Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 75-78)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثمّ ضرب الله تعالى مثلا المؤمن والكافر فقال عز من قائل : { ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً لاَّ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ } هو مثل الكافر رزقه الله مالاً فلم يقدّم خيراً ولم [ يعمل ] فيه بطاعة الله تعالى { وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً } هو مثل المؤمن أعطاه الله مالاً فعمل فيه بطاعة الله وأنفقه فيما يرضي الله سراً وجهراً فأثابه الله على ذلك النعيم المقيم في الجنة { هَلْ يَسْتَوُونَ } ولم يقل يستويان لمكان ( من ) لأنه اسم مبهم يصلح للواحد ، والاثنين ، والجميع ، والمؤنث ، والمذكر ، وكذلك قوله : { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً } ثمّ قال : { وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ } بالجمع لأجل ( ما ) ومعنى الآية : هل يستوي هذا الفقر والبخل والغنى [ والسخاء ] فكذلك لا يستوي الكافر العاصي المخالف لأمر الله والمؤمن المطيع له . روى ابن جريج عن عطاء : { عَبْداً مَّمْلُوكاً } قال : هو أبو جهل بن هشام { وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً } أبو بكر الصديق ( رضي الله عنه ) . ثمّ قال : { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } يقول الله تعالى : ليس الأمر كما يفعلون ولا القول كما يقولون ، ماللأوثان عندهم من يد ، ولا معروف فيحمد عليه ، إنما الحمد هو الكامل لله خالصاً ، لأنه هو المنعم والخالق والرازق ولكن أكثر هؤلاء الكفرة لا يعلمون أنها كذلك . ثمّ ضرب مثلاً آخر بنفسه والأصنام فقال : { وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ } يرسله { لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ } لأنه لا يفهم ما يقال ، ولا يفهم عنه . وقال ابن مسعود : أينما توجهه لا يأت بخير ، هذا مثل للصنم الذي لا يسمع ولا ينطق ولا يعقل ولا يفعل وهو كَلّ على [ عائده ] يحتاج أن يحمله ويضعه ويخدمه { هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ } يعني الله قادر متكلم بأمر التوحيد فليس كصنمكم ، فإنه لا يأمر بالتوحيد { وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } . قال الكلبي : يعني وهو يدلكم على صراط مستقيم ، وقيل : هو رسول الله صلى الله عليه وسلم هو على صراط مستقيم . قال الكلبي : يعني وهو يدلكم على صراط مستقيم . آخر : ومن قال : كل المسلمين المؤمن والكافر ، وهي رواية عقبة عن ابن عبّاس . وروى إبراهيم بن عكرمة بن يعلي بن منبّه عن ابن عبّاس قال : نزلت هذه الآية في عثمان ابن عفان ( رضي الله عنه ) ومولاه . وكان عثمان ينفق عليه ويكفيه المؤنة وكان مولاه يكره الإسلام [ ويأباه وينهاه عن ] الصدقة ويمنعه من النفقة . وقال مقاتل : نزلت هذه الآية في هاشم بن عمرو بن الحرث بن ربيعة القرشي وكان رجلاً قليل الخير يعادي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال عطاء : [ الأبكم أبي بن حلف ] ومن يأمر بالعدل حمزة وعثمان بن عفان وعثمان بن مظعون . { وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَآ أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ } في قريب كونها وسرعة قيامها { إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ } [ كالنظر في البصر ] ورجع الطرف ؛ لأن ذلك هو أن يقال له : كن فيكون ، { أَوْ هُوَ أَقْرَبُ } بل هو أقرب { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } نزلت في الكفار الذين استعجلوا القيامة إستهزاء منهم . { وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ } . قرأ الأعمش : { أُمَّهَاتِكُمْ } بكسر الألف والميم . وقرأ حمزة والكسائي بكسر الألف وفتح الميم . وقرأ الباقون بضم الألف وفتح الميم . وأصل الأمهات : أمات ، فزيدت الهاء للتأكيد كما زادوها في أهرقت الماء وأصله أرقت { لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً } هذا كلام تام . ثمّ ابتدأ فقال : { وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ } لأن الله تعالى جعل [ لعباده السمع ] والأبصار والأفئدة قبل إخراجهم من بطون أمهاتهم وإنما [ أعطاهم العلم ] بعد ما أخرجهم منها { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } نعمه .