Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 56-70)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ إِدْرِيسَ } وهو جدّ أبي نوح ، فسمّي إدريس لكثرة درسه الكتب ، واسمه أخنوخ وكان خيّاطاً ، وهو أوّل من كتب بالقلم وأوّل من خاط الثياب ولبس المخيط وأول من تكلّم في علم النجوم والحساب { إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيَّاً * وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً } يعني الجنة . وقال الضّحاك : رفع إلى السماء السادسة ، وقيل : الرابعة . أخبرنا عبد الله بن حامد الأصبهاني وشعيب بن محمد البيهقي قالا : أخبرنا مكي بن عبدان التميمي قال : حدَّثنا أحمد بن الأزهر قال : حدَّثنا روح قال : حدَّثنا سعيد عن قتادة في قوله { وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً } قال : حدَّثنا أنس بن مالك بن صعصعة " أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لما عرج به إلى السماء قال : أتيت على إدريس في السماء : الرابعة " . وكان سبب رفعه على ما قاله ابن عباس وكعب وغيرهما أنّه سار ذات يوم في حاجة فأصابه وهج الشمس فقال : يا ربّ أنا مشيت يوماً فكيف بمن يحملها خمسمائة عام في يوم واحد ؟ اللهمّ خفّف عنه من ثقلها واحمل عنه حرّها ، فلمّا أصبح الملك وجد من خفّة الشمس وحرّها ما لا يعرف ، فقال : يا ربّ خلقتني لحمل الشمس فما الذي قضيت فيه ؟ قال : أما إنّ عبدي إدريس سألني أن اخفّف عنك حملها وحرّها فأجبته ، فقال : يا ربّ اجمع بيني وبينه واجعل بيني وبينه خلّة ، فأذن له حتى أتى إدريس وكان يسأله إدريس فكان ممّا سأله أن قال له : أُخبرت أنّك أكرم الملائكة وأمكنهم عند ملك الموت فاشفع لي إليه ليؤخر أجلي فازداد شكراً وعبادة ، فقال الملك : لا يؤخّر الله نفساً إذا جاء أجلها قال : قد علمت ذلك ولكنه أطيب لنفسي ، فقال : نعم أنا مكلّمه لك فما كان يستطيع أن يفعل لأحد من بني آدم فهو فاعله لك ، ثم حمله ملك الشمس على جناحه فرفعه إلى السماء ووضعه عند مطلع الشمس ، ثمّ أتى ملك الموت فقال : حاجة لي إليك ، فقال : أفعل كلّ شيء أستطيعه قال : صديق لي من بني آدم تشفّع بي إليك لتؤخّر أجله قال : ليس ذلك إليّ ولكن إن أحببت أعلمته أجله متى يموت فيقدّم في نفسه ، قال : نعم ، فنظر في ديوانه وأخبر باسمه فقال : إنك كلّمتني في إنسان ما أراه يموت أبداً ، قال : وكيف ؟ قال : لا أجده يموت إلا عند مطلع الشمس ، قال : إنّي اتيتك وتركته هناك ، قال : انطلق فما أراك تجده إلاّ وقد مات ، فوالله ما بقي من أجل إدريس شيء ، فرجع الملك فوجده ميّتاً وقال وهب : كان يرفع لإدريس كلّ يوم من العبادة مثل ما يرفع لجميع أهل الأرض في زمانه ، فعجبت منه الملائكة واشتاق إليه ملك الموت فاستأذن ربّه في زيارته فأذن له فأتاه في صورة بني آدم ، وكان إدريس صائماً يصوم الدهر ، فلّما كان وقت إفطاره دعاه إلى طعامه فأبى أن يأكل معه ففعل ذلك ثلاث ليال فأنكره إدريس فقال له الليلة الثالثة : إنىّ أُريد أن أعلم من أنت ، قال : أنا ملك الموت استأذنت ربي أن أصحبك فأَذن لي ، قال : فلي إليك حاجة ، قال : وما هي ؟ قال : تقبض روحي ، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه أن اقبض روحه ، فقبض روحه وردّها الله عليه بعد ساعة . قال له ملك الموت : ما الفائدة في سؤالك قبض الروح ؟ قال : لأذوق كرب الموت وغمّته فأكون له أشدّ استعداداً ، ثم قال إدريس له : لي إليك حاجة أُخرى ، قال : وما هي ؟ قال : ترفعني إلى السماء لأنظر إليها وإلى الجّنة وإلى النار ، فأذن الله له في رفعه إلى السماوات ، فلمّا قرب من النار قال : حاجة قال : وما تريد ؟ قال : تسأل مالكاً حتى يفتح لي بابها فأردها ، ففعل ثمّ قال : فكما أريتني النار فأرني الجّنة ، فذهب به إلى الجنة فاستفتح ففتحت أبوابها فأدخله الجنّة ، ثم قال له ملك الموت : اخرج لتعود إلى مقرّك فتعلّق بشجرة وقال : لا أخرج منها ، فبعث الله ملكاً حكماً بينهما ينظر في قولهما فقال له الملك : ما لك لا تخرج ؟ قال : لأن الله تعالى قال : { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ } [ آل عمران : 185 ] وقد ذقته ، وقال { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } [ مريم : 71 ] وقد وردتها ، وقال { وَمَا هُمْ مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ } [ الحجر : 48 ] فلست أخرج ، فأوحى الله سبحانه إلى ملك الموت : دخل الجنة وبأمري يخرج ، فهو حيّ هناك فذلك قوله : { وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً } . { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِن ذُرِّيَّةِ ءَادَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ } في السفينة { وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا } إلى الإسلام { وَٱجْتَبَيْنَآ } على الأنام { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ ٱلرَّحْمَـٰنِ } يعني القرآن { خَرُّواْ سُجَّداً وَبُكِيّاً } جمع باك تقديره من الفعل فعول مثل ساجد وسجود وراكع وركوع وقاعد وقعود ، جمع على لفظ المصدر ، نزلت في مؤمني أهل الكتاب ، عبد الله سّلام وأصحابه . { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ } يعيني من بعد النبيّين المذكورين { خَلْفٌ } وهم قوم سوء ، والخَلفَ بالفتح الصالح ، والخلف بالحزم الطالح ، والخلف بسكون اللام الرديء من كلّ شيء ، وهم في هذه الآية اليهود ومن لحق بهم . وقال مجاهد وقتادة : في هذه الأُمّة . { أَضَاعُواْ ٱلصَّلاَةَ } أي تركوا الصلوات المفروضة ، قال ابن مسعود وإبراهيم والقاسم بن مخيمرة : أخّروها عن مواقيتها وصلّوها بغير وقتها . وقال قرّة بن خالد : استبطأ الضحاك مرّة امتراءً في صلاة العصر حتى كادت الشمس تغرب فقرأ هذه الآية { أَضَاعُواْ ٱلصَّلاَةَ } ثمَّ قال : والله لئن أدعها أحبّ إلىّ من أن اضيّعها ، وقرأ الحسن : اضاعوا الصلوات { وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَاتِ } قال مقاتل : استحلّو نكاح الأخت من الأب ، وقال الكلبي : يعني اللذات وشرب الخمر وغيره ، قال مجاهد : هذا عند اقتراب الساعة وذهاب صالحي أُمّة محمد صلى الله عليه وسلم ينزو بعضهم على بعض في السكك والأزقّة زناة . وروى أبو سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآية قال : يكون خلف من بعد ستّين سنة { أَضَاعُواْ ٱلصَّلاَةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَاتِ } الآية . وقال علىّ بن أبي طالب : " هذا إذا بني المشيد ورُكب المنظور ولبس المشهور " ، وقال وهب : فخلف من بعدهم خلف شرّابون للقهوات ، لعّابون بالكعبات ، ركّابون للشهوات ، متبعون للذّات ، تاركون للجُمعات ، مضيّعون للصلوات ، وقال كعب : يظهر في آخر الزمان أقوام بأيديهم سياط كأذناب البقر يضربون الناس ، ثمَّ قرأ { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلاَةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَاتِ } . { فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً } قال عبد الله بن مسعود : الغيّ نار في جهنّم ، وقال ابن عباس : الغىّ واد في جهنم وإنّ أودية جهنم لتستعيذ من حرّها ، أُعدّ ذلك الوادي للزاني المصرّ عليه ، ولشارب الخمر المدمن عليها ، ولآكل الربا الذي لا ينزع عنه ، ولأهل العقوق ، ولشاهد الزور ، ولامرأة أدخلت على زوجها ولداً . وقال عطاء : الغىّ واد في جهنم يسيل قيحاً ودماً . وقال وهب : الغىّ نهر في النار بعيد قعره ، خبيث طعمه ، وقال كعب : هو واد في جهنم أبعدها قعراً وأشدّها حرّاً ، فيه بئر تسمى البهيم كلّما خبت جهنّم فتح الله تلك البئر فسعّربها جهنم ، وقال الضحاك : خسراناً وقيل : عذاباً ، وقيل : ألماً ، وقيل : كفراً . { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً * جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُ بِٱلْغَيْبِ } ولم يروها { إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً } يعني آتياً ، قال الأعشى : وساعيت معصيّاً إليها وشاتها . أي عاصياً . { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا } في الجنة { لَغْواً } باطلاً وفحشاً وفضولاً من الكلام ، قال مقاتل : يميناً كاذبة { إِلاَّ سَلاَماً } استثناء من غير جنسه يعني بل يسمعون فيها سلاماً أي قولاً يسلمون منه ، وقال المفسّرون : يعني تسليم بعضهم على بعض تسليم الملائكة عليهم { وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً } يعني على مقدار طرفي النهار . أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن جعفر بقراءتي عليه قال : حدَّثنا أبو الحسن علي بن محمد بن سختويه قال : حدَّثنا موسى بن هارون قال : حدَّثنا بشر بن معاذ الضرير قال : حدَّثنا عامذ بن سياق عن يحيى بن أبي كثير قال : كانت العرب في زمانها من وجد غداءً مع عشاء فذلك هو الناعم ، فأنزل الله سبحانه { وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً } قدر ما بين غدائهم وعشائهم . أخبرنا محمد بن أحمد بن جعفر قال : حدَّثنا علي بن محمد بن سختويه قال : حدَّثنا موسى ابن هارون قال : حدَّثنا داود بن رشيد قال : حدَّثنا الوليد بن مسلم قال : سألت زهير بن محمد عن قول الله سبحانه { وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً } قال : ليس في الجنة ليل ، هم في نور أبداً وإنّما يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب ، ومقدار النهار برفع الحجب . { تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا } وقرأ يعقوب : نورّث بالتشديد ، والاختيار التخفيف ؛ لقوله ثُمَّ اَوْرَثْنَا { مَن كَانَ تَقِيّاً } { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ } الآية . أخبرنا عبد الله بن حامد وشعيب بن محمد قالا : أخبرنا مكي بن عبدان قال : حدَّثنا أبو الأزهر قال : حدَّثنا روح بن عبادة ، قال : حدَّثنا عمر بن ذر عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم : يا جبرئيل ما يمنعك أن تزورنا أكثر ممّا تزورنا ؟ فأنزل الله سبحانه { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ } . وقال مجاهد : " أبطأت الرّسل على رسول الله صلى الله عليه وسلّم ثم أتاه جبرئيل فقال : ما حبسك ؟ فقال : وكيف نأتيكم وأنتم لا تقصّون أظفاركم ولا تأخذون شواربكم ولا تستاكون " ؟ فأنزل الله سبحانه { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ } الآية . وقال عكرمة والضّحاك ومقاتل وقتادة والكلبي : " احتبس جبرئيل عن النبي صلى الله عليه وسلم حين سأله قومه عن قصة أصحاب الكهف وذي القرنين والرّوح فلم يدر ما يجيبهم ، ورجا أن يأتيه جبرئيل بجواب ما سألوه فأبطأ عليهَ قال عكرمة : أربعين يوماً . وقال مجاهد : اثنتي عشرة ليلة وقيل : خمس عشرةَ فشقّ ذلك على رسول الله صلى اللّه عليه وسلم مشقة شديدة ، وقال المشركون : ودّعه ربّه وقلاه ، فلمّا أنزل جبرئيل قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " أبطأت عليَّ حتى ساء ظنّي واشتقت إليك " ، فقال له جبرئيل : إنىّ كنت أشوق إليك ولكنّي عبد مأمور إذا بُعثت نزلت وإذا حُبست احتبستُ " ، فأنزل الله تعالى { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ } وأنزل { وَٱلضُّحَىٰ * وَٱلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ } [ الضحى : 1 - 3 ] . وقيل : هذا إخبار عن أهل الجنة ، أنّهم يقولون عند دخولها : ما تتنزل هذه الجنان إّلا بأمر الله { لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا } قال مقاتل : له ما بين أيدينا من أمر الآخرة { وَمَا خَلْفَنَا } من أمر الدنيا { وَمَا بَيْنَ ذٰلِكَ } يعني بين النفختين ، وبينهما أربعون سنة ، وقيل : كان له ابتداء خلقنا وله كان منتهى آجالنا ، وله كان مدّة حياتنا . ويقال : { مَا بَيْنَ أَيْدِينَا } من الثواب والعقاب وأُمور الآخرة { وَمَا خَلْفَنَا } ما مضى من أعمالنا في الدنيا { وَمَا بَيْنَ ذٰلِكَ } أي ما يكون منّا إلى يوم القيامة . ويقال : { لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا } قيل أن يخلقنا { وَمَا خَلْفَنَا } بعد أن يميتنا { وَمَا بَيْنَ ذٰلِكَ } ما هو فيه من الحياة ، ويقال { لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا } إلى الأرض إذا أردنا النزول إليها { وَمَا خَلْفَنَا } أي السماء إذا نزلنا منها { وَمَا بَيْنَ ذٰلِكَ } يعني السماء والأرض ، يريد أن كل ذلك لله سبحانه فلا تقدر على فعل إلاّ بأمره . { وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً } أي ناسياً إذا شاء أن يرسل إليك أرسل . { رَّبُّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَٱعْبُدْهُ وَٱصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ } أي واصبر على عبادته { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً } قال ابن عباس : مثلاً ، وقال سعيد بن جبير : عدلاً ، وقال الكلبي : هل تعلم أحداً يسمى الله غيره . { وَيَقُولُ ٱلإِنسَانُ } يعني أُبىّ بن خلف الجمحي { أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ } من القبر { حَيّاً } استهزاءً وتكذيباً منه بالبعث . قال الله سبحانه { أَوَلاَ يَذْكُرُ } أي يتذكّر ويتفكّر ، والأصل يتذكر ، وقرأ ابن عامر ونافع وعاصم ويعقوب يذكر بالتخفيف ، والاختيار التشديد لقوله سبحانه { إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } [ الرعد : 19 ] وأخواتها ، يدل عليه قراءة أُبي { يتذكر الإنسان } يعني أُبىّ بن خلف الجمحي { أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً } ثمّ أقسم بنفسه فقال { فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ } لنجمعنّهم في المعاد يعني المشركين المنكرين للبعث { وَٱلشَّيَاطِينَ } مع الشياطين يعني قرناءهم الذين أضلّوهم ، يُقرن كل كافر مع شيطان في سلسلة { ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ } يعني في جهنم { جِثِيّاً } قال ابن عباس : جماعات جماعات ، وقال مقاتل : جميعاً وهو على هذا القول جمع جثوة ، وقال الحسن والضحاك : جاثية على الركب وهو على هذا التأويل جمع جاث . قال الكميت : @ همُ تركوا سراتهمُ جثيّاً وهم دون السراة مقرنينا @@ { ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ } لنَخرجنّ من كلّ أُمّة وأهل دين { أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ عِتِيّاً } عتوّاً قال ابن عباس : يعني جرأةً ، وقال مجاهد : فجوراً وكذباً ، قال مقاتل : علوّاً ، وقيل : غلوّاً في الكفر ، وقيل : كفراً ، وقال الكلبي : قائدهم رأسُهم في الشرّ . أخبرنا عبد الله بن حامد قال : حدَّثنا محمد بن يعقوب قال : حدَّثنا الحسن بن علي قال : حدَّثنا أبو أُسامة عن سفيان عن علي بن الأرقم عن أبي الأحوص قال : نبدأ بالأكابر فألاكابر { ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِٱلَّذِينَ هُمْ أَوْلَىٰ بِهَا صِلِيّاً } أي أحقّ بدخول النار ، يقال : صلي يصلى صلياً مثل لقي يلقى لقيّاً وصلى يصلى صلياً مثل مضى يمضي مضياً .