Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 11-29)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً } أي أهلكنا ، والقصم : الكسر يقال : قصمت ظهر فلان ، وانقصمت سنة إذا انكسرت . { وَأَنشَأْنَا } وأحدثنا { بَعْدَهَا } بعد إهلاك أهلها { قَوْماً آخَرِينَ * فَلَمَّآ أَحَسُّواْ } رأوا { بَأْسَنَآ } عذابنا { إِذَا هُمْ مِّنْهَا يَرْكُضُونَ } يسرعون هاربين ، يقال منه : ركض فلان فرسه إذا كدّه بالرجل ، وأصله التحريك . { لاَ تَرْكُضُواْ وَٱرْجِعُوۤاْ إِلَىٰ مَآ أُتْرِفْتُمْ فِيهِ } نُعّمتم فيه { وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ } عن نبيّكم ، مجاهد : لعلكم تفقهون بالمسألة ، قتادة : لعلّكم تسألون من دنياكم شيئاً استهزاءً بهم ، نزلت هذه الآيات في أهل حصورا وهي قرية باليمن ، وكان أهلها العرب فبعث الله إليهم نبياً يدعوهم إلى الله سبحانه فكذّبوه وقتلوه ، فسلّط الله عليهم بخت نصّر حتى قتلهم وسباهم ونكّل بهم ، فلمّا استحرّ فيهم القتل ندموا وهربوا وانهزموا ، فقالت الملائكة لهم على طريق الاستهزاء { لاَ تَرْكُضُواْ وَٱرْجِعُوۤاْ إِلَىٰ مَآ أُتْرِفْتُمْ فِيهِ } إلى مساكنكم وأموالكم ، فأتبعهم بخت نصّر وأخذتهم السيوف ، ونادى مناد من جوّ السّماء : يالثارات الأنبياء ، فلمّا رأوا ذلك أقرّوا بالذنوب حين لم ينفعهم فقالوا { يٰوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ } قولهم وهجّيراهم { حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً } بالسيوف كما يحصد الزرع { خَامِدِينَ } ميّتين . { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ } عبثاً وباطلاً { لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً } قال قتادة : اللهو بلغة أهل اليمن المرأة . وقال عقبة بن أبي جسرة : شهدت الحسن بمكة وجاءه طاووس وعطاء ومجاهد فسألوه عن هذه الآية ، فقال الحسن : اللهو : المرأة . وقال ابن عباس : الولد . { لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّآ } من عندنا وما اتّخذنا نساءً وولداً من أهل الأرض ، نزلت في الذين قالوا اتّخذ الله ولداً . { إِن كُنَّا فَاعِلِينَ * بَلْ نَقْذِفُ } نأتي ونرمي وننزل { بِٱلْحَقِّ } بالإيمان { عَلَى ٱلْبَاطِلِ } الكفر { فَيَدْمَغُهُ } فيهلكه ، وأصل الدمغ شجّ الرأس حتى يبلغ الدِماغ { فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ } ذاهب وهالك . { وَلَكُمُ ٱلْوَيْلُ } يا معشر الكفّار { مِمَّا تَصِفُونَ } لله بما لا تليق به من الصاحبة والولد . وقال مجاهد : ممّا تكذبون ، ونظيره قوله { سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ } [ الأنعام : 139 ] أي تكذيبهم . { وَلَهُ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } عبداً وملكاً { وَمَنْ عِنْدَهُ } يعني الملائكة { لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ } . قال ابن عباس : لا يستنكفون ، مجاهد : لا يجسرون ، قتادة ومقاتل والسدّي : لا يعيون ، الوالبي عن ابن عباس : لا يرجعون ، ابن زيد : لا يملّون . { يُسَبِّحُونَ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ } لا يضعفون ولا يسأمون ، قد أُلهموا التسبيح كما تلهمون النَّفَس . { أَمِ ٱتَّخَذُوۤاْ آلِهَةً مِّنَ ٱلأَرْضِ } يعني الأصنام { هُمْ يُنشِرُونَ } يحيون الإموات ويخلقون الخلق . { لَوْ كَانَ فِيهِمَآ } أي في السماء والأرض { آلِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ } غير الله { لَفَسَدَتَا } وهلك من فيهما . { فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ * لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ } لأنه الرب { وَهُمْ يُسْأَلُونَ } عما لا يعلمون لأنهم عبيده . { أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ } على ذلك ، ثمَّ قال مستأنفاً { هَـٰذَا } يعني القرآن { ذِكْرُ } خبر { مَن مَّعِيَ } بيان الحدود والأحكام والثواب والعقاب { وَذِكْرُ مَن قَبْلِي } من الأمم السالفة وما فعل الله بهم في الدنيا وما هو فاعل بهم في الآخرة { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ٱلْحَقَّ فَهُمْ مُّعْرِضُونَ } عن القرآن . { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِيۤ إِلَيْهِ } قرأ أكثر أهل الكوفة بالنون وكسر الحاء على التعظيم لقوله : أرسلنا ، وقرأ الباقون بالياء وفتح الحاء على الفعل المجهول . { أَنَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱعْبُدُونِ * وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَداً } نزلت في خزاعة حيث قالوا : الملائكة بنات الله { سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ } يعني الملائكة { لاَ يَسْبِقُونَهُ } لا يتقدّمونه { بِٱلْقَوْلِ } ولا يتكلّمون إلاّ بما يأمرهم به . { وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ٱرْتَضَىٰ } . قال ابن عباس : هم أهل شهادة أن لا إله إلاّ الله ، وقال مجاهد : لمن رضي الله عنه ، { وَهُمْ مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ } خائفون { وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّيۤ إِلَـٰهٌ مِّن دُونِهِ } قال قتادة : عنى بهذه الآية إبليس لعنه الله حيث ادّعى الشركة ، ودعا إلى عباده نفسه وأمر بطاعته ، قال : لأنه لم يقل أحد من الملائكة إنّي إله من دون الله . { فَذٰلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ } الواضعين الإلهية والعبادة في غير موضعها .