Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 100, Ayat: 1-5)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱلْعَادِيَاتِ ضَبْحاً } قال ابن عباس وعطاء ومجاهد وعكرمة والحسن والكلبي وأبو العالية والربيع وعطية وقتادة ومقاتل وابن كيسان : هي الخيل التي تعدو في سبيل اللّه وتضبح وهو صوت أنفاسها إذا أجهدت في الجري فيكثر الربو في أجوافها من شدة العدو ، قال ابن عباس : ليس شيء من الدواب يضج غير الفرس والكلب والثعلب . قال أهل اللغة : أصل الضبح والضباح للثعالب فاستُعير في الخيل ، وهو من قول العرب : ضبحته النار إذا غيّرت لونه ، وإنّما تضبح هذه الحيوانات إذا تغيّرت حالها من تعب أو فزع أو طمع ، ونصب قوله : { ضَبْحاً } على المصدر ومجازه : والعاديات تضبح ضبحاً قال الشاعر : @ لستُ بالتُبِّع اليماني إن لم تضبح الخيل في سواد العراقِ @@ وقال آخر : @ والعاديات أسابي الدماء بها كأن أعناقها أنصاب ترجيب @@ يعني الخيل . قال مقاتل : بعث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم سرية إلى حي من كنانة واستعمل عليهم المنذر بن عمر الأنصاري أحد النقباء فتأخر خبرهم ، وقال المنافقون : قتلوا جميعاً فأخبره اللّه سبحانه عنها فقال : { وَٱلْعَادِيَاتِ ضَبْحاً } يعني تلك الخيول غدت حتى ضبحت ، وهو صوت ليس بصهيل ولا حمحمة ، وقال الحكماء : هو تقلقل الجرذان في القُنب . وقيل : هو صوت إرخاء مشافرها إذا عدت ، قال أبو الضحى : وكان ابن عباس يقول : ضباحها أُج أُج . وقال قوم : هي الإبل . أنبأني عبد اللّه بن حامد قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن أبي سعيد قال : حدّثنا الحسن بن محمد بن الصباح قال : حدّثنا مروان بن معاوية قال : حدّثنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح في قوله سبحانه : { وَٱلْعَادِيَاتِ ضَبْحاً } قال : ما رأى فيه عكرمة ؟ فقال عكرمة : قال ابن عباس : هي الخيل في القتال ، فقلت أنا : ( قال علي : هي الإبل في الحجّ ) ، وقلت : مولاي أعلم من مولاك . وقال الشعبي تمارى علي بن عباس في قوله : { وَٱلْعَادِيَاتِ ضَبْحاً } فقال ابن عباس : هي الخيل ، ألا تراه يقول : { فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً } فهل تُثير إلاّ بحوافرها ، وهل تضبح الإبل ؟ وإنما تضبح الخيل ، فقال علي : ليس كما قلت لقد رأيتنا يوم بدر وما معنا إلاّ فرس أبلق للمقداد بن الأسود . وفي رواية أُخرى وفرسٌ لمرثد بن أبي مرثد الغنوي . وأخبرني عقيل بن أبي الفرج ، أخبرهم عن أبي جرير قال : حدّثني يونس قال : أخبرنا بن وهب قال : حدّثنا أبو صخر عن أبي لهيعة البجلي عن سعيد بن حسين عن ابن عباس حدّثه قال : بينما أنا في الحجر جالس أتاني رجل فسأل عن العاديات ضبحاً ، فقال له : الخيل حين تغير في سبيل اللّه ثم تأوي إلى الليل فيصنعون طعامهم ويورون نارهم ، فانفتل عني وذهب إلى علي بن أبي طالب وهو تحت سقاية زمزم وسأله عن العاديات ضبحاً فقال : " سألت عنها أحداً قبلي " . قال : نعم ، سألت عنها ابن عباس وقال : هي الخيل تغير في سبيل اللّه قال : " اذهب فادعه لي " ، فلمّا وقف على رأسه قال : " تفتي الناس بما لا علم لك به ، واللّه إن كانت لأول غزوة في الإسلام بدر ، وما كان معنا إلاّ فَرَسان : فرس للزبير وفرس للمقداد بن الأسود ، فكيف تكون العاديات الخيل ، بل العاديات ضبحاً الإبل من عرفة إلى المزدلفة ، ومن المزدلفة إلى مِنى " . قال ابن عباس : فنزعت عن قولي ورجعت إلى الذي قال علي ، وإلى قول علي ذهب ابن مسعود ومحمد بن عمير ومحمد بن كعب والسدي . وقال بعضهم : من قال : هي الإبل قال ضبحاً يعني ضبعاً بمدّ أعناقها في السير وضبحت وضبعت بمعنى واحد ، قالت صفية بنت عبد المطّلب : @ فلا والعاديات غداة جمع بأيديها إذا سطع الغبار @@ { فَٱلمُورِيَاتِ قَدْحاً } قال عكرمة وعطاء والضّحاك : هي الخيل توري النار بحوافرها إذا سارت في الحجارة والأرض المحصبة . وقال مقاتل والكلبي : والعرب تُسمي تلك النار نار أبي حباحب . وكان أبي حباحب شيخاً من مُضر في الجاهلية وكان من أبخل الناس ، وكان لا يوقد ناراً لخبز ولا غيره حتى تنام كل ذي عين ، فإذا نام أصحابه وقَدَ نويرة تقد مرّة وتخمد مرّة ، فإذا استيقظ بها أحد أطفأها كراهية أن ينتفع بها أحد ، فشبّهت العرب هذه النار بناره ، أي لا ينتفع به كما لا يُنتفعُ بنار أبي حباحب . ومجاز الآية : والقادحات قدحاً فخالف بين الصدر والمصدر . وقال قتادة : هي الخيل تهيج للحرب ونار العداوة بين أصحابها وفرسانها . وروى سعيد بن حسن عن ابن عباس قال : هي الخيل تغير في سبيل اللّه ثم تأوي إلى الليل فيصنعون طعامهم ويورون نارهم . مجاهد وزيد بن أسلم : هي مكر الرجل والعرب تقول إذا أراد الرجل أن يمكر لصاحبه قال : أما واللّه لأقدحنّ لك ثم لأُورينَّ لك . سعيد بن جُبير : يعني رجال الحرب . عكرمة : هي ألسنة الرجال توري النار من عظيم ما تتكلّم به . ابن جريج عن بعضهم : فالمنجّحات عملا كنجاح الوتد إذا أُوريَّ . محمد بن كعب : هي النيران بجمع . { فَٱلْمُغِيرَاتِ صُبْحاً } يعني الخيل ، تغير بفرسانها على العدو وقت الصبح ، هذا قول أكثر المفسّرين . قال القرظي : هي الأبل تدفع بركبانها يوم النحر من جمع إلى منى ، والسنّة أن لا يدفع حتى يصبح ، والإغارة سرعة السير ، ومنه قولهم : أشرق ثبير كما نغير . { فَأَثَرْنَ } فيهيَّجنَ . وقرأ أبو حيوة فأثرن بالتشديد من التأثير به أي بذلك المكان الذي انتهين إليه كناية عن غير مذكور ؛ لأن المعنى مفهوم مشهور . { نَقْعاً } أي غباراً { فَوَسَطْنَ بِهِ } أي دخلن به وسطهم يقال : وسطت القوم ، بالتخفيف ، ووسطّتهم بالتشديد ، وتوسطتهم كلّها بمعنى واحد ، وقرأ قتادة فوسّطن ، بالتشديد { جَمْعاً } أي جمع العدو وهم الكتيبة ، وقال القرظي : يعني جمع منى .