Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 116-123)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَلَوْلاَ كَانَ } فهلاّ كان { مِنَ ٱلْقُرُونِ } التي أهلكناهم { مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ } أصحاب دين وعقل { يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْفَسَادِ فِي ٱلأَرْضِ } ومعناه : فلم يكن ، لأن في الاستفهام ضرباً من الجحد { إِلاَّ قَلِيلاً } استثناء منقطع { مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ } وهم أتباع الأنبياء وأهل الحق . { وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَآ أُتْرِفُواْ فِيهِ } قال ابن عباس : ما أُنظروا فيه ، وروي عنه : أُبطروا . الضحّاك : اعتلّوا ، مقاتل بن سليمان : أُعطوا ، ابن حيان : خوّلوا ، مجاهد : تجبّروا في الملك وعتوا عن أمر الله ، الفرّاء : ما سوّدوا من النعيم واللذات وإيثار الدنيا على الآخرة { وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ } كافرين { وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ } [ بظلم منه لهم ] { وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ } في أعمالهم غير مسيئين ، لكنه يهلكها بكفرهم وإتيانهم السيئات ، وقيل : معناه لم يكن ليهلكهم بشركهم وأهلها مصلحون فيما بينهم لا يتظالمون ، ويتعاطون الحق بينهم وإن كانوا مشركين ، وإنّما يهلكهم إذا ظلموا . { وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ } كلّهم { أُمَّةً } جماعة { وَاحِدَةً } على ملّة واحدة { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } على أديان شتى من يهودي ونصراني ومجوسي ونحو ذلك { إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ } ويعني بهم المؤمنون وأهل الحق . { وَلِذٰلِكَ خَلَقَهُمْ } قال الحسن ومقاتل بن حيان ويمان وعطاء : وللاختلاف خلقهم ، قال الأشهب : سألت مالكاً عن هذه الآية فقال : لقهم ليكون فريق في الجنة ، وفريق في السعير ، وقيل : اللام بمعنى على ، أي وعلى ذلك خلقهم ، كقول الرجل للرجل : أكرمتك على برّك بي ولبرّك بي ، ابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة : وللرحمة خلقهم ولم يقل : ولتلك ، والرحمة مؤنّثة لأنها مصدر وقد مضت هذه المسألة ، وهذا باب سائغ في اللغة [ وهو أن يُذكر ] لفظان متضادان ثم يشار إليهما بلفظ التوحيد فمن ذلك قوله تعالى { لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ } [ البقرة : 68 ] ثم قال : { عَوَانٌ بَيْنَ ذٰلِكَ } [ البقرة : 68 ] ، وقوله { وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَٱبْتَغِ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً } [ الإسراء : 110 ] وقوله : { قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ } [ يونس : 58 ] فكذلك معنى الآية ، ولذلك أي وللاختلاف والرحمة خلقهم أحسن خلق ، هؤلاء لجنّته ، وهؤلاء لناره . { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ * وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ } قال ابن عباس : نسدد ، الضحاك : نقوّي ، ابن جريج : نصبّر حتى لا تجزع ، أهل المعاني : ما نثبّت به قلبك . { وَجَآءَكَ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَقُّ } قال الحسن وقتادة : في هذه الدنيا ، وقال غيرهما : في هذه السورة ، { وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ * وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ * وَٱنْتَظِرُوۤاْ } ما يحلّ بنا من رحمة الله { إِنَّا مُنتَظِرُونَ } ما يحل بكم من النقمة . { وَللَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } قال ابن عباس : خزائن الله ، الضحّاك : جميع ما غاب عن العباد ، وقال الباقون : غيب نزول العذاب من السماء { وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ ٱلأَمْرُ كُلُّهُ } في المعاد حتى لا يكون للخلق أمر ، وقرأ نافع وحفص بضم الياء أي يُرجع { فَٱعْبُدْهُ } وحده { وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ } توثّق به { وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } قال كعب : خاتمة التوراة خاتمة هود والله أعلم . يعملون قراءة العامة بالياء ، وقرأ أهل المدينة والشام وحفص بالتاء .