Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 37-52)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمَا كَانَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَىٰ مِن دُونِ ٱللَّهِ } قال الفراء : معناه وما ينبغي لهذا القرآن أن يفترى كقوله تعالى : { وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ } [ آل عمران : 161 ] وقوله : { وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً } [ التوبة : 122 ] ، وقال الكسائي : أن في محل نصب الخبر ويفترى صلة له وتقديره : وما كان هذا القرآن مفترى ، وقيل : أن بمعنى اللام أي وما كان القرآن ليفترى من دون الله { وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ ٱلْكِتَابِ } تمييز الحلال من الحرام والحق من الباطل { لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ } أي يقولون . قال أبو عبيدة : أم بمعنى الواو أي ويقولون افتراه ، اختلق محمّد القرآن من قبل نفسه . { قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ } شبيه القرآن وقرأ ابن السميقع : بسورة مثله مضافة ، فتحتمل أن تكون الهاء كناية عن القرآن وعن الرسول { وَٱدْعُواْ مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ } ممن تعبدون { مِّن دُونِ ٱللَّهِ } ليعينوكم على ذلك ، وقال ابن كيسان : وادعوا من استطعتم على المخالفة ليعينوكم ، وقال مجاهد : شهداءكم بمعنى ناساً يشهدون لكم { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } إنَّ محمداً افتراه . ثم قال : { بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ } يعني القرآن { وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ } تفسيره . وقال الضحاك : يعني عاقبته وما وعد الله في القرآن انه كائن من الوعيد والتأويل ما يؤول إليه الأمر . وقيل للحسين بن الفضل : هل تجد في القرآن ( من جهل شيئاً عاداه ؟ ) فقال : نعم في موضعين { بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ } ، وقوله : { وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَـٰذَآ إِفْكٌ قَدِيمٌ } [ الأحقاف : 11 ] { كَذَلِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } من كفار الأمم الخالية { فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلظَّالِمِينَ } أي كما كذب هؤلاء المشركون بالقرآن كذلك كذب في هذا وبشّر المشركون بالهلاك والعذاب { وَمِنهُمْ مَّن يُؤْمِنُ بِهِ } أي ومن قومك من سيؤمن بالقرآن { وَمِنْهُمْ مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ } لعلم الله السابق فيهم { وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِٱلْمُفْسِدِينَ } الذين لا يؤمنون { وَإِن كَذَّبُوكَ } يامحمد { فَقُل لِّي عَمَلِي } الإيمان { وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ } الشرك { أَنتُمْ بَرِيۤئُونَ مِمَّآ أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } . قال مقاتل والكلبي : هذه الآية منسوخة بآية الجهاد ، ثم أخبر أن التوفيق للإيمان به لا بغيره ، وأن أحداً لا يؤمن إلاّ بتوفيقه وهدايته ، وذكر أن الكفار يستمعون القرآن وقول محمد صلى الله عليه وسلم فينظرون إليه ويرون أعلامه وأدلته على نبوته ولا ينفعهم ذلك ولا يهتدون لإرادة الله وعلمه فيهم فقال : { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ } بأسماعهم الظاهرة { أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ وَمِنهُمْ مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ } بأبصارهم الظاهرة { أَفَأَنْتَ تَهْدِي ٱلْعُمْيَ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ } وهذا تسلية من الله تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم يقول ما لا تقدر أن تسمع من سلبته السمع ، ولا تقدر أن تخلق للأعمى بصراً يهتدي به فكذلك لا تقدر أن توفقهم للإيمان وقد حكمت عليهم أن لا يؤمنوا { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ ٱلنَّاسَ شَيْئاً } لأنه في جميع أفعاله عادل . { وَلَـٰكِنَّ ٱلنَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } بالكفر والمعصية وفعلهم ما ليس لهم أن يفعلوا [ وألزمهم ] ما ليس للفاعل أن يفعله . { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوۤاْ } قال الضحاك : كأن لم يلبثوا في الدنيا { إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ ٱلنَّهَارِ } قصرت الدنيا في أعينهم من هول ما استقبلوا ، وقال ابن عباس : كأن لم يلبثوا في قبورهم إلاّ قدر ساعة من النهار { يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ } حين بعثوا من القبور يعرف بعضهم بعضاً كمعرفتهم في الدنيا ثم تنقطع المعرفة إذا عاينوا أهوال القيامة { قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ * وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ } يا محمد في حياتك { بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ } من العذاب { أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ } قبل ذلك { فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ } في الآخرة { ثُمَّ ٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ } مجزيهم به . قال المفسرون : فكان البعض الذي أراهُ قبلهم ببدر وسائر العذاب بعد موتهم { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ } خلت { رَّسُولٌ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمْ } فكذبوه { قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ } أي عذبوا في الدنيا واهلكوا بالحق والعدل . وقال مجاهد ومقاتل : فإذا جاء رسولهم يوم القيامة قضى بينه وبينهم بالقسط { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } لا يعذبون بغير ذنب ولا يؤاخذون بغير حجة ولا ينقصون من حسناتهم ويزادوا على سيئاتهم { وَيَقُولُونَ } أي المشركون { مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ } الذي وعدتنا يا محمد من العذاب . وقيل : قيام الساعة { إِن كُنتُمْ } أنت يا محمد وأتباعك { صَادِقِينَ * قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً } لا أقدر لها على ضرّ ولا نفع { إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } أن أملكه { لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ } مدة [ وأجل ] { إِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ } وقت [ انتهاء ] أعمارهم { فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ } يتأخرون ساعة { وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ * قُلْ } لهم { إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ } الله { بَيَاتاً } ليلا { أَوْ نَهَاراً مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ ٱلْمُجْرِمُونَ } المشركون وقد وقعوا فيه { أَثُمَّ } هنالك وحينئذ ، وليس بحرف عطف { إِذَا مَا وَقَعَ } نزل العذاب { آمَنْتُمْ بِهِ } صدقتم بالعذاب في وقت نزوله . وقيل : بأنه في وقت البأس { الآنَ } فيه إضمار أي ، وقيل : أنّهم الآن يؤمنون { وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ } وتكذبون { ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ } أشركوا { ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ } اليوم { إِلاَّ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ } في الدنيا .