Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 21-26)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ } صلح وطهر من هذا الذنب ، وقرأ ابن محيص ويعقوب : زكّى بالتشديد أي طهّر ، دليلها قوله سبحانه وتعالى { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي } يطهّر { مَن يَشَآءُ } من الإثم والذنب بالرحمة والمغفرة { وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } . أخبرني الحسين بن محمد بن فنجويه قال : حدَّثنا عبد الله بن يوسف بن أحمد بن مالك قال : حدّثنا علي بن زنجويه قال : حدَّثنا سعيد بن سيف التميمي قال : حدَّثنا غالب بن تميم السعدي قال : حدَّثنا خالد بن جميل عن موسى بن عقبة المديني عن أبي روح الكلبي عن حر بن نصير الحضرمي عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيّما رجل شدّ عضد امرئ من الناس في خصومة لا علم له بها فهو في ظلّ سخط الله سبحانه حتى ينزع ، وأيّما رجل حال في شفاعة دون حدّ من حدود الله تعالى أن يقام فقد كايد اللّه حقّاً وحرص على سخطه وأن عليه لعنة الله تتابع إلى يوم القيامة ، وأيّما رجل أشاع على رجل مسلم كلمة وهو منها بريء يريد أن يشينه بها في الدنيا كان حقّاً على الله أن يذيبه في النار ، وأصله في كتاب الله سبحانه { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ } الآية " . { وَلاَ يَأْتَلِ } ولا يحلف ، هذه قراءة العامة وهو يفتعل من الأليّة وهي القَسَم ، وقال الأخفش : وإن شئت جعلته من قول العرب : ما ألوت جهدي في شأن فلان أي ما تركته ، وقرأ أبو رجاء العطاردي وأبو مخلد السدوسي وأبو جعفر وزيد بن أسلم ( ولا يُتأل ) بتقديم التاء وتأخير الهمزة وهو يفتعل من الألية والالو . { أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ } يعني أبا بكر الصدّيق { أَن يُؤْتُوۤاْ أُوْلِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } يعني مسطحاً ، وكان مسكيناً مهاجراً بدرياً ، وكان ابن خالة أبي بكر رضي الله عنه . { وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُوۤاْ } عنهم خوضهم في أمر عائشة . وروت أسماء بنت يزيد أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قرأ { ولتعفوا ولتصفحوا } بالتاء . { أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . فلمّا قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي بكر قال : بلى أنا أُحب أن يغفر الله لي ، ورجع إلى مسطح نفقته التي كان ينفق عليه وقال : والله لا أنزعها منه أبداً . وقال ابن عباس والضحّاك : أقسم ناس من الصحابة فيهم أبو بكر أَلاّ يتصدقوا على رجل تكلّم بشيء من الإفك ولا ينفعونهم فأنزل الله سبحانه هذه الآية . { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ٱلْغَافِلاَتِ } عن الفواحش وعما قذفن به كغفلة عائشة عمّا فيها { ٱلْمُؤْمِناتِ لُعِنُواْ } عُذبّوا { فِي ٱلدُّنْيَا } بالجلد وفي الآخرة بالنار { وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } واختلف العلماء في حكم الآية ، فقال قوم : هي لعائشة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة دون سائر المؤمنات . أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين قال : حدَّثنا هارون بن محمد بن هارون قال : حدَّثنا محمد بن عبد العزيز قال : حدّثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال : حدَّثنا هشام عن العوّام بن حوشب قال : حدّثنا شيخ من بني كاهل قال : فسّر ابن عباس سورة النور ، فلمّا أتى على هذه الآية { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ٱلْغَافِلاَتِ ٱلْمُؤْمِناتِ } إلى آخر الآية ، قال : هذه في شأن عائشة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، وهي مبهمة ليس فيها توبة ، ومن قذف امرأة مؤمنة فقد جعل الله سبحانه له توبة ، ثمَّ قرأ { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ } الى قوله { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ } فجعل لهؤلاء توبة ولم يجعل لأُولئك توبة ، قال : فهّم رجل أن يقوم فيقبّل رأسه من حسن ما فسّره . وقال آخرون : نزلت هذه الآية في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فكان ذلك كذلك حتى نزلت الآية التي في أول السورة { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ } إلى { فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } فأنزل الله له الجلد والتوبة ، فالتوبة تُقبل والشهادة تُرَد . وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن حيّان قال : حدّثنا إسحاق بن محمد قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا إبراهيم بن عيسى قال : حدّثنا علي بن علي عن أبي حمزة الثمالي قال : بلغنا أنها نزلت في مشركي أهل مكة إذ كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد ، فكانت المرأة إذا خرجت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مهاجرة قذفها المشركون من أهل مكة وقالوا : إنما خرجت تفجر . { يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ } قرأه العامة بالتاء ، وقرأ أهل الكوفة إلاّ عاصماً بالياء لتقدّم الفعل . { أَلْسِنَتُهُمْ } وهذا قبل أن يختم على أفواههم ، وقيل : معناه : يشهد ألسنة بعضهم على بعض { وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } في الدنيا { يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ } جزاءهم وحسابهم { ٱلْحَقَّ } قرأهُ العامة بنصب القاف ، وقرأ مجاهد الحقُّ بالرفع على نعت الله وتصديقه ، قراءة أبي يوفهم اللّه الحق دينهم . { وَيَعْلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ ٱلْمُبِينُ } يبيّن لهم حقيقة ما كان يعدهم في الدنيا . { ٱلْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ } الآية . قال أكثر المفسّرين : الخبيثات من القول للخبيثين من الناس { وَٱلْخَبِيثُونَ } من الناس { لِلْخَبِيثَاتِ } من القول { وَٱلطَّيِّبَاتُ } من القول { لِلطَّيِّبِينَ } من الناس { وَٱلطَّيِّبُونَ } من الناس { لِلْطَّيِّبَاتِ } من القول . وقال ابن زيد : الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال ، والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء ، والطيّبات من النساء للطيّبين من الرجال ، والطيّبون من الرجال للطيّبات من النساء . { أُوْلَـٰئِكَ } يعني عائشة وصفوان فذكرهما بلفظ الجمع كقوله { فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ } والمراد أخَوَان . { مُبَرَّءُونَ } منزّهون { مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } . أخبرنا أبو نصر النعمان بن محمد بن النعمان الجرجاني بها قال : أخبرنا محمد بن عبد الكريم الباهلي قال : حدّثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن سفيان الترمذي قال : حدّثنا بشر بن الوليد الكندي قال : حدّثنا أبو حفص عن سليمان الشيباني عن علي بن زيد بن جدعان عن جدّته عن عائشة أنها قالت : لقد أُعطيت تسعاً ما أُعطيت امرأة ، لقد نزل جبرئيل ( عليه السلام ) بصورتي في راحته حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوَّجني ، ولقد تزوّجني بكراً وما تزوّج بكراً غيري ، ولقد توفّي وإنّ رأسه لفي حجري ، ولقد قبر في بيتي ، ولقد حفّت الملائكة في بيتي ، وإنْ كان الوحي لينزل عليه في أهله فيتفرقون عنه ، وإنْ كان لينزل عليه وأنا معه في لحافه ، وإنّي لابنة خليفته وصدّيقه ، ولقد نزل عذري من السماء ، ولقد خلقت طيّبة وعند طيّب ، ولقد وعدت مغفرة ورزقاً كريماً .