Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 100, Ayat: 6-11)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ } قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والربيع : لكفور جحود لنِعم اللّه تعالى . قال الكلبي : هو بلسان كندة وحضرموت ، وبلسان معد كلهم : العاصي ، وبلسان مضر وربيعة وقضاعة : الكفور ، وبلسان بني مالك البخيل . وروى شعبة عن سماك أنه قال : إنما سميت كندة ؛ لأنها قطعت أباها . وقال ابن سيرين : هو اللوّام لربه . وقال الحسن : هو الذي يعدّ المصائب وينسى النعم ، أخذه الشاعر فقال : @ يا أيها الظالمُ في فعله والظلم مردودٌ على من ظَلَمْ إلى متى أنت وحتى متى تشكو المصيبات وتنسى النِّعم @@ وأخبرنا أبو القمر بن حبيب في صفر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة قال : أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعد الرازي قال : حدّثنا العباس بن حمزة قال : حدّثنا أحمد بن محمد قال : حدّثنا صالح بن محمد قال : حدّثنا سلمة عن جعفر بن الزبير عن القميّ عن أبي أمامة عن رسول اللّه ( عليه السلام ) في هذه الآية : { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ } قال رسول اللّه ( عليه السلام ) : " أتدرون ما الكنود ؟ " ، فقالوا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : " الكنود [ قال : هو الكفور الذي ] يأكل وحده ، ويمنع رفده ، ويضرب عبده " . وقال عطاء : الكنود الذي لا يعطي في النائبة مع قومه . وقال أبو عبيدة : هو قليل الخير ، والأرض الكنود التي لا تنبت شيئاً قال أبو ذبيان : @ إن نفسي ولم أطب عنك نفساً غير أنّي أُمنى بدهر كنود @@ وقال الفضيل بن عياض : الكنود الذي أنسته الخصلة الواحدة من الإحسان الخصال الكثيرة من الإساءة . وقال أبو بكر الورّاق : الكنود الذي يرى النعمة من نفسه وأعوانه . محمد بن علي الترمذي : هو الذي يرى النعمة ولا يرى المنعم ، وقال أبو بكر الواسطي : هو الذي ينفق نعم اللّه سبحانه في معاصي اللّه ، وقال بسّام بن عبد اللّه : هو الذي يجادل ربّه على عقد العوض . ذو النّون : تفسير الهلوع والكنود قوله : { إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعاً } [ المعارج : 20 - 21 ] . وقيل : هو الذي يكفر باليسير ولا يشكر الكثير ، وقيل : الحقود ، وقيل : الحسود . وقيل : جهول القدر . وفي الحكمة من جهل قدره هتك ستره . وقال بعضهم والحسن : رأسه على وسادة النعمة وقلبه في ميدان الغفلة . وقيل : يرى ما منهُ ولا يرى ما إليه ، وجمع الكنود كُند . قال الأعشى : @ أحدث لها [ تحدث ] لوصلك أنّها كند لوصل الزائر المعتاد @@ { وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَلِكَ لَشَهِيدٌ } قال أكثر المفسّرين : وإن اللّه على كنود هذا الإنسان وصنيعه لشاهد ، وقال ابن كيسان : ال ( هاء ) راجعة إلى الإنسان ، يعني أنّه شاهد على نفسه بما يصنع ، { وَإِنَّهُ } يعني الإنسان { لِحُبِّ ٱلْخَيْرِ } أي المال . وقال ابن زيد : سمّى اللّه المال خيراً وعسى أن يكون خبيثاً وحراماً ولكن الناس يعدّونه خيراً فسمّاه اللّه خيراً ؛ لأن الناس يسمّونه خيراً وسمي الجهاد سوءاً فقال : { فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ } [ آل عمران : 174 ] أي قتال . وليس هو عند اللّه بسوء ولكن سمّاه اللّه سوءاً ؛ لأنّ الناس يسمّونه سوءاً . ومعنى الآية وإنه من أجل حبّ المال { لَشَدِيدٌ } بخيل ، ويقال للبخيل : شديد ومتشدّد ، قال طرفة : @ أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي عقيلة مال الفاحش المتشدّد @@ والفاحش : البخيل أيضاً قال اللّه سبحانه : { وَيَأْمُرُكُم بِٱلْفَحْشَآءِ } [ البقرة : 268 ] أي البخل ، وقيل : معناه : وإنّه لحب الخير لقويّ ، وقال الفرّاء : كان موضع الحب أن يكون بعد شديد وأن يضاف شديد إليه فيقال : وإنّه لشديد الحبّ للخير ، فلمّا يقدم الحبّ قبل شديد وحذف من آخره لمّا جرى ذكره في أوله ، ولرؤوس الآيات كقوله سبحانه : { فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ } [ إبراهيم : 18 ] والعصوف لا يكون للأيّام إنّما يكون للريح ، فلمّا جرى ذكر الريح قبل اليوم طرحت من آخره كأنه قيل : في يوم عاصف الريح . { أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ } يُحث وأثير ، قال الفرّاء : وسمعت بعض أعراب بني أسد يقرأ : بُحثر بالحاء وقال : هما لغتان . { مَا فِي ٱلْقُبُورِ } فأُخرجوا منها { وَحُصِّلَ مَا فِي ٱلصُّدُورِ } أي مُيَّز وأُبرز ما فيها من خير أو شرّ ، وقرأ عبيد بن عمير وسعيد بن جُبير حَصَل بفتح الحاء وتخفيف الصاد أي ظهر . { إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ } جمع الكناية لانّ الإنسان اسم الجنس . { يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ } عالم ، والقراءة بكسر الألف لأجل اللام ، ولولاها لكانت مفتوحة بوقوع العلم عليها . وبلغني أن الحجاج بن يوسف قرأ على المنبر هذه السورة يحضُّ الناس على الغزو فجرى على لسانه : أنّ ربهم بفتح الألف ثم استدركها من جهة العربية فقال : خبير ، وأسقط اللام .