Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 1-9)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { ٱلْحَمْدُ للَّهِ } وهو الوصف بالجميل على جهة التعظيم { ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِي ٱلآخِرَةِ } كما هو له فى الدنيا ؛ لأنّ النعم كلها في الدارين منه ، { وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْخَبِيرُ } . قوله : { يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلأَرْضِ } يدخل ويغيب فيها من الماء والموادّ والحيوانات ، { وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا } من النبات ، { وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ } من الأمطار ، { وَمَا يَعْرُجُ } يصعد { فِيهَا } : من الملائكة وأعمال العباد ، { وَهُوَ ٱلرَّحِيمُ ٱلْغَفُورُ } . { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَأْتِينَا ٱلسَّاعَةُ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ } الساعة ، ثم عاد جلّ جلاله إلى تمجيده والثناء على نفسه ، فقال عز من قائل : { عَالِمِ ٱلْغَيْبِ } ، اختلف القراء فيها ، فقرأ يحيى والأعمش وحمزة والكسائي : ( علاّمِ الغيب ) بخفض الميم على وزن فعال ، وهي قراءة عبد الله وأصحابه . قال الفراء : وكذلك رأيتها في مصحف عبد الله ( علاّمِ ) . وقرأ أهل مكة والبصرة وعاصم بجر الميم على مثال فاعل رداً على قوله ، وهي اختيار أبي عبيد فيه ، وفي أمثاله يؤثر النعوت على الابتداء . وقرأ الآخرون ( عالمُ ) رفعاً بالاستئناف ؛ إذ حال بينهما كلام . { لاَ يَعْزُبُ } يغيب ويبتعد { عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ } : وزن نملة ، وهذا مثل ؛ لأنه سبحانه لا يخفى عليه ما هو دون الذرة . { فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ * لِّيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ * وَٱلَّذِينَ سَعَوْا فِيۤ آيَاتِنَا } عملوا في إبطال أدلّتنا والتكذيب بكتابنا { مُعَاجِزِينَ } : مسابقين يحسبون أنهم يفوتوننا . قال ابن زيد : جاهدين ، وقرأ : { لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ } [ فصلت : 26 ] . { وْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ } ، قرأ ابن كثير ويعقوب وعاصم برواية حفص والمفضل { أَلِيمٌ } بالرفع على نعت الـ ( عذاب ) . غيرهم بالخفض على نعت الـ ( رجز ) . قال قتادة : الرجز أسوأ العذاب ، ومثله في الجاثية { وَيَرَى } يعني : وليرى { ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } يعني : مؤمني أهل الكتاب : عبد الله بن سلام وأصحابه ، وقال قتادة : هم أصحاب محمد ( عليه السلام ) . { ٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } يعني : القرآن { هُوَ ٱلْحَقَّ وَيَهْدِيۤ } يعني : القرآن { إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ } وهو الإسلام . { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } منكرين للبعث متعجبين منه : { هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ } : يخبركم ، يعنون : محمداً ( عليه السلام ) { إِذَا مُزِّقْتُمْ } : قطعتم وفرقتم { كُلَّ مُمَزَّقٍ } وصرتم رفاتاً { إِنَّكُمْ } بالكسر على الابتداء والحكاية ، مجازة يقول لكم : { إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } . { أَفْتَرَىٰ } ألف الاستفهام دخلت على ألف الوصل لذلك نُصب { عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ } : جنون ؟ قال الله تعالى : { بَلِ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ فِي ٱلْعَذَابِ وَٱلضَّلاَلِ ٱلْبَعِيدِ * أَفَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } فيعلموا أنهم حيث كانوا ، فإن أرضي وسمائي محيطة بهم ، لا يخرجون من أقطارها ، وأنا لقادر عليهم ولا يعجزونني ؟ { إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ ٱلأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } قطعة . قراءة العامة بالنون في الثلث ، وقرأ الأعمش والكسائي كلها بالياء وهو اختيار أبي عبيد قال : لذكر الله عز وجل قبله . { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ } تائب مقبل على ربه راجع إليه بقلبه .