Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 51-60)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَقَالَ ٱللَّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـٰهَيْنِ ٱثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلـٰهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَٱرْهَبُونِ * وَلَهُ مَا فِي ٱلْسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَلَهُ ٱلدِّينُ } الطاعة والإخلاص . { وَاصِباً } دائماً ثابتاً . وقال ابن عبّاس : واجباً ، تعني الآية أنه ليس من أحد يدان له ويطاع إلا انقطع عنه بزوال أو هلاك غير الله عزّ وجلّ ، فإن الطاعة تدوم له وتصيب واصباً على القطع . قال أبو الأسود الدؤلي : @ لا أبتغي الحمد القليل بقاؤه يوماً بذم الدهر أجمع واصباً @@ أي دائماً . وقال الفراء : ويقال خالصاً . { أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ * وَمَا بِكُم } . قال الفراء : ( ما ) في معنى الجزاء ولها فعل مضمر ، كأنه قال : وما يكون لكم من نعمة فمن الله . { أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ } [ … ] أن لاّ تتقوا سواه { وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ } لذلك دخلت الفاء في قوله : { فَمِنَ ٱللَّهِ } . { ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ } يصيحون بالدعاء ويضجون بالاستغاثة . وأصله من جؤار الثور إذا رفع صوتاً شديداً من جوع أو فزع . قال القتيبي يصف بقرة : @ فطافت ثلاثاً بين يوم وليلة وكأن النكير أن تضيف وتجأرا @@ { ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ } بعد ما خلصوا له بالدعاء في حال البلاء { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ } كفروا نعمته فيما أعطيناهم من النعماء وكشف الضرّ والبلاء { فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } وهذا وعيد لهم . { وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ } له نفعاً ولا فيه ضراً ولا نفعاً { نَصِيباً مِّمّا رَزَقْنَاهُمْ } من الأموال وهو ما حملوا لأوثاونهم من هديهم وأنعامهم نظيره قوله { هَـٰذَا للَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَـٰذَا لِشُرَكَآئِنَا } [ الأنعام : 136 ] . ثمّ رجع من الخبر إلى الخطاب فقال : { تَٱللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ } يوم القيامة { عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ } في الدنيا { وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ٱلْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ } وهم خزاعة وكنانة قالوا : الملائكة بنات الله سبحانه . { وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ } يعني البنين ، وفي قوله : { مَا } وجهان من الأعراب : أحدهما الرفع على الابتداء ، ومعنى الكلام : يجعلون لله البنات ولهم البنين ، والثاني : النصب عطفاً على البنات تقديره : ويجعلون لله البنات ويجعلون لهم البنين الذي يشتهون . { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِٱلأُنْثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً } من الكراهة { وَهُوَ كَظِيمٌ } ممتليء غماً وغيظاً { يَتَوَارَىٰ } يخفى ويغيب { مِنَ ٱلْقَوْمِ مِن سُوۤءِ مَا بُشِّرَ بِهِ } من الخزي والعار والحياء ثمّ يتفكر { أَيُمْسِكُهُ } ذكر الكناية لأنه مردود إلى ( ما ) { عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ } يخفيه { فِي ٱلتُّرَابِ } فيئده . وذلك أن مضر وخزاعة وتميماً كانوا يدفنون الإناث أحياء زعموا خوف الفقر عليهن وطمع غير الأكفاء فيهن ، وكان صعصعة عم الفرزدق إذا أحس بشيء من ذلك وجه إلى والد البنت يستحييها بذلك ، ولذلك قال الفرزدق : @ ومنا الذي منع الوائدات فأحيا الوئيد فلم يوأد @@ { أَلاَ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } بئس ما [ يجعلون لله الإناث ] ولأنفسهم البنين ، نظيره قوله تعالى : { أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلأُنْثَىٰ * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ } [ النجم : 21ـ22 ] . { لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } يعني لهؤلاء الواضعين لله سبحانه البنات { مَثَلُ ٱلسَّوْءِ } احتياجهم إلى الأولاد وكراهيتهم الإناث منهم أو قتلهم إياها خوف الفقر وإقراراً على أنفسهم بالهتك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " أكبر الكبائر أن تدعو لله ندّاً وهو خلقك ، وأن تقتل ولدك من أجل أن يأكل معك وأن تزني بحليلة جارك " . { وَلِلَّهِ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ } الصفة العليا وهي التوحيد والإخلاص . وقال ابن عبّاس : مثل السوء : النار ، والمثل الأعلى : شهادة أن لا إله إلاّ الله . { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } .