Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 60-66)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَمَّنْ } قال أبو حاتم : فيه إضمار كأنّه قال : آلهتكم خير أم الذي { خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ } حُسْن . { مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا } هو ( مَّا ) النفي ، يعني ما قدرتم عليه { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ } يعينه على ذلك ، ثمّ قال : { بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ } يشركون { أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ قَرَاراً } لا تميد بأهلها { وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ } وسطها { أَنْهَاراً } تطّرد بالمياه { وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ } جبالا ثوابت { وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ } العذب والملح { حَاجِزاً } مانعاً لئلاّ يختلطا ولا يبغي أحدهما على صاحبه ، وقيل : أراد الجزائر { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱلله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ * أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ } أي المجهود ، عن ابن عباس وقال السدّي : المضطرّ الذي لا حول له ولا قوّة ، ذو النون هو الذي قطع العلائق عمّا دون الله ، أبو حفص وأبو عثمان النيسابوريّان : هو المفلس . وسمعت أبو القاسم الحسن بن محمّد يقول : سمعت أبا نصر منصور بن عبدالله الأصبهاني يقول : سمعت أبا الحسن عمر بن فاضل العنزي يقول : سمعت سهل بن عبدالله التستري يقول : { ٱلْمُضْطَرَّ } الذي إذا رفع يديه إلى الله داعياً لم يكن له وسيلة من طاعة قدّمها { وَيَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ } أي الضرّ { وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلأَرْضِ } يهلك قرناً وينشئ آخرين { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ * أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ } إذا سافرتم . { وَمَن يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } قدّام رحمته { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ تَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّن يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ } للبعث { وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } المطر { وٱلأَرْضِ } النبات { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ } حجّتكم على قولكم إنّ مع الله إلهاً آخر { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَاواتِ وٱلأَرْضِ ٱلْغَيْبَ إِلاَّ ٱللَّهُ } نزلت في المشركين حيث سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت قيام الساعة . قال الفرّاء : وإنّما رفع ما بعد { إِلاَّ } لأنّ قبلها جحداً كما يقال : ما ذهب أحد إلاّ أبوك { وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ } متى { يُبْعَثُونَ } قالت عائشة : مَن زعم أنّه يعلم ما في غد فقد أعظم على الله الفرية ، والله عزّ وجل يقول : { قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَاواتِ وٱلأَرْضِ ٱلْغَيْبَ إِلاَّ ٱللَّهُ } . أخبرنا أبو زكريا الحري قال : أخبرنا أبو حامد الأعمشي قال : حدّثنا علي بن حشرم قال : حدّثنا الفضل بن موسى ، عن رجل قد سمّاه قال : كان عند الحجّاج بن يوسف منجّم ، فأخذ الحجّاج حصيّات بيده قد عرف عددها فقال للمنجّم : كم في يدي ؟ فحسب ، فأصاب المنجّم ، ثمّ اعتقله الحجّاج فأخذ حصيات لم يعددهنّ ، فقال للمنجّم : كم في يدي ؟ فحسب ، فحسب ، فأخطأ ثمّ حسب أيضاً ، فأخطأ ، فقال : أيّها الأمير أظنّك لا تعرف عددها في يدك . قال : فما الفرق بينهما ؟ قال : إنّ ذاك أحصيته فخرج من حدّ الغيب ، فحسبت فأصبت ، وإنّ هذا لم تعرف عددها ، فصار غيباً ، ولا يعلم الغيب إلاّ الله عزّ وجل . { بَلِ ٱدَّارَكَ } اختلف القرّاء فيه ، فقرأ ابن عباس بلى بإثبات الياء { ٱدَّارَكَ } بفتح الألف وتشديد الدال على الاستفهام . روى شعبة عن أبي حمزة قال : قال لي ابن عبّاس : في هذه الآية { بَلِ ٱدَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ } أي لم يدرك ، قال الفرّاء : وهو وجه جيّد كأنّه يوجّهه إلى الاستهزاء بالمكذّبين بالبعث ، لقولك للرجل تكذّبه : بلى لعمري لقد أدركت السلف فأنت تروي ما لا تروي ، وأنت تكذّبه . وقرأ الحسن ويحيى بن وثاب والأعمش وشيبة ونافع وعاصم وحمزة والكسائي { بَلِ ٱدَّارَكَ } بكسر اللام وتشديد الدال أي تدارك وتتابع { عِلْمُهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ } هل هي كائنة أم لا ؟ وتصديق هذه القراءة أنّها في حرف أُبي أم تدارك { عِلْمُهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ } والعرب تضع بل موضع أم ، وأم موضع بل إذا كان في أوّل الكلام استفهام كقول الشاعر : @ فوالله ما أدري أسلمى تغوّلت أم البوم أم كلٌّ إلي حبيب @@ أي بل كلٌّ إليّ حبيب ، ومعنى الكلام هل تتابع علمهم بذلك في الآخرة ، أي لم يتتابع فصل وغاب علمهم به فلم يبلغوه ولم يدركوه ؛ لأنّ في الاستفهام ضرباً من الجحد ، وقرأ أبو جعفر ومجاهد وحميد وابن كثير وأبو عمرو { بَلِ ٱدَّارَكَ } من الادّراك أي لم يدرك علمهم علم في الآخرة ، وقال مجاهد : معناه يدرك علمهم في الآخرة ويعلمونها إذا عاينوها حين لا ينفعهم علمهم لأنّهم كانوا في ( الأنبياء ) مكذّبين ، وقيل بل ضلّ وغاب علمهم في الآخرة فليس فيها لهم علم ، ويقال : اجتمع علمهم في الآخرة أنّها كائنة وهم في شكّ من وقتهم . { بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ } أي ( جهلة ) واحدها عمي ، وقرأ سليمان بن يسار وعطاء بن يسار غير مهموزة ، وقرأ ابن محيض { بل أءدّرك } على الاستفهام ، أي لم تدرك ، وحمل القول فيه أنّ الله سبحانه أخبر رسوله صلى الله عليه وسلم أنّهم إذا بعثوا يوم القيامة استوى علمهم بالآخرة وما وعدوا فيه من الثواب والعقاب ، وإنْ كانت علومهم مختلفة في الدنيا وإنْ كانوا في شكّ من أمرها بل جاهلون به . وسمعت بعض العلماء يقول في هذه الآية : إنّ حكمها ومعناها لو ادّارك علمهم في ما هم في شكّ منها حيث هم منها عمون على تعاقب الحروف .