Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 44-52)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَاوَاتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ } قرأ الحسن : وأبو عمرو ويعقوب وحمزة والكسائي وحفص : بالتاء ، غيرهم : يسبح بالياء وإختاره أبو عبيد [ … ] وهو التأنيث ومعنى التسبيح التنزيه والطاعة والالتزام بالربوبية وكونها دالة على وجوده وتوحيده . { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ } . قال ابن عبّاس : وإن من شيء حي . وقال الحسن والضحاك : يعني كل شيء فيه الروح . قال قتادة : يعني الحيوانات والنباتات [ … ] . قال عكرمة : الشجرة تسبح والإسطوانة لا تسبح . قال أبو الخطاب : كنا مع يزيد الرقاشي ومعه الحسن في فقدموا الخوان فقال يزيد الرقاشي يا أبا سعيد يسبح هذا الخوان ؟ فقال كان يسبح مرة وقال النبي صلى الله عليه وسلم " [ ما سبحت عصا إلا ترك ] التسبيح " . وقال إبراهيم : الطعام يسبح . وروى موسى بن عبيدة عن زيد بن أسلم عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الا أخبركم بشيء أمر به نوح ابنه ؟ إن نوحاً قال لابنه : يابني آمرك أن تقول : سبحان الله وبحمده فإنها صلاة الخلق وتسبيحهم [ وبها يرزق الخلق ] " " . قال الله { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ } . قال وهب : إن [ … ] إلا وقد كان يسبح لله ثلثمائة سنة . وروى عبد الله بن [ … ] عن المقداد بن معد يكرب قال : إن التراب يسبح مالم يبتل فإذا ابتل ترك التسبيح ، وإن الجوزة لتسبح مالم ترفع من موضعها ، فإذا رفعت ترك التسبيح ، وإن الورق يسبح مادام على الشجرة ، فإذا سقط ترك التسبيح وإن الماء ليسبح مادام ماءاً فإذا [ تغير ] ترك التسبيح ، وإن الثوب يسبح مادام جديداً فإذا وسخ ترك التسبيح ، وإن الوحش إذا صاحت سبحت فإذا سكتت تركت التسبيح ، وإن الثوب [ الخلق ] لينادى في أول النهار : اللهُمَّ إغفر لمن [ … ] . وروى أبو عتبة عن ثابت البنائي عن أنس بن مالك قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ كفاً من حصى فسبحن في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى سمعنا التسبيح ، ثمّ صبّهن في يد أبي بكر حتّى سمعنا التسبيح ثمّ صبهن في عمر حتّى سمعنا التسبيح ، ثمّ صبّهن في يد عثمان حتّى سمعنا التسبيح ، ثم صبّهن في أيدينا فما سبحت في أيدينا . وعن جعفر بن محمّد عن أبيه قال : " مرض النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه جبرئيل بطبق فيها رمان وعنب فتناول النبي صلى الله عليه وسلم فسبح ، ثمّ دخل الحسن والحسين فتناولا فسبح العنب والرمان ، ثمّ دخل عليّ فتناول منه فسبح أيضاً ، ثمّ دخل رجل من أصحابه فتناول فلم يسبح ، فقال جبرئيل : إنما يأكل هذا نبي أو وصي أو ولد نبي " . { وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } يعني لا تعلمون تسبيح ماعدا من تسبيح بلغاتكم وألسنتكم { إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً * وَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرآنَ } يا محمّد [ على ] المشركين { جَعَلْنَا بَيْنَكَ } بينهم حجاباً يحجب قلوبهم عن فهمه والانتفاع به . قتادة : هو حجاب مستور ، والمستور يعني الساتر كقوله { إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً } [ مريم : 61 ] الآية مفعول بمعنى فاعل . وقيل : معناه مستوراً عن أعين الناس فلا يرونه . وفسّره بعض المفسرين : بالكتاب عن الأعين الظاهرة [ فلا يرونه ولا يخلصون ] إلى أدلته . عطاء عن سعيد بن جبير قال : لما نزلت { تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ } [ المسد : 1 ] " جاءت امرأة أبي لهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر ( رضي الله عنه ) فقال : يا رسول الله لو تنحيت عنها لئلا تسمعك ما يؤذيك ، فإنها امرأة بذيئة . فقال النبي صلى الله عليه وسلم " إنه سيحال بيني وبينها " فلم تره فقالت لأبي بكر : يا أبا بكر هجاني صاحبك قال : والله ما ينطق بالشعر ولا يقوله . فقالت : وإنك لمصدقه فاندفعت راجعة . قال أبو بكر : يارسول الله أما رأتك ؟ قال : " لا مازال ملك بيني وبينها يسترني حتى ذهبت " " . وروى الكلبي عن رجل من [ أهل الشام ] عن كعب في هذه الآية قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستتر من المشركين بثلاث آيات : الآية التي في الكهف { جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً } [ الكهف : 57 ] والآية التي في النحل { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ … } إلى قوله { هُمُ ٱلْغَافِلُونَ } [ النحل : 108 ] . والآية التي في الجاثية { أَفَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ … } [ الجاثية : 23 ] إلى قوله { غِشَاوَةً } فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأهن يستتر من المشركين . قال كعب : فحدثت بهن رجلاً من أهل الشام فمكث فيهم ما شاء الله أن يمكث ثمّ قرأ بهنّ فخرج هارباً وخرجوا في طلبه حتّى كانوا يكونون على طريقه ولا يبصرونه . قال الكلبي : حدثت به رجلاً بالري فأُسر بالديلم فمكث فيهم ماشاء الله أن يمكث ثمّ قرأهنّ وخرج هارباً وخرجوا في طلبه حتّى جعل ثيابهم لتلتمس ثيابه فما يبصرونه . { وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي ٱلْقُرْآنِ وَحْدَهُ } يقول : وإذا قلت : لا إله إلاّ الله في القرآن وحده وأنت تتلوه { وَلَّوْاْ عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً } كارهين له معرضين عنها . حدثنا أبو الجوزاء عن ابن عبّاس في قوله { وَلَّوْاْ عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً } قال : هم الشياطين والنفور جمع نافر مثل قاعد وقعود وجالس وجلوس ، وجائز أن يكون مصدراً أُخرج على غير لفظه إذا كان قوله { وَلَّوْاْ } بمعنى نفروا ، فيكون معناه [ نفوراً ] . { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ } لن يقرأ القرآن { وَإِذْ هُمْ نَجْوَىٰ } متناجون في أمرك ، بعضهم يقول : هو مجنون ، وبعضهم يقول : هو كاهن ، وبعضهم : ساحر ، وبعضهم : شاعر { إِذْ يَقُولُ ٱلظَّالِمُونَ } بمعنى الوليد بن المغيرة وأصحابه حين رجع إليه كفار مكة من أمر محمّد وشاوروه فقال { إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً } مطبوباً ، وقيل : مخدوعاً ، وقال أبو عبيدة : [ مسحوراً ] يعني رجلاً له سحر يأكل ويشرب مثلكم والسحر الرئة يقول العرب للجبان : قد سحره ولكل من أكل وشرب من آدمي وغيره مسحور ومسحر . قال الشاعر امرىء القيس : @ أرانا موضعين لأمر غيب ونسحر بالطعام وبالشراب @@ أي : نغذي ونعلل . { ٱنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ } شبّهوا ذلك الأشباه . فقالوا : شاعر وساحر وكاهن ومجنون { فَضَلُّواْ } فجالوا وجاروا { فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً } مخرجاً ولا يهتدون إلى طريق الحق . { وَقَالُوۤاْ أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً } بعد الموت { وَرُفَاتاً } . قال ابن عبّاس : غباراً . قال مجاهد : تراباً ، والرفات ما تكسر وبلا من كل شيء ، كالفتات والحطام والرضاض . { أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً * قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً } في الشدة والقوة { أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ } يعني خلقاً مما يكبر عندكم عن قبول الحياة وبعثكم وعملكم على [ … ] احياؤه فإنه يجيئه ، وقيل : ما يليه من بعد ورائهم الموت ، وقيل : السموات والأرض ، وقيل : أراد به البعث وقيل الموت . وقال أكثر المفسرين : ليست في نفس بني آدم أكبر من الموت ، يقول : لو كنتم الموت لأُميتنكم ولأبعثنكم . سفيان عن مجاهد وعكرمة في قوله { أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ } قالا : الموت . وروى المعمر عن مجاهد قال : السماء والأرض والجبال يقول كونوا ماشئتم فإن الله يميتكم ثمّ يبعثكم { فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا } خلقاً جديداً بعد الموت { قُلِ ٱلَّذِي فَطَرَكُمْ } خلقكم { أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ } أي يحركون رؤوسهم متعجبين ومستهزئين يقال : نغضت سنه إذا حركت وأقلعت من أصله . قال الراجز : @ أبغض نحوى رأسه وأقنعا @@ وقال آخر : @ لما رأسني الغضت لي الرأسا @@ وقال الحجاج : [ أمسك بقضباً لابني ] مستهدجا . { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيباً } يعني هو قريب لأن عسى من الله واجب نظيره قوله { لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً } [ الأحزاب : 63 ] ، و { لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٌ } [ الشورى : 17 ] . { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ } من قبوركم إلى [ موقف يوم القيامة ] { فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ } . قال ابن عباس : بأمره . قتادة : بمعرفته وطاعته ، ويحمدونه [ وهو مستحق ] للحمد . { وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ } في الدنيا في قبوركم { إِلاَّ قَلِيلاً } زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمرو " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليس على أهل لا إله إلاّ الله وحشة في قبرهم ولا حشرهم ، كأني بأهل لا إله إلاّ الله وهم ينفضون التراب عن رؤسهم ويقولون { ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِيۤ أَذْهَبَ عَنَّا ٱلْحَزَنَ } [ فاطر : 34 ] الآية " " .