Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 1-6)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ الۤر كِتَابٌ } قيل { الۤر } مبتدأ وكتاب خبره ، وقيل : كتاب رفع على خبر ابتداء مضمر تقديره : هذا كتاب { أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ } قال ابن عباس : أُحكمت آياته : لم تنسخ بكتاب كما نسخت الكتب والشرائع بها { ثُمَّ فُصِّلَتْ } بُيّنت بالأحكام والحلال والحرام ، قال الحسن وأبو العالية : فُصّلت : فُسِّرت { مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ } يحتمل أن يكون موضع أن رفعاً على مضمر تقديره : وفي ذلك الكتاب أن لا تعبدوا ، ويحتمل أن يكون محله نصباً بنزع الخافض تقديره : ثم فُصِّلت أن لا تعبدوا { إِلاَّ ٱللَّهَ } أو لئلاّ تعبدوا إلاّ الله . { إِنَّنِي لَكُمْ مِّنْهُ } من الله { نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ } وأن عطف على الأول { وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ } أي ارجعوا إلى الله بالطاعة والعبادة ، وقال الفرّاء : ثُمّ هاهنا بمعنى ( الواو ) أي وتوبوا إليه لأنّ الاستغفار من التوبة ، والتوبة من الاستغفار { يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعاً حَسَناً } أي يعيشكم عيشاً في [ منن ] ودعة وأمن وسعة [ رزق ] ، { إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } وهو الموت { وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ } ويؤتِ كل ذي عمل مبلغ أجره وثوابه [ سمى فضله ] باسم الابتداء . قال ابن مسعود : من عمل سيئة كتبت عليه سيئة ، ومن عمل حسنة كتبت له عشر حسنات ، فإن عوقب بالسيئة التي عملها في الدنيا بقيت له عشر حسنات ، وإن لم يعاقب بها في الدنيا أخذ من الحسنات العشر ، واحدة وبقيت له تسع سنات ثم قال : هلك من غلبت آحاده عشراته . وقال ابن عباس : من زادت حسناته على سيئاته دخل الجنة ، ومن زادت سيئاته على حسناته دخل النار ، ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أهل الأعراف ، ثم يدخلون الجنة بعد ، وقال أبو العالية : من زادت طاعته في الدنيا زادت درجاته في الجنة ، لأن الدرجات تكون بالأعمال . وقال مجاهد : إن ما يحتسب الإنسان من كلام يقوله بلسانه ، أو عمل يعمله بيده ورجله ، أو ما يتصدّق به من حق ماله . { وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ } وهو يوم القيامة . { إِلَى ٱللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ } قال ابن عباس : يخفون ما في صدورهم من الشحناء والعدواة ، نزلت في الأخنس بن شريق وكان رجلا حلو الكلام ، حلو المنظر ، يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يحب وينطوي بقلبه على ما يكره . مجاهد : يثنون صدورهم شكّاً وامتراءً ، السدّي : يعرضون بقلوبهم عنك من قولهم [ … ] . عن عبد الله بن شداد : نزلت في بعض المنافقين كان إذا مرَّ برسول الله صلى الله عليه وسلم ثنى صدره وظهره ، وطأطأ رأسه ، وتغشّى ثوبه كي لا يراه النبي ( صلى الله عليه وسلم ) . قتادة : كانوا يحنون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب الله ولا ذكره . ابن زيد : هذا حين يناجي بعضهم بعضاً في أمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . { لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ } أي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال مجاهد : ليستخفوا من الله إن استطاعوا ، وقال ابن عباس : يثنون صدورهم على وزن يحنون ، جعل الفعل للصدور أي [ يلقون ] . { أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ } يغطّون رؤوسهم بثيابهم ، وذلك أخفى ما يكون لابن آدم إذا حنى صدره وتغشّى ثوبه وأضمر همه في نفسه . { يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ * وَمَا مِن دَآبَّةٍ } من بغلة وليس دابّة وهي كل حيوان دبّ على وجه الأرض ، وقال بعض العلماء : كل ما أُكل فهو دابة . { إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا } غذاؤها وقوتها وهو المتكفّل بذلك فضلا لا وجوباً ، وقال بعضهم : ( على ) بمعنى ( من ) أي من الله رزقها ، ويدل عليه قول مجاهد ، قال : ما جاء من رزق فمن الله ، ربما لم يرزقها حتى تموت جوعاً ، ولكن ما كان من رزق فمن الله . { وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا } أي مأواها الذي تأوي إليه وتستقر فيه ليلا ونهاراً ، { وَمُسْتَوْدَعَهَا } الموضع الذي تودع فيه أما بموتها أو دفنها ، قال ابن عباس : مستقرها حيث تأوي ، ومستودعها حيث تموت ، مجاهد : مستقرها في الرحم ومستودعها في الصلب ، عبد الله : مستقرها الرحم ، ومستودعها المكان الذي تموت فيه ، الربيع : مستقرها أيام حياتها ، ومستودعها حيث تموت ، ومن حيث تبعث . وقيل : يعلم مستقرها في الجنة أو في النار ، ومستودعها القبر ، ويدلّ عليه قوله تعالى في وصف أهل الجنة والنار : { حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } [ الفرقان : 76 ] و { سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } [ الفرقان : 66 ] . { كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } كل ذلك مثبت في اللوح المحفوظ قبل أن يخلقها .