لأنه لا شريك له فلذلك لا يعلمه نظيره قوله عزّ وجلّ : { أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلأَرْضِ } [ الرعد : 33 ] . ثم نزّه نفسه فقال : { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } قرأ يحيى بن ثابت والأعمش وأبو حمزة والكسائي وخلف : تشركون بالتاء هاهنا وفي سورة النحل والروم ، وهو اختيار أبي عبيد للمخاطبة التي قبلها ، وقرأ الباقون كلها بالياء ، واختارها أبو حاتم ، وقال : كذلك تعلمناها . { وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً } على ملة واحدة الإسلام دين آدم ( عليه السلام ) إلى أن قتل أحد ابني آدم أخاه فاختلفوا . قاله مجاهد والسدي . قال ابن عباس : كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق فاختلفوا على عهد نوح فبعث الله إليهم نوحاً ، وقيل : كانوا أمة واحدة مجتمعة على التوحيد يوم الميثاق . وقيل : أهل سفينة نوح ، وقال أبو روق : كانوا أمة واحدة على ملّة الإسلام زمن نوح ( عليه السلام ) بعد الغرق ، وقال عطاء : كانوا على دين واحد الإسلام من لدن إبراهيم ( عليه السلام ) إلى أن غيّره عمرو بن يحيى ، عطاء : يدلّ على صحة هذه التأويلات قراءة عبد الله : { وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَٱخْتَلَفُوا } ، وقال الكلبي : وما كان الناس إلاّ أمة واحدة كافرة على عهد إبراهيم فاختلفوا فتفرقوا ، مؤمن وكافر . { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ } بأن جعل للدنيا مدة لكل أمة أجلا لا تتعدى ذلك ، قال أبو روق وقال الكلبي : هي أن الله أخّر هذه الأمة ولا يهلكهم بالعذاب في الدنيا ، وقيل : هي أنه لا يأخذ إلاّ بعد إقامة الحجة . وقال الحسن ، ولولا كلمة سبقت من ربك مضت في حكمه أنه لا يقضي فيهم فيما اختلفوا فيه بالثواب والعقاب دون القيامة . { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } في الدنيا فأدخل المؤمنين الجنة بأعمالهم والكافرين في النار بكفرهم ولكنه سبق من الله الأجل فجعل موعدهم يوم القيامة . وقال أبو روق : لقضي بينهم ، لأقام عليهم الساعة ، وقيل : الفزع من هلاكهم ، وقال عيسى ابن عمر : لقضى بينهم بالفتح لقوله : { مِن رَّبِّكَ } { فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } من الذين { وَيَقُولُونَ } يعني أهل مكة { لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ } أي على محمد { مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ } لهم يا محمد ما سألتموني الغيب { إِنَّمَا ٱلْغَيْبُ للَّهِ } ما يعلم أحدكم بفعل ذلك إلاّ هو ، وقيل : الغيب ، نزول الآية متى تنزل نزل { فَٱنْتَظِرُوۤاْ } نزول الآية { إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنتَظِرِينَ } لنزولها ، وقيل : فانتظروا قضاء الله بيننا بإظهار الحق على الباطل . وقال الحسن : فانتظروا مواعيد الشيطان وكانوا مع إبليس على موعد فيما يعدهم ويمنيهم أني معكم من المنتظرين . فأنجز الله وعده ونصر عبده .