Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 1-10)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ } قيل : اللام بمعنى من أي اقترب من الناس { حِسَابُهُمْ } محاسبة الله إيّاهم على أعمالهم { وَهُمْ } واو الحال { فِي غَفْلَةٍ } عنه { مُّعْرِضُونَ } عن التفكير فيه والتأهّب له ، نزلت في منكري البعث . { مَا يَأْتِيهِمْ مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِمْ مُّحْدَثٍ } يعني ما يحدث الله تعالى من تنزيل شيء من القرآن يذكّرهم ويعظهم به { إِلاَّ ٱسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ } لا يعتبرون ولا يتّعظون . قال مقاتل : يحدث الله الأمر بعد الأمر ، وقال الحسن بن الفضل : الذكر هاهنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يدلّ عليه قوله في سياق الآية { هَلْ هَـٰذَآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ } ولو أراد الذكر بالقرآن لقال : هل هذا إلاّ أساطير الأوّلين ، ودليل هذا التأويل أيضاً قوله : { وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ * وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } [ القلم : 51 - 52 ] يعني محمداً ( عليه السلام ) . { لاَهِيَةً } ساهية { قُلُوبُهُمْ } معرضة عن ذكر الله ، من قول العرب : لهيت عن الشيء إذا تركته ، ولاهية نعت تقدّم الاسم ومن حقّ النعت أن يتبع الاسم في جميع الاعراب ، فإذا تقدّم النعت الاسم فله حالتان : فصل ووصل ، فحاله في الفصل النصب كقوله سبحانه { خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ } [ القمر : 7 ] { وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا } [ الإنسان : 14 ] و { لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ } . قال الشاعر : @ لعزّة موحشاً طلال يلوح كأنّه خلل @@ أراد : طلل موحش ، وحاله في الوصل حال ما قبله من الإعراب كقوله تعالى { رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلظَّالِمِ أَهْلُهَا } [ النساء : 75 ] قال ذو الرمّة : @ قد أعسف النازح المجهول معسفة في ظلّ أخضر يدعو هامه البوم @@ أراد معسفه مجهول وإنّما نصب لانتصاب النازح . وقال النابغة : @ من وحش وجرة موشّي أكارعه طاوي المصير كسيف الصيقل الفرد @@ أراد أنّ أكارعه مَوشيّة . { وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } كان حقّه وأسرّ لأنه فعل تقدّم الاسم فاختلف النحاة في وجهه ، فقال الفرّاء : الذين ظلموا في محلّ الخفض على أنّه تابع للناس في قوله { ٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ } . وقال الكسائي : فيه تقديم وتأخير أراد والذين ظلموا أسرّوا النجوى . وقال قطرب : وهذا سائغ في كلام العرب وحُكي عن بعضهم أنه قال : سمعت بعض العرب يقول : أكلوني البراغيث قال الله سبحانه { ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ } [ المائدة : 71 ] . وقال الشاعر : @ بك نال النصال دون المساعي فاهتدين النبال للأغراض @@ ويحتمل أن يكون محل الذين رفعاً على الابتداء ، ويكون معناه وأسَروّا النّجوى ، ثمّ قال هم الذين ظلموا . { هَلْ هَـٰذَآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ ٱلسِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } أنّه سِحر { قَالَ رَبِّي } قرأ أكثر أهل الكوفة ( قال ) على الخبر عن محمد صلى الله عليه وسلم وقرأ الباقون « قل » على الأمر له { يَعْلَمُ ٱلْقَوْلَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ } لأقوالهم { ٱلْعَلِيمُ } بأفعالهم { بَلْ قَالُوۤاْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ } أي أباطليها وأهاويلها { بَلِ ٱفْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ } يعني أنّ المشركين اقتسموا القول فيه : فقال بعضهم : أضغاث أحلام ، وقال بعضهم : بل افتراه ، وقال بعضهم : بل محمد شاعر ، وهذا الذي جاءكم به شعر ، لأنَّ بل تأتي لتدارك شيء ونفي آخر . { فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ } إن كان صادقاً { كَمَآ أُرْسِلَ ٱلأَوَّلُونَ } من الرسل بالآيات . قال الله سبحانه مجيباً لهم { مَآ آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِّن قَرْيَةٍ } أهل قرية أتتها الآيات فأهلكناهم { أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ } إن جاءتهم آية … { وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ } وهذا جواب لقولهم { هَلْ هَـٰذَآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ } { فَاسْئَلُوۤاْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ } أي التوراة والإنجيل يعني علماء أهل الكتاب { إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } وقال ابن زيد : أراد بالذكر القرآن يعني فاسألوا المؤمنين العالمين من أهل القرآن ، قال جابر الجعفي : لما نزلت هذه الآية قال عليّ : نحن أهل الذكر . { وَمَا جَعَلْنَاهُمْ } يعني الرسل الأولين { جَسَداً } قال الفرّاء : لم يقل أجساداً لأنّه اسم الجنس { لاَّ يَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ } يقول : لم نجعلهم ملائكة ، بل جعلناهم بشراً محتاجين إلى الطعام ، وهذا جواب لقولهم { مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ } [ الفرقان : 7 ] { وَمَا كَانُواْ خَالِدِينَ } في الدنيا { ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ ٱلْوَعْدَ } الذي وعدناهم هلاك أعدائهم ومخالفيهم وإنجائهم ومتابعيهم { فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَآءُ وَأَهْلَكْنَا ٱلْمُسْرفِينَ } المشركين . { لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ } قال مجاهد : حديثكم ، وقيل : شرفكم . { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } .