Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 20-29)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } . قرأه العامّة بالتاء ، لأن ما قبله كلّه خطاب . وقرأ يعقوب وعاصم وسهل بالياء . { لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ } ثمّ وصف الأوثان فقال : { أَمْواتٌ } أي هي أموات { غَيْرُ أَحْيَآءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ } يعني الأصنام { أَيَّانَ } متى { يُبْعَثُونَ } عَبّر عنها كما عبّر عن الآدميين وقد مضت هذه المسألة ، وقيل : ومايدري الكفّار عبدة الأوثان متى يبعثون . { إِلٰهُكُمْ إِلٰهٌ وَاحِدٌ فَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ } جاحدة غير عارفة { وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ } متعظّمون { لاَ جَرَمَ } حقاً { أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْتَكْبِرِينَ } { وإذا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } يعني إذا قيل لهؤلاء الذين لايؤمنون بالآخرة وهم مشركوا قريش الذين اقتسموا عقاب مكة وأبوابهم ، سألهم الحجاج والوفد أيام الموسم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعما أنزل عليه قالوا : { أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } أحاديثهم وأباطيلهم . { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ } ذنوب أنفسهم التي هم عليها مقيمون { وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ } فيصدونهم عن الإيمان { أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ } ألا ساء الوزر الذي يحملون ، نظيرها قوله تعالى : { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ } [ العنكبوت : 13 ] الآية . قال النبي صلى الله عليه وسلم " أيّما داع دعا إلى ضلاله فاتُّبع ، فإن عليه مثل أوزار من اتّبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ، وأيّما داع دعا إلى هدى فاتّبع ، فله مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء " . { قَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } وهو نمرود بن كنعان حين بنى الصرح ببابل ولزم منها الصعود إلى السماء ينظر ويزعم إلى إله إبراهيم ، وقد مضت هذه القصة . قال ابن عبّاس ووهب : كان طول الصرح في السماء خمسة آلاف ذراعاً . وقال كعب ومقاتل : كان طوله فرسخين فهبّت ريح وألقت رأسها في البحر وخرّ عليهم الباقي وانفكت بيوتهم وأحدث نمرود ، ولما سقط الصرح تبلبلت ألسن الناس من الفزع فتكلموا بثلاثة وسبعين لساناً فلذلك سميت بابل ، وإنما كان لسان الناس قبل ذلك بالسريانية وذلك قوله تعالى : { فَأَتَى ٱللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِّنَ ٱلْقَوَاعِدِ } أي قصد تخريب بنيانهم من أصولها فأتاها أمر الله وهو الريح التي خرّبتها { فَخَرَّ } فسقط { عَلَيْهِمُ ٱلسَّقْفُ } يعني أعلى البيوت ، { مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } من مأمنهم { ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ } يذلّهم بالعذاب . { وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ } تحالفون فيهم لاينقذونكم فيدفعوا عنكم العذاب . وقرأ العامّة على فتح النون من قوله : { تُشَاقُّونَ } إلاّ نافع فإنه كسرها على الإضافة { قَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } وهم المؤمنون { إِنَّ ٱلْخِزْيَ ٱلْيَوْمَ وَٱلْسُّوۤءَ } العذاب { ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلائِكَةُ } يقبض أرواحهم ملك الموت وأعوانه { ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ } بالكفر نصب على الحال ، أي في حال كفرهم { فَأَلْقَوُاْ ٱلسَّلَمَ } أي استسلموا وانقادوا وقالوا : { مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوۤء } شرك ، فقالت لهم الملائكة : { بَلَىٰ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } . قال عكرمة : عَنى بذلك من قتل من قريش وأهل مكة ببدر وقد أُخرج إليها كرهاً . { فَٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبِّرِينَ } عن الإيمان .