Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 1-23)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱلصَّافَّاتِ صَفَّا } قال ابن عباس ومسروق والحسن وقتادة : يعني صفوف الملائكة في السماوات كصفوف الخلق في الدُّنيا للصلاة ، وقيل : هم الملائكة تصف أجنحتها في الهواء واقفة فيه حتى يأمرها بما يريد ، وقيل : هي الطير ، دليله قوله : { وَٱلطَّيْرُ صَآفَّاتٍ } [ النور : 41 ] وقوله : { أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى ٱلطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ } [ الملك : 19 ] . والصف : ترتيب الجمع على خط كالصف في الصلاة والحرب . { فَٱلزَّاجِرَاتِ زَجْراً } يعني الملائكة تزجر السحاب وتسوقه ، وقال قتادة : هي زواجر القرآن . { فَٱلتَّالِيَاتِ ذِكْراً } يعني جبرائيل والملائكة تتلو كتب الله ، عن مجاهد والسدي ، وقيل : هي جماعة قرّاء القرآن ، وهي كلها جمع الجمع ، فالصافة جمع الصاف ، والصافات جمع الصافة وكذلك أُختاها ، وقيل : هو قسم بالله تعالى على تقدير : وربّ الصافات . { إِنَّ إِلَـٰهَكُمْ لَوَاحِدٌ } موضع القسم قال مقاتل : لأنّ كفار مكة قالوا : أجعل الآلهة إلهاً واحداً ؟ فأقسم الله تعالى بهؤلاء : { إِنَّ إِلَـٰهَكُمْ لَوَاحِدٌ } ، وقرأ الأعمش وأبو عمرو وحمزة كلّهم بالإدغام ، والباقون بالبيان . { رَّبُّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ ٱلْمَشَارِقِ } أي مطالع الشمس ؛ وذلك أنّ الله تعالى خلق للشمس ثلاثمئة وستين كوة في المشرق ، وثلثمائة وستين كوة في المغرب على عدد أيام السنة تطلع كل يوم من كوة منها وتغرب في كوة منها فهي المشارق والمغارب . حدّثنا أبو محمد الحسن بن أحمد المخلدي إملاءً قال : حدّثنا أبو العباس محمّد بن إسحاق بن إبراهيم الثقفي إملاءً قال : حدّثني إسحاق بن إبراهيم بن عبد الرَّحْمن بن عمر بن منيع صدوق ثقة قال : حدّثنا ابن عليه عن عمارة بن أبي حفصة عن عكرمة قال : قال ابن عباس : إنّ الشمس تطلع كل سنة في ثلاثمائة وستين كوة تطلّع كل يوم في كوة ولا ترجع إلى تلك الكوة إلاّ ذلك اليوم من العام القابل ، ولا تطلع إلاّ وهي كارهة ، فتقول : ربّ لا تطلعني على عبادك ؛ فإني أراهم يعصونك ويعملون بمعاصيك أراهم . قال : أولم تسمعوا إلى ما قال أُمية بن أبي الصلت : حتى تجر وتجلد ؟ قلت : يا مولاي وتجلد الشمس ؟ قال : عضضت بهن أبيك ، إنما اضطره الروي إلى الجلد . وقيل : وكل موضع شرقت عليه الشمس فهو مشرق ، وكل موضع غربت عليه فهو مغرب ، كأنه أراد ربّ جميع ما شرقت عليه الشمس . { إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِزِينَةٍ ٱلْكَوَاكِبِ } قرأ عاصم برواية أبي بكر ( بزينة ) منونة ( الكواكب ) نصباً ، يعني بتزييننا الكواكب ، وقيل : أعني الكواكب ، وقرأ حمزة وعاصم في سائر الروايات ( بزينة ) منونة . { ٱلْكَوَاكِبِ } خفضاً على البدل ، أي بزينة الكواكب . وقرأ الباقون { بِزِينَةٍ ٱلْكَوَاكِبِ } مضافة . قال ابن عباس : يعني بضوء الكواكب . { وَحِفْظاً } أي وحفظناها حفظاً ، أو وجعلناها أيضاً حفظاً ، وذلك شائع في اللغة { مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ } : خبيث خال عن الخير . { لاَّ يَسَّمَّعُونَ إِلَىٰ ٱلْمَلإِ ٱلأَعْلَىٰ } كأنه قال : فلا يسمعون . قرأ أهل الكوفة { يَسَّمَّعُونَ } بالتشديد ، أي يتسمعون ، قال مجاهد : كانوا يتسمعون ولكن لا يسمعون ، وهو اختيار أبي عبيد ، وقرأ الآخرون بالتخفيف ، وهو اختيار أبي حاتم ، { إِلَىٰ ٱلْمَلإِ ٱلأَعْلَىٰ } يعني الكتبة من الملائكة في السماء { وَيُقْذَفُونَ } ، ويرمون { مِن كُلِّ جَانِبٍ } من آفاق السماء . { دُحُوراً } يبعدونهم عن مجالس الملائكة ، والدحر والدحور : الطرد والإبعاد ، { وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ } : دائم ، نظيره قوله سبحانه : { وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِباً } [ النحل : 52 ] ، وقال ابن عباس : شديد . الكلبي : موجع ، وقيل : خالص . { إِلاَّ مَنْ خَطِفَ ٱلْخَطْفَةَ } : مسارق فسمع الكلمة ، { فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ } : تبعه ولحقه كوكب مضيء قوي لا يخطئه يقتل أو يحرق أو يحيل ، وإنما يعودون إلى استراق السمع مع علمهم بأنهم لا يصلون إليه ؛ طمعاً في السلامة ونيل المراد كراكب البحر . { فَٱسْتَفْتِهِمْ } فسلهم ، يعني : أهل مكة { أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَآ } يعني : من الأُمم الخالية ، وقد أهلكناهم بذنوبهم ، وقيل : يعني السماوات والأرض وما بينهما . نزلت في أبي الأسد بن كلدة ، وقيل : أُبيّ بن أسد ، وسُمّي بالأسدين ؛ لشدة بطشه وقوته ، نظيرها : { لَخَلْقُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ } [ غافر : 57 ] وقوله سبحانه { أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ ٱلسَّمَآءُ } [ النازعات : 27 ] . { إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ } أي جيد حر يلصق ويعلق ، باليد ومعناه اللازم تبدل الميم كأنه يلزم اليد ، وقال السدي : خالص . قال مجاهد والضحاك : [ الرمل ] . { بَلْ عَجِبْتَ } قرأ حمزة والكسائي وخلف ( عجبتُ ) بضم التاء - وهي قراءة ابن مسعود وابن عباس على معنى أنهم قد حلّوا محل من تعجّب منهم ، وقال الحسين بن الفضل : العجب من الله ، إنكار الشيء وتعظيمه وهو لغة العرب ، وقد جاء في الخبر : عجب ربكم من إلّكم وقنوطكم والخبر الآخر : إنّ الله ليعجب من الشاب إذا لم يكن له صبوة ونحوها ، وسمعت أبا القاسم الحسن بن محمد النيسابوري يقول : سمعت أبا عبد الله محمد بن علي البغدادي يقول : سُئل جنيد عن هذه الآية فقال : إنّ الله لا يعجب من شيء ، ولكنّ الله وافق رسوله لمّا عجب رسوله ، فقال : ف { تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ } [ الرعد : 5 ] . أي هو لما يقوله . وقرأ الآخرون بفتح التاء على خطاب النبي صلى الله عليه وسلم وهي قراءة شريح القاضي . قال : إنما يعجب من لا يعلم ، والله عنده علم كلّ شيء ، ومعناه ، بل عجبت من تكذيبهم إياك . { وَيَسْخَرُونَ } وهم يسخرون من تعجبّك . { وَإِذَا ذُكِّرُواْ لاَ يَذْكُرُونَ } وإذا وعظوا لا يتعظون . { وَإِذَا رَأَوْاْ آيَةً } يعني انشقاق القمر { يَسْتَسْخِرُونَ } يسخرون وقيل : يستدعي بعضهم بعضاً إلى أن يسخر . { وَقَالُوۤاْ إِن هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ * أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَ آبَآؤُنَا } يعني : وآباؤنا { أَوَ } بمعنى الواو { ٱلأَوَّلُونَ * قُلْ نَعَمْ وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ } : صاغرون . { فَإِنَّمَا هِيَ } يعني : النفخة والقيامة { زَجْرَةٌ } : صيحة { وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ } أحياء . { وَقَالُواْ يٰوَيْلَنَا هَـٰذَا يَوْمُ ٱلدِّينِ * هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ * ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ } أخبرني الحسن بن محمد المدني قال : حدّثنا محمد بن علي الحسن الصوفي قال : حدّثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال : حدّثنا عمّي أبو بكر قال : حدّثنا وكيع عن سفيان عن سماك ، عن النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ } قال : " ضرباءهم " ، وقال ابن عباس : أشباههم . ضحاك ومقاتل : قرناءهم من الشياطين ، كل كافر معه شيطانه في سلسلة . قتادة والكلبي : كل من عمل مثل عملهم ، فأهل الخمر مع أهل الخمر ، وأهل الزنا مع أهل الزنا ، وقال الحسن : وأزواجهم المشركات . { وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ * مِن دُونِ ٱللَّهِ } في الدنيا { فَٱهْدُوهُمْ } : فادعوهم ، قاله الضحاك ، وقال ابن عباس : دلّوهم ، وقال ابن كيسان : فدلوهم ، والعرب تسمي السائق هادياً ، ومنه قيل : الرقية هادية السائق ، قال امرؤ القيس : @ كأن دماء الهاديات بنحره عصارة حنا بشيب مرجّل @@ { إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْجَحِيمِ } : طريق النار .