Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 107-109)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا لَكُمْ } يا معشر الكفّار عند نزول العذاب . { مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ } قريب وصديق . { وَلاَ نَصِيرٍ } ناصر يمنعكم من العذاب . { أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ } الآية . قال ابن عبّاس : نزلت في عبد الله بن أُميّة المخزومي ورهط من قريش قالوا : يا محمّد أجعل لنا الصّفا ذهباً ووسّع لنّا أرض مكّة ، وفجر الأنهار خلالها تفجيرا نؤمن بك . فأنزل الله عزّ وجلّ { أَمْ تُرِيدُونَ } يعني أتريدون والميم صلة لأنّ أم إذا كان بمعنى العطف لا تكون أبتداء ولا تأتي إلاّ مردودة على استفهام قبلها ، وقيل معناه : بل يريدون كقول الشّاعر : @ بدت مثل قرن الشّمس في رونق الضحّى وصورتها أم أنت في العين أملح @@ أي بل أنت . { أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ } محمّداً . { كَمَا سُئِلَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ } سأله قومه فقالوا : أرنا الله جهرة ، وقال مجاهد : لمّا قالت قريش هذا لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " نعم وهو كالمائدة لبني إسرائيل إن لم تؤمنوا عُذّبتم " فأبوا ورجعوا ، والصّحيح أن شاء الله إنها نزلت في اليهود حين قالوا : يا محمّد أئتنا بكتاب من السّماء تحملهُ ، كما أتى موسى بالتوراة ، لأنّ هذه السّورة مدنية ، وتصديق هذا القول قوله تعالى : { يَسْأَلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِن ذٰلِكَ } [ النساء : 153 ] في سُئل ثلاث قراءات : بالهمز : وهي قراءة العامّة ، و ( سُئل ) بتليين الهمزة وهي قراءة أبي جعفر و ( سُئل ) مثل ( قيل ) وهي قراءة الحسن . { وَمَن يَتَبَدَّلِ ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } أخطأ وسط الطريق . { وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } الآية نزلت في نفر من اليهود منهم : فنحاص بن عازورا وزيد ابن قيس ؛ وذلك إنّهم قالوا لحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر بعد وقعة أُحد : ألم تريا ما أصابكم ولو كنتم على الحقّ ماهزمتم فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم وأفضل ونحن أهدى منكم سبيلاً . فقالوا لهم : كيف نقض العهد فيكم ؟ قالوا : شديد . قال : فإني قد عاهدتُ ألاّ أكفر بمحمّد صلى الله عليه وسلم ما عشتُ . فقالت اليهود : أمّا هذا فقد صبر ، وقال حُذيفة : وأمّا أنا فقد رضيت بالله ربّاً وبمحمّد نبيّاً وبالإسلام ديناً ، وبالقرآن إماماً وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين أخواناً . ثمَّ أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه بذلك فقال : " أصبتما الخير وأفلحتما " فأنزل الله تعالى { وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } أي تمنى وأراد كثير من اليهود . { لَوْ يَرُدُّونَكُم } يا معشر المؤمنين . { مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً } في انتصابه وجهان قيل : بالردّ وقيل : بالحال . { حَسَداً } وفي نصبه أيضاً وجهان : قيل على المصدر أي يحسدونكم حسداً ، وقيل : بنزع حرف الصلة تقديره للحسد . وأصل الحسد في اللغة الالظاظ بالشيء حتّى يخدشه وقيل : للمسحاة محسد وللغراد حسدل زيدت فيه اللاّم كما يقال للعبد : عبدل . { مِّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ } أي من تلقاء أنفسهم لم يأمر الله عز وجل بذلك . { مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْحَقُّ } في التوراة إنّ محمّداً صادق ودينه حقّ . { فَٱعْفُواْ } فاتركوا . { وَٱصْفَحُواْ } وتجاوزوا . { حَتَّىٰ يَأْتِيَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِ } بعذابه القتل والسبّي لبني قريظة والجلاء والنفي لبني النظير قاله ابن عبّاس . وقال قتادة : هو أمره بقتالهم في قوله تعالى : { قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ } إلى { وَهُمْ صَاغِرُونَ } [ التوبة : 29 ] . وقال ابن كيسان : بعلمه وحكمه فيهم حكم بعضهم بالإسلام ولبعضهم بالقتل والسبي والجزية ، وقيل : أراد به القيامة فيجازيهم بأعمالهم . { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } .