Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 5-10)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِن تَعْجَبْ } يا محمد من تكذيب هؤلاء المشركين واتخاذهم ما لا يضر ولا ينفع آلهةً يعبدونها من دون الله ، وهم قراؤ تعبدون من الله وامره وما ضرب الله من الأمثال { فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ } فتعجب أيضاً من قيلهم { أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً } بعد الموت { أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } فيعاد خلقنا جديداً كما كنا قبل الوجود . قال الله : { أُوْلَـٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ ٱلأَغْلاَلُ فِيۤ أَعْنَاقِهِمْ } ْ يوم القيامة { وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } جهنم { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ } يعني مشركي مكة { بِٱلسَّيِّئَةِ } بالبلاء والعقوبة { قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ } الرخاء والعافية ، وذلك أنّهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن جاءهم العذاب فاستهزأ منهم بذلك . وقالوا : { ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } [ الأنفال : 32 ] الآية { وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ ٱلْمَثُلاَتُ } وقد مضت من قبلهم في الأمم التي عصت ربها وكذبت رسلها ، العقوبات المنكلات واحدتها : مَثُلة بفتح الميم وضم التاء مثل صدُقة وصدُقات . وتميم : بضم التاء والميم جميعاً ، وواحدتها على لغتهم مُثْلَة بضم الميم وجزم الثاء مثل عُرُفة وعُرْفات والفعل منه مثلت به أمثل مثلا بفتح الميم وسكون الثاء . { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } . أحمد بن منبه عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال : ولما نزلت هذه الآية { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ لأحد العيش ، ولولا وعيده وعقابه لاتّكل كل أحد " . { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ } يعني على محمد صلى الله عليه وسلم { آيَةٌ } علامة وحجة على نبوته ، قال الله : { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ } مخوف { وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } داع يدعوهم إلى الله عزّ وجلّ إمام يأتمون به . وقال الكلبي : داع يدعوهم إلى الضلالة أو إلى الحق . أبو العالية : قائد ، أبو صالح قتادة مجاهد : نبي يدعوهم إلى الله . سعيد بن جبير : يعني بالهادي الله عزّ وجلّ . وهي رواية العوفي ، عن ابن عباس قال : المنذر محمد ، والهادي الله . عكرمة وأبو الضحى : الهادي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) . وروى السدي عن عبدالله بن علي قوله تعالى : { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " المنذر أنا ، الهادي رجل من بني هاشم يعني نفسه " . وروى عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره فقال : " " أنا المنذر " وأومأ بيده إلى منكب علي ( رضي الله عنه ) فقال : " فأنت الهادي يا علي ، بك يهتدي المهتدون من بعدي " " . ودليل هذا التأويل : ما روي عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن زيد عن ربيع عن حذيفة : إنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن وليتموها أبا بكر فزاهد في الدنيا راغب في الآخرة وفي جسمه ضعف ، وإن وليتموها عمر فقوي أمين لا تأخذه في الله لومة لائم ، وإن وليتموها علياً فهاد مهدي يقيلمكم على طريق مستقيم " . رداً على منكري البعث القائلين أءذا كنا تراباً أءنا لفي خلق جديد فقال سبحانه : { ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ } يعني تنقص . قال المفسرون : غيض الأرحام الحيض على الحمل ، فإذا حاضت الحامل كان نقصاناً في غذاء الولد وزيادة في مدة الحمل ، فإنها بكل يوم حاضت على حملها يوم تزداد في طهرها حتى يستكمل ستة أشهر ظاهراً . فإن رأت الدم خمسة أيام ومضت التسعة أشهر وخمسة أيام ، وهو قوله : { وَمَا تَزْدَادُ } . روى ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : ما تغيض الأرحام خروج الدم حتى تَحِضْ ، يعني حين المولد ، وما تزداد استمساك الدم إذا لم تهرق المرأة تم الولد وعظم ، وفي هذه الآية دليل على أنّ الحامل تحيض وإليه ذهب الشافعي . وقال الحسن : غيضها ما تنقص من التسعة الأشهر وزيادتها ما تزداد على التسعة الأشهر . الربيع بن أنس : ما يغيض الأرحام يعني السقط وما تزداد يعني توءمين إلى أربعة . جويبر عن الضحاك عن ابن عباس : ما تغيض الأرحام يعني به السقط . وروى عبيد بن سليمان عن الضحاك قال : الغيض النقصان من الأجل ، والزيادة ما يزداد على الأجل ، وذلك أنّ النساء لا يلدْنَ لعدّة واحدة ولا لأجل معلوم وقَدْ يُولد الولد لستة أشهر فيعيش ويولد لسنتين ويعيش . قال : وسمعت الضحاك يقول : ولدت لسنتين قد نبتت ثناياي ، وروى هيثم عن حصين قال : مكث الضحاك في بطن أُمه سنتين . وروى ابن جريح عن جميلة بنت سعد عن عائشة قالت : لا يكون الحمل أكثر من سنتين قدر ما يتحو ظل المغزل ، وإلى هذا ذهب أبو حنيفة وجماعة من الفقهاء . وقال الشافعي وجماعة من الفقهاء : أكثر الحمل أربع سنين ، يدل عليه ما أخبرني أبو عبد الله الحسين بن محمد بن الحسين الحافظ ، أحمد بن إبراهيم بن الحسين بن محمد قال : سمعت أبا محمد عبد الله بن أحمد بن الفرج الأحمري سمعت عباس بن نصر البغدادي سمعت صفوان ابن عيسى يقول : مكث محمد بن عجلان في بطن أُمه ثلاث سنين فشق بطن أُمه وأُخرج وقد نبتت أسنانه . وروى ابن عائشة عن حماد بن سلمة قال : إنما سمي هرم بن حيان هرماً ؛ لأنه بقي في بطن أُمه أربع سنين . { وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } بحد لا يجاوزه ولا ينقص عنه ، والمقدار مفعال من القدر { عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْكَبِيرُ } الذي كل شيء دونه { ٱلْمُتَعَالِ } المستعلي على كل شيء بقدرته { سَوَآءٌ مِّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ ٱلْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِٱلَّيْلِ } في ظلمته { وَسَارِبٌ } ظاهر { بِٱلنَّهَارِ } ضوءه لا يخفى عليه من ذلك . وقال أبو عبيدة : سارب بالنهار أي سالك في سربه أي مذهب ووجهة ، يقال : سارب سَربه بفتح السين أي طريقه . قال قيس بن الحطيم : @ إني سربتُ وكنتُ غيرَ سروبِ وتقربُ الأحلامِ غيرُ قريبِ @@ الشعبي : سارب بالنهار منصرف في حوائجه يقال : سرب يسرب . قال الشاعر : @ أرى كلَّ قوم قاربوا قيدَ فحلهم ونحن خلعنا قيدَهُ فهو ساربُ @@ أي ذاهب . قال ابن عباس : في هذه الآية هو صاحب ريبة مستخف بالليل ، فإذا خرج بالنهار رأى الناس أنه بريء من الإثم . وقال بعضهم : مستخف بالليل أي ظاهر ، من قولهم : خفيت الشيء إذا أظهرته ، وسارب بالنهار أي متوار داخل في سرب .