Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 26-36)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن يوسف بن يعقوب الفقيه في آخرين قالوا : حدثنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار . الحسين بن عرفة العبدي حدثني سلم بن سالم البلخي عن نوح عن أُبيّ عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } فقال : الذين أحسنوا العمل في الدنيا الحسنى وهي الجنّة والزيادة النظر إلى وجه الله الكريم " . وهو قول أبي بكر الصديق ( رضي الله عنه ) وحذيفة وأبي موسى وصهيب وعبادة بن الصامت وكعب ابن عجرة وعامر بن سعد وعبد الرحمن بن سابط والحسن وعكرمة وأبي الجوزاء والضحاك والسدي وعطاء ومقاتل ، يدلّ عليه : ما أخبرنا أبو إسحاق بن الفضل القهندري أخبرنا أبو علي الصفار . الحسن بن عرفة . يزيد ابن هارون عن حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا دخل أهل الجنة الجنة نودوا أن : يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعداً لم تروه ، قال : فيقولون وما هو ؟ ألم تبيّض وجوهنا وتزحزحنا عن النار وتدخلنا الجنة . قال : فيكشف الحجاب تبارك وتعالى - فينظرون إليه - قال : فوالله ما أعطاهم الله شيئاً أحب إليهم منه " . قال ابن عباس : الذين أحسنوا الحسنى يعني الذين شهدوا أن لا إله إلاّ الله الجنة . وروى عطية عنه هي أن واحدة من الحسنات واحدة والزيادة التضعيف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف . وروى جويبر عن الليث عن عبد الرحمن بن سابط قال : الحسنى : النظرة ، والزيادة : النظر . قال الله تعالى : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } [ القيامة : 22 - 23 ] . وروى الحكم عن علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) قال : الزيادة غرفة من لؤلؤ واحدة لها أربعة ألف باب . مجاهد : الحسنى : حسنة مثل حسنة والزيادة مغفرة من الله ورضوان ، ابن زيد : الحسنى : الجنة والزيادة ما أعطاهم في الدعاء لا يحاسبهم به يوم القيامة . حكى منصور بن عمار عن يزيد بن شجرة قال : الزيادة : هي أن تمرّ السحابة بأهل الجنة فتمطرهم من كل النوادر ، وتقول لهم : ما تريدون ان أُمطركم ؟ فلا يريدون شيئاً إلاّ مطرتهم . { وَلاَ يَرْهَقُ } يغشى ويلحق { وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ } غبار وهو جمع قترة . قال الشاعر : @ متوج برداء الملك يتبعه موج ترى فوقه الرايات والقترا @@ وقال ابن عباس وقتادة : سواد الوجوه ، وقرأ الحسن : قتر بسكون التاء وهما لغتان كالقدْر والقدَر { وَلاَ ذِلَّةٌ } هوان ، وقال قتادة : كآبة وكسوف . قال ابن أبي ليلى : هذا بعد نظرهم إلى ربهم { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا } يجوز أن يكون الجزاء مرفوعاً بإضمار أي : لهم جزاء ، ويجوز أن يكون مرفوعاً بالياء ، فيجوز أن يكون إبتداء وخبره بمثلها أي : مثلها بزيادة الباء فيها كقولهم : بحسبك قول السوء . { وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ } من عذاب الله { مِنْ عَاصِمٍ } أي من مانع ، ومن صلة { كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ } أُلبست { وُجُوهُهُمْ قِطَعاً } أكثر القراء على فتح الطاء وهو جمع قطعة ويكون « مظلماً » على هذه القراءة نصباً على الحال والقطع دون النعت كأنه أراد قطع من الليل المظلم فلما حذف الألف واللام نصب . يجوز أن يكون مظلماً صفة لقطع وسط الكلام كقول الشاعر : @ لو أن مدحة حي منشر أحداً @@ وقرأ أبو جعفر والكسائي وابن كثير { قِطَعاً } بإسكان الطاء وتكون { مُظْلِماً } على هذا نعت كقوله : بقطع من الليل ، إعتباراً بقراءة أُبيّ : كأنما يغشى وجوههم قطع من الليل مظلم { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ } اثبتوا وقِفوا في موضعكم ولا تبرحوا { أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ } يعني الأوثان { فَزَيَّلْنَا } ميّزنا وفرقنا بين المشركين وشركائهم وقطعنا ما كان بينهم من التواصل في الدنيا بذلك حين [ اتخذوا ] كل معبود من دون الله من خلقه { وَقَالَ شُرَكَآؤُهُمْ مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ } يقولون بلى كنا نعبدكم فيقول الأصنام : { فَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ } أي ما كنا عن عبادتكم إيّانا إلاّ غافلين ، ما كنا نسمع ولا نبصر ولا نعقل . قال الله تعالى : { هُنَالِكَ تَبْلُواْ } أي تخبر وقيل : تعلم ، وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وطلحة وعيسى وحمزة والكسائي ( تبلوا ) بالتاء ، وهي قراءة ابن مسعود في معنى : وتقرأ . { كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ } صحيفتها ، وقيل : معناه تتبع ما قدمت من خير وشرّ ، وقال ابن زيد [ تعاون ] { وَرُدُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ وَضَلَّ } [ بطل ] { عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } [ من الآلهة ] { قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } المطر { وَٱلأَرْضِ } النبات { أَمَّن يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ وٱلأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُ } الذي فعل هذه الأشياء { فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } أفلا تخافون عقابه في شرككم { فَذَلِكُمُ ٱللَّهُ } الذي يفعل هذه الأشياء { رَبُّكُمُ ٱلْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقِّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ } فمن أين تصرفون عن عبادته وأنتم مقرّون { كَذَلِكَ } فسرها الكلبي هكذا في جميع القرآن { حَقَّتْ } وجبت { كَلِمَتُ رَبِّكَ } حكمه وعلمه السابق . وقرأ الأعرج : كلمات { عَلَى ٱلَّذِينَ فَسَقُوۤاْ } كفروا { أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ } ينشىء من غير أصل ولا [ مثال ] { ثُمَّ يُعِيدُهُ } يحييه بهيئته بعد الموت [ أي قل لهم يا محمد ذلك على وجهة التوبيخ والتقرير ] فإن أجابوك وإلاّ { قُلِ ٱللَّهُ يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } تصرفون عن قصد السبيل { قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ } أوثانكم { مَّن يَهْدِيۤ } يرشد { إِلَى ٱلْحَقِّ } فإذا قالوا : لا ، فلابدّ لهم منه { قُلِ ٱللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ } أي إلى الحق { أَفَمَن يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيۤ } . اختلف القراء فيه ، فقرأ أهل المدينة : مجزومة الهاء مشدّدة الدال لأن أصله يهتدي فأُدغمت التاء في الدال وتركت الهاء على [ السكون ] في قراءتهم بين ساكنين كما فعلوا في قوله : ( تعدّوا وتخصّمون ) . وقرأ ابن كثير وابن عامر بفتح الهاء وتشديد الدال وقلبت الياء المدغمة الى الهاء ، فاختاره أبو عبيد وأبو حاتم ، وقرأ عاصم وورش بكسر الهاء وتشديد الدال فراراً من إلتقاء الساكنين . [ لأن الجزم إذا اضطر إلى حركته ] تحول إلى الكسر . قال أبو حاتم : هي لغة سفلى مضر . وروى يحيى ابن آدم عن أبي بكر عن عاصم بكسر الهاء والياء وتشديد الدال [ لإتباع ] الكسر الكسر وقيل : هو على لغة من يقرأ نعبد ونستعين ولن تمسّنا النار ونحوها ، وقرأ أبو عمرو بين الفتح والجزم على مذهبه في الإخفاء ، وقرأ حمزة والكسائي وخلف : بجزم الهاء وتخفيف الدال على معنى يهتدي ، يقال : هديته فهدى أي اهتدى فقال : خبرته فخبر ونقصته فنقص . { إِلاَّ أَن يُهْدَىٰ } في معنى الآية وجهان : فصرفها قوم إلى الرؤساء والمظلين . أراد لا يرشدون إلاّ أن يرشدوا وحملها الآخرون على الأصنام ، قالوا : وجه الكلام والمعنى لا يمشي إلاّ أن يحمل وينتقل عن مكانه إلاّ أن ينقل كقول الشاعر : @ للفتى عقل يعيش به حيث تهدي ساقه قدمه @@ يريد حيث يحمل { فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } تقضون لأنفسكم { وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً } منهم إنها آلهة وأنها تشفع لهم في الآخرة وأراد بالأكثر الكل { إِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ } .