Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 69-73)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ } يعني الملائكة ، واختلفوا في عددهم ، فقال ابن عباس : كانوا ثلاثة : جبرئيل وميكائيل وإسرافيل . الضحّاك : تسعة ، السدّي : أحد عشر ، وكانوا على صورة الغلمان الوِضاء وجوههم . { إِبْرَاهِيمَ } الخليل { بِٱلْبُـشْرَىٰ } بالبشارة بإسحاق ويعقوب ، وبإهلاك قوم لوط { قَالُواْ } لإبراهيم { سَلاَماً } سلّموا عليه ونصب { سَلاَماً } بإيقاع القول عليه ، لأن السلام قول أي [ مِثل ] قالوا وسلّموا سلاماً ( قال ) إبراهيم ( سلام ) أي عليكم سلام ، وقيل : لكم سلام وقيل : رُفِع على الحكاية ، ( قيل : الحمد لله ) ( وقولوا حطّة ) ، وقرأ حمزة والكسائي سِلام بكسر السين من غير ألف ومثله في والذاريات ، وكذلك هو في مصحف عبد الله ومعناه : نحن سِلام صالح لكم غير حرب ، وقيل : هو بمعنى السِلم أيضاً كما يقال : حِل وحلال ، وحِرم وحرام . وأنشد الفراء : @ مررنا فقلنا إيه سلّم فسلمت كما اكتل بالبرق الغمام اللوائح @@ { فَمَا لَبِثَ } فما أقام ومكث إبراهيم { أَن } بمعنى حتى بإسقاط الخافض أي بأن { جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ } قال ابن عباس : مشوي بالحجارة الحارة في خد من الأرض ، قتادة ومجاهد : نضج بالحجارة وشوي ، ابن عطية : شوي بعضه بحجارة ، أبو عبيدة : كل ما أسخنته فقد حنذته فهو حنيذ ومحنوذ وأصل يحنذ أن إذا ألقيت عليها الجلال بعضها على بعض لتعرق . { فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ } أي للعجل { نَكِرَهُمْ } أي : أنكرهم ، ويقال : نكرت الشيء وأنكرته بمعنى واحد . قال الأعشى : وأنكرتني وما كان الذي نكرت من الحوادث إلاّ الشيب والصلعا فجمع المعنيين في وقت واحد . { وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً } أضمر وأحسّ منهم خوفاً ، وقال مقاتل : وقع في قلبه ، الأخفش : خامر نفسه . الفرّاء : استشعر . الحسن : حدّث نفسه ، وأصل الوجوس الدخول ، وكان الخوف دخل قلبه . قتادة : وذلك أنهم كانوا إذا أتاهم ضيف فلم يأكل من طعامهم ظنوا أنه لم يجئ لخير وأنّه يحدّث نفسه بشرّ . { قَالُواْ لاَ تَخَفْ } يا إبراهيم فإنّا ملائكة الله { إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ } قال الوالبي : لمّا عرف إبراهيم أنهم ملائكة خاف أنه وقومه المقصودون بالعذاب ؛ لأن الملائكة كانت تنزل إذ ذاك بالعذاب ، نظير ما في الحجر { مَا نُنَزِّلُ ٱلْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِٱلحَقِّ } [ الحجر : 8 ] أي بالعذاب ، قالت الملائكة : لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط لا إلى قومك . { وَٱمْرَأَتُهُ } سارة بنت هاران بن ناحور بن شاروع بن أرغوا بن فالغ وهي ابنة عم إبراهيم { قَآئِمَةٌ } من وراء الستر تسمع كلام الملائكة وكلام إبراهيم ، وقيل : كانت قائمة [ … ] الرسل وإبراهيم جالس معهم فهو كلام أوّلي ، وقرأ ابن مسعود : وامرأته قائمة وهو جالس { فَضَحِكَتْ } . واختلفوا في العلة الجالبة للضحك ، فقال السدي : لما قرب إليهم الطعام فلم يأكلوا خاف إبراهيم فظنهم لصوصاً ، فقال لهم : ألا تأكلون ؟ فقالوا : يا إبراهيم إنا لا نأكل طعاماً إلاّ بثمن ، قال : فإن لهذا ثمناً ، قالوا : وما ثمنه ؟ قال : تذكرون اسم الله على أوّله وتحمدون على آخره ، فنظر جبريل إلى ميكائيل وقال : حق أن يتخذك خليلا ، فلما رأى إبراهيم وسارة أيديهم لا تصل إليه نكرهم ، فضحكت سارة وقالت : إنا قمنا لأضيافنا هؤلاء أنا نخدمهم بأنفسنا تكرمة لهم ، وهم لا يأكلون طعامنا . وقال قتادة : فضحكت من غفلة قوم لوط وقرب العذاب منهم ، وقال مقاتل والكلبي : فضحكت من خوف إبراهيم من ثلاثة نفر وهو فيما بين خدمه وحشمه ، وقال ابن عباس ووهب : ضحكت عجباً من أن يكون لها ولد على كبر سنّها وسنّ زوجها ، وقالوا : هو من التقديم الذي معناه التأخير ، وكان بمعنى : [ … ] وامرأته قائمة . { فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ } فضحكت وقالت { قَالَتْ يَٰوَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ } الآية ، وقيل : ضحكت سروراً بالأمن عليهم لما قالوا : لا تخف وقال مجاهد وعكرمة : فضحكت أي حاضت في الوقت ، تقول العرب : ضحكت الأرنب إذا حاضت ، وقال الشاعر : @ وضحكت الأرانب فوق الصفا كمثل دم الخوف يوم اللقا @@ { فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ } قال ابن عباس والشعبي : الوراء ولد الولد ، واختلف القّراء في قوله : يعقوب ، فنصبه ابن عامر وعاصم وقيل : في موضع جر في الصفة أي من وراء إسحاق بيعقوب ، فلمّا حذف الباء نصب ، وقيل : بإضمار فعل له ، ووهبنا له يعقوب . ورفعه الآخرون على خبر حذف الصفة ، فلمّا بُشّرت بالولد والحفيد { فَصَكَّتْ وَجْهَهَا } [ الذاريات : 29 ] أي ضر الله تعجباً { قَالَتْ يَٰوَيْلَتَىٰ } والأصل : يا ويلتاه { أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ } وكانت لتسعين سنة في قول ابن إسحاق ، وتسع وتسعين سنة في قول مجاهد . { وَهَـٰذَا بَعْلِي } زوجي سمي بذلك لأنه قيّم أمرها كما سمّي مالك الشيء بعله ، والنخل الذي استغنى بالأمطار عن ماء الأنهار يسمّى بعلا { شَيْخاً } وكان إبراهيم ابن مائة سنة في قول مجاهد ، وعشرين ومائة سنة في قول ابن إسحاق . { إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ } فقالت الملائكة { قَالُوۤاْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ رَحْمَةُ ٱللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ } يعني هنا إبراهيم { إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ } قال السدّي : قالت سارة لإبراهيم ( عليه السلام ) : ما آية قولك ؟ قال : فأخذ بيده عوداً يابساً فلواه بين أصابعه ، فاهتزّ أخضر فقال إبراهيم : هو لله إذاً ذبيحاً .