Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 22-27)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ } اختلف أهل المعاني في وجهها ، فقال الفراء : معناه ولا من في السماء بمعجز ، وهو من غامض العربية الضمير الذي لم يظهر في الثاني . كقول حسان بن ثابت : @ فمن يهجو رسول الله منكم ويمدحه وينصره سواء @@ أراد ومن يمدحه وينصره فأضمر من وإلى هذا التأويل ذهب عبد الرحمن بن زيد قال : لا يعجزه أهل الأرض في الأرض ولا أهل السماء في السماء إن عصوا . وقال قطرب : ولا في السماء لو كنتم فيها ، كقولك : ما يفوتني فلان بالبصرة ولا هاهنا في بلدي ، وهو معك في البلد أي ولا بالبصرة لو صار إليها . { وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ * وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَلِقَآئِهِ أُوْلَـٰئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحْمَتِي وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } فأعرض سبحانه بهذه الآيات تذكيراً وتحذيراً لأهل مكة ، ثم عاد إلى قصة إبراهيم ، فقال عز من قائل : { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ } قرأ العامة بنصب الباء على خبر كان وإن قالوا : في محل الرفع على اسم كان ، وقرأ سالم الأفطس { جَوَابَ } رفعاً على اسم كان ، وإن موضعه نصب على خبره { إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلنَّارِ } وجعلها عليه برداً وسلاماً ، قال كعب : ما حرقت منه إلاّ وثاقه . { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * وَقَالَ } يعني إبراهيم ( عليه السلام ) لقومه : { إِنَّمَا ٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ } اختلف القرّاء فيها ، فقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ويعقوب { مَّوَدَّةَ } رفعاً { بَيْنِكُمْ } خفضاً بالإضافة ، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم على معنى : أنّ الذين اتخذتم من دون الله أوثاناً هي { مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ } . { فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } لم تنقطع ولا تنفع في الآخرة كقوله : { لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ } [ الأحقاف : 35 ] ثم قال : { بَلاَغٌ } [ الأحقاف : 35 ] أي هذا بلاغ ، وقوله سبحانه : { لاَ يُفْلِحُونَ } [ يونس : 69 ] ثم قال : { مَتَاعٌ } [ يونس : 70 ] أي هو متاع ، فكذلك أضمروا هاهنا هي ويجوز أن تكون خبر إن . وقرأ عاصم في بعض الروايات { مَّوَدَّةَ } مرفوعة منونة { بَيْنِكُمْ } نصباً وهو راجع إلى معنى القراءة الأولى ، وقرأ حمزة { مَّوَدَّةَ } بالنصب { بَيْنِكُمْ } بالخفض على الإضافة بوقوع الإتحاد عليها وجعل إنّما حرفاً واحداً وهي رواية حفص عن عاصم ، وقرأ الآخرون : { مَّوَدَّةَ } نصباً منونة { بَيْنِكُمْ } بالنصب وهي راجعة إلى قراءة حمزة ومعنى الآية أنكم اتخذتم هذه الأوثان مودة بينكم في الحياة الدنيا . { مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } تتوادون وتتحابون على عبادتها وتتواصلون عليها . { ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً } وتتبرأ الأوثان من عابديها { وَمَأْوَاكُمُ } جميعاً العابدون والمعبودون { ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ * فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ } وهو أول من صدق إبراهيم ( عليه السلام ) حين رأى أنّ النار لم تضرّه . { وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّيۤ } فهاجر من كوتي من سواد الكوفة إلى حران ثم إلى الشام ومعه ابن أخيه لوط وامرأته سارة ، وهو أول من هاجر ، قال مقاتل : هاجر إبراهيم ( عليه السلام ) وهو ابن خمس وسبعين سنة . { إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ } .