Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 24-61)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَقِفُوهُمْ } واحبسوهم ، يُقال : وقفته وقفاً فوقف وقوفاً . { إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ } قال ابن عباس : عن لا إله إلاّ الله . ضحاك : عن خطاياهم . القرظي : عن جميع أقوالهم وأفعالهم . أخبرني الحسين بن محمد الدينوري قال : حدّثنا عمر بن أحمد بن القاسم النهاوندي قال : حدّثنا محمد بن أيوب قال : أخبرنا محمد بن عقبة قال : حدّثنا أبو حصين بن نمير الهمداني قال : حدّثنا حسين بن قيس الرحبي وزعم أنه شيخ صدوق قال : حدّثنا عطاء عن أبي عمر عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن خمس خصال : عن شبابه فيما أبلاه ، وعن عمره فيما أفناه ، وعن ماله من أين كسبه ، وفيما أنفقه ، وما عمِلَ فيما علم " . وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا محمد بن الحسن بن صقلاب قال : حدّثنا محمد بن أحمد بن عبد الرَّحْمن بطرسوس قال : حدّثنا أحمد بن خليد قال : حدّثنا يوسف بن يونس الأخطف الأقطس قال : حدّثنا سليمان بن بلال عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا كان يوم القيامة دعا الله سبحانه بعبد من عبيده فيوقفه بين يديه فيسائله عن جاهه كما يسائله عن ماله " . { مَا لَكُمْ لاَ تَنَاصَرُونَ } أي لا تنتقمون ولا ينصر بعضهم بعضاً ، يقوله خزنة النار للكفار ، وهذا جواب أبي جهل حين قال يوم بدر : نحن جميع منتصر . قال الله سبحانه وتعالى : { بَلْ هُمُ ٱلْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ } قال ابن عباس : خاضعون . الحسن : منقادون . الأخفش : ملقون بأيديهم ، وقال أهل المعاني : مسترسلون لما لا يستطيعون له دفعاً ولا منه امتناعاً كحال الطالب السلامة في نزل المنازعة . { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } يعني : الرؤساء والأتباع { يَتَسَآءَلُونَ } : يتخاصمون . { قَالُوۤاْ } يعني : الأتباع للرؤساء : { إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ } أي من قِبَل اليمين فتضلوننا عنه ، قاله الضحاك ، وقال مجاهد : عن الصراط الحق : وقال أهل المعاني : أي من جهة النصيحة والبركة والعمل الذي يتيمن به ، والعرب تتيمن بما جاء عن اليمين ، وقال بعضهم : أي عن القوة والقدرة كقول الشماح . @ إذا ماراية رفعت لمجد تلقاها عرابة باليمين @@ أي بالقوة وغرابة اسم ملك اليمن . { قَالُواْ } يعني : الرؤساء { بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَاغِينَ * فَحَقَّ عَلَيْنَا } وعليكم { قَوْلُ رَبِّنَآ } يعنون قوله سبحانه : { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [ السجدة : 13 ] . { إِنَّا } جميعاً { لَذَآئِقُونَ } العذاب . { فَأَغْوَيْنَاكُمْ } : فأضللناكم لأنا كنّا { غَاوِينَ } ضالين ، قال الله سبحانه : { فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ * إِنَّهُمْ كَانُوۤاْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُوۤاْ آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ } يعني النبي صلّى الله عليه وآله وسلم . قال الله سبحانه رداً عليهم : { بَلْ جَآءَ بِٱلْحَقِّ وَصَدَّقَ ٱلْمُرْسَلِينَ * إِنَّكُمْ لَذَآئِقُو ٱلْعَذَابِ ٱلأَلِيمِ * وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ * أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ } يعني : بكرة وعشية ، كقوله : { وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً } [ مريم : 62 ] . { فَوَاكِهُ } : جمع الفاكهة ، وهي كلّ طعام يُؤكل للتلذذ لا للقوت الذي يحفظ الصحة ، يُقال : فلان يتفكّه بهذا الطعام ، { وَهُم مُّكْرَمُونَ * فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ * عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ } : إناء فيه شراب ، ولا يكون كأساً حتى يكون فيه شراب ، وإلاّ فهو إناء ، قال الأخفش : كل كأس في القرآن فهو خمر { مِّن مَّعِينٍ } : خمر جارية في أنهار طاهرة العيون ، ويجوز أن يكون فعيلاً من ( المعن ) وهو الإسراع والشدة من ( أمعن في الأمر ) إذا اشتدّ دخوله فيه . يعني : خمراً شديدة الجري سريعته . { بَيْضَآءَ } أي صافية في نهاية اللطافة و { لَذَّةٍ } : لذيذة { لِّلشَّارِبِينَ * لاَ فِيهَا غَوْلٌ } أي إثم عن الكلبي ، نظيره { لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ } [ الطور : 23 ] . قتادة : وجع البطن . الحسن : صداع . مجاهد : داء . ابن كيسان : مغص . الشعبي : لا تغتال عقولهم فتُذهب بها ، وقال أهل المعاني : الغول : فساد يلحق في خفاء ، يُقال : اغتاله اغتيالاً إذا فسد عليه أمره في خفية ، ومنه الغول والغيلة وهو القتل خفية . { وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ } قرأ حمزة والكسائي وخلف : بكسر الزاي هاهنا وفي سورة الواقعة ، وافقهم عاصم في الواقعة . الباقون : بفتح الزاي فيهما . فمن فتح الزاي ، فمعناه : لا تغلبهم على عقولهم ولا يسكرون ، يقال : نزف الرجل فهو منزوف ونزيف ، إذا سكر وزال عقله ، قال الشاعر : @ فلثمتُ فاها آخذاً بقرونها شرب النزيف ببرد ماء الحشرج @@ أي السكران ، ومن كسر الزاي فمعناه : لا ينفد شرابهم . يُقال : أنزف الرجل فهو منزوف إذا فنيت خمره . قال الحطيئة : @ لعمري لئن أنزفتمُ أو صحوتمُ لبئس الندامى كنتمُ آل أبجرا @@ { وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ } : حابسات الأعين ، غاضّات الجفون ، قصرن أعينهن عن غير أزواجهن ، فلا ينظرن إلاّ إلى أزواجهنّ { عِينٌ } نجل العيون حسانها ، واحدتها : عيناء ، يُقال : رجل أعين وامرأة عيناء ورجال ونساء عين . { كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ } : جمع البيضة { مَّكْنُونٌ } مستور مصون . قال الحسن وابن زيد شبههن ببيض النعامة تكنها بالريش من الريح والغبار ، وقيل : شبههن ببطن البيض قبل أن يُقشر ، وهو معنى قول ابن عباس ، وإنما ذكّر المكنون والبيض جمع ؛ لأنه ردّه إلى اللفظ . { فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } في الجنة . { قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ } في الدنيا . قال مجاهد : كان شيطاناً ، وقال آخرون : كان من الإنس . قال مقاتل : كانا أخوين ، وقال الباقون : كانا شريكين : أحدهما فطروس وهو الكافر ، والآخر يهوذا وهو المؤمن ، وهما اللذان قصّ الله حديثهما في سورة الكهف . { يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُصَدِّقِينَ } بالبعث ؟ { أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ } : مجزيون ومحاسبون ومملوكون { قَالَ } الله سبحانه لأهل الجنة : { هَلْ أَنتُمْ مُّطَّلِعُونَ } إلى النار ؟ أخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن حبيش قال : حدّثنا أبو القاسم بن الفضل قال : حدّثنا أحمد ابن يزيد المقرئ عن جلاد عن الحكم بن طاهر ، عن السدي ، عن أبي ملك عن ابن عباس أنه قرأ { هَلْ أَنتُمْ مُّطَّلِعُونَ * فَٱطَّلَعَ } بخفضهما وبكسر اللام ، قال : رافعون فرفع ، قال ابن عباس : وذلك أنّ في الجنة كوىً فينظر أهلها منها إلى النار وأهلها . { فَٱطَّلَعَ } هذا المؤمن { فَرَآهُ فِي سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ } فرأى قرينه في وسط النار . { قَالَ تَٱللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ } ما أردت إلاّ أن تهلكوا وأصله من التردّي . { وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبِّي } : عصمته ورحمته { لَكُنتُ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ } معك في النار . { أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ * إِلاَّ مَوْتَتَنَا ٱلأُولَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } ، فتقول لهم الملائكة : لا ، وقيل : إنما يقولونه على جهة الحديث بنعمة الله سبحانه عليهم في أنّهم لا يموتون ولا يعذّبون ، وقيل : يقوله المؤمن على جهة التوبيخ لقرينه بما كان ينكره . { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ * لِمِثْلِ هَـٰذَا فَلْيَعْمَلِ ٱلْعَامِلُونَ }