Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 10-19)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ هُوَ ٱلَّذِي أَنْزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ مَآءً لَّكُم مِّنْهُ } أي من ذلك الماء { شَرَابٌ } يشربونه { وَمِنْهُ شَجَرٌ } شراب أشجاركم حياة غروسكم ونباتكم { فِيهِ } ، في الشجرة وهو اسم [ عام ] ، وإنما ذكَر الكناية ، لأنه ردّه إلى لفظ الشجر . { تُسِيمُونَ } ترعون ، وننسيكم يقال : أسام فلان إبله يسيمها إسامة ، إذا رعاها ، فهو مسيم وسامت هي تسوم فهي سائمة . قال الشاعر : @ ومشى القوم بالعماد إلى المرعى وأعيا المسيم اين المساق @@ يعني يدخلون العماد تحت بطون الزرعى [ … ] . قال الشاعر : @ أولى لك ابن مسيمة الأجمال @@ أي يابن راعية الإبل . { يُنبِتُ لَكُمْ } . قرأه العامّة بالياء يعني : ينبت لكم . وقرأ عاصم برواية المفضل وحماد ويحيى بالنون ، والأوّل الاختيار . { بِهِ } بالماء الذي أنزل { ٱلزَّرْعَ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلنَّخِيلَ وَٱلأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } . { وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيْلَ وَٱلْنَّهَارَ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ } قرأه العامّة بالنصب نسقاً على ماقبله . وروى حفص عن عاصم ، { وَٱلْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ } : بالرفع على الخبر والإبتداء ، وقرأ ابن عامر { وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ } كلها بالرفع على الإبتداء والخبر . { بِأَمْرِهِ } بأذنه { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ * وَمَا ذَرَأَ } يعني وسخّر ما ذرأ { لَكُمُ } أي خلق لأجلكم من الدواب والأشجار والثمار وغيرها { فِي ٱلأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ } نصب على الحال . { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ } . { وَهُوَ ٱلَّذِي سَخَّرَ ٱلْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً } يعني السمك { وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً } يعني اللؤلؤ والمرجان . روى حماد بن يحيى عن إسماعيل بن عبد الملك قال : جاء رجل إلى ابن جعفر قال : في حليّ النساء صدقة ؟ قال : لا ، هي كما قال الله : { حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا } . { تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى ٱلْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ } . قال ابن عبّاس : جواري . سعيد بن جبير : معترضة . قتادة ومقاتل : [ تذهب وتجي ] مقبلة ومدبرة بريح واحدة . الحسن : مواقر . عكرمة والفراء والأخفش : شقاق يشق الماء بجناحيها . مجاهد : يمخر السفن الرياح ولا يمخر الريح من السفن إلاّ الملك العظيم . أبو عبيدة : سوابح . وأصل المخرّ الدفع والشق ، ومنه مخر الأرض ، ويقال : امتخرت الريح وتمخّرتها ، إذا نظرت من أين مبعوثها ، وفي الحديث : " إذا أراد أحدكم البول فليمتخر الريح " أي لينظر من أين مخرها وهبوبها فيستدبرها حتّى لا يرد عليه البول . { وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } يعني التجارة { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَأَلْقَىٰ فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ } يعني لئلاّ تميد بكم ، أي تتحرك وتميل ، والميل : هو الاضطراب والتكفّؤ ، ومنه قيل للدوار الذي يعتري راكب البحر : ميد . قال وهب : لما خلق الله الأرض جعلت تميد وتمور ، فقالت الملائكة : إن هذه غير مقرّة أحداً على ظهرها ، فأصبحت وقد أرسيت بالجبال ولم تدر الملائكة ممّ خلقت الجبال . وقال علي ( رضي الله عنه ) : لما خلق الله الأرض رفضت وقالت : أي رب أتجعل عليَّ بني آدم يعملون عليَّ الخطيئة ويلقون عليّ الخبث ، فأرسى الله فيها من الجبال ماترون ومالا ترون . { وَأَنْهَاراً } يعني وجعل فيها أنهاراً { وَسُبُلاً } طرقاً مختلفة { لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } { وَعَلامَاتٍ } فلا تضلون ولا تتحيرون ، يعني معالم الطرق . وقال بعضهم : هاهنا تم الكلام ثمّ ابتدأ . { وَبِٱلنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ } . قال محمّد بن كعب القرظي والكلبي : أراد بالعلامات الجبال ، فالجبال علامات النهار والنجوم علامات الليل . وقال مجاهد وإبراهيم : أراد بهما جميعاً النجوم ، فمنها ما يكون علامات ومنها ما يهتدون به . قال السدي : يعني بالثريا وبنات نعش والفرقدين والجدي فيهتدون إلى الطرق والقبلة . قتادة : إنما خلق الله النجوم لثلاث أشياء : لتكون زينة للسماء ، وعلامات للطريق ورجوماً للشياطين . فمن قال غير هذا فقد قال برأيه وتكلّف ما لا علم به . { أَفَمَن يَخْلُقُ } يعني الله تعالى { كَمَن لاَّ يَخْلُقُ } يعني الأصنام { أَفَلا تَذَكَّرُونَ } نظيرها قوله تعالى : { هَـٰذَا خَلْقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ } [ لقمان : 11 ] وقوله عزّ وجلّ : { أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ } [ فاطر : 40 ] . { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَآ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورٌ } لما كان منكم من تقصير شكر نعمه { رَّحِيمٌ } بكم حيث وسّع عليكم نعمه ولم يقطعها منكم بتقصيركم ومعاصيكم . { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ } .