Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 79-83)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَلَمْ يَرَوْاْ } . قرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة ويعقوب بالتاء . وقرأ عاصم بضمر التاء . واختاره أبو عبيد لما قبلها . { إِلَىٰ ٱلطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ } مذللات { فِي جَوِّ ٱلسَّمَآءِ } أي في الهواء بين الأرض والسماء { مَا يُمْسِكُهُنَّ } في الهواء { إِلاَّ ٱللَّهُ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّن بُيُوتِكُمْ } التي هي من الحجر والمدر { سَكَناً } مسكناً تسكنونه . قال الفراء : السكن : الدار ، والسكن بجزم الكاف : أهل البلد . { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّن جُلُودِ ٱلأَنْعَامِ بُيُوتاً } يعني الخيام والقباب والأخبية [ والفساطيط من الأنطاع ] والأدم وغيرها { تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ } رحلكم وسفركم { وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ } في بلادكم [ لا يثقل ] عليكم في الحالتين . واختلف القرّاء في قوله : { يَوْمَ ظَعْنِكُمْ } . فقرأ الكوفيون بجزم العين ، وقرأ الباقون : بفتحه . وإختاره أبو عبيد وأبو حاتم ، لأنه [ أشهر ] اللغتين وأفصحهما . { وَمِنْ أَصْوَافِهَا } يعني أصواف الضان وأوبار الإبل وأشعار المعز . والكنايات كلها راجعة إلى الأنعام . { أَثَاثاً } قال ابن عبّاس : مالا ، مجاهد : [ متاعاً ] . حميد بن عبد الرحمن : [ أثاثاً يعني ] الأثاث : المال أجمع من الإبل والغنم والعبيد ، والمتاع غيره هو متاع البيت من الفرش والأكسية وغيرها ولم يسمع له واحد مثل المتاع . وقال أبو زيد : واحد الأثاث أثاثة . قال الخليل : أصله من الكثرة واجتماع بعض المتاع إلى بعض حتّى يكثر ومنه شعر الشعراء كثر وأثّ شعر فلان أي إذا كثر والتف . قال أمرؤ القيس : @ أثيث كقنو النخلة المتعال @@ قال محمّد بن نمير الثقفي في الأثاث : @ أهاجتك الظعائن يوم بأتوا بذي الزي الجميل من الأثاث @@ { وَمَتَاعاً } [ بلاغاً ] تنتفعون بها { إِلَىٰ حِينٍ } يعني الموت . وقيل : إلى حين يبلى ويفنى . { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً } تستظلون بها من شدة الحر وهو ظلال الأشجار والسقوف والأبنية { مِّنَ ٱلْجِبَالِ أَكْنَاناً } يعني الغيران والأسراب والمواضع التي تسكنون فيها واحدها كنّ { وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ } قمصاً من الكتان والقطن والخز والصوف { تَقِيكُمُ } تمنعكم . { ٱلْحَرَّ } . [ وقال ] أهل المعاني : [ أراد ] الحر والبرد فأكتفى بأحدهما عن الآخر بدلالة الكلام عليه نظيره قوله : { إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ } [ الليل : 12 ] يعني الهدي والإضلال . { وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ } يعني الدروع ولباس الحرب والمعنى : تقيكم في بأسكم السلاح أن يصل إليكم { كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ } يخضعون له بالطاعة ويخلصون له بالعبادة . وروى نوفل بن أبي [ عقرب ] عن ابن عبّاس أنه قرأ : ( يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون ) بالفتح ، يعني من الجراحات . قال أبو عبيد : الاختيار قراءة العامّة ، لأن ما أنعم الله علينا في الإسلام أكثر من إنعامه علينا في السلامة من الجراح . وقال عطاء الخراساني في هذه الآية : إنما أنزل القرآن على قدر معرفتهم ألا ترى إلى قوله تعالى : { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلْجِبَالِ أَكْنَاناً } وما جعل لكم من السهول أعظم وأكثر ولكنهم كانوا أصحاب جبال . وقال : { وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَآ } وما جعل لهم من غير ذلك أعظم وأكثر ولكنهم كانوا أصحاب وبر وشعر . الا ترى إلى قوله : { وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ } [ النور : 43 ] وما ينزل من [ الثلج ] أعظم وأكثر ولكنهم كانوا لا يعرفونه ، ألا ترى إلى قوله : { سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ ٱلْحَرَّ } وما يقي من البرد أعظم وأكثر ولكنهم ظلوا أصحاب حر . { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ * يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ ٱللَّهِ } . قال السدي : يعني محمد صلى الله عليه وسلم . { ثُمَّ يُنكِرُونَهَا } يكذبون ويجحدون نبوّته . قال مجاهد : يعني ما عدد عليهم في هذه السورة من النعم ينكرون ذلك فيزعمون أنهم ورثوا ذلك عن آبائهم ، وبمثله قال قتادة . وقال الكلبي : وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر هذه النعم لهم فقالوا : نعم هذه كلها من الله تعالى ولكنها بشفاعة آلهتنا . وقال عون بن عبد الله : هو قول الرجل لولا فلان لكان كذا ، لولا فلان ما أصبت كذا . { وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْكَافِرُونَ } الجاحدون .