Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 79-98)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ سَلاَمٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي ٱلْعَالَمِينَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلآخَرِينَ * وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ } : أهل دينه وسنته { لإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَآءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } : مُخلص من الشرك والشك ، وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن شنبه قال : حدّثنا الفربابي قال : حدّثنا محمد بن العلا قال : حدّثنا عصام بن علي عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال : يا بنيّ لا تكونوا لعّانين أو لم يروا إلى إبراهيم لم يلعن شيئاً قط فقال الله سبحانه : { إِذْ جَآءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } ؟ { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا } : ماالذي { تَعْبُدُونَ * أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ ٱللَّهِ تُرِيدُونَ * فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره ؟ { فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي ٱلنُّجُومِ } ، قال ابن عباس : كان قومه يتعاطون علم النجوم فعاملهم حيث كانوا ؛ لئلاّ ينكروا عليه ؛ وذلك أنه كان لهم من الغد عيد ومجمع ، وكانوا يدخلون على أصنامهم ويقرّبون لهم القرابين ويصنعون بين أيديهم الطعام قبل خروجهم إلى عيدهم زعموا التبّرك عليه ، فإذا انصرفوا من عيدهم أكلوه . قال مقاتل : وكانت الأصنام اثنين وسبعين صنماً من خشب وحديد ورصاص وشبه وفضّة وذهب ، وكان كبيرهنّ من ذهب في عينيه ياقوتتان ، وقالوا لإبراهيم ( عليه السلام ) : لا تخرج غداً معنا إلى عيدنا . فنظر إلى النجوم ، { فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ } ، قال ابن عباس : مطعون ، وقال الحسن : مريض ، وقال الضحاك : سأسقم ؛ لقوله سبحانه { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ } [ الزمر : 30 ] . وقيل : سقيم بما في عنقي من الموت ، وقيل : سقيم بما أرى من أحوالكم القبيحة ، وقيل : سقيم بعلة عرضت له ، وإنّه إنما نظر في النجوم مستدلاً بها على وقت حمّى كانت تأتيه ، والصحيح أنه لم يكن سقيماً ؛ لما رُوي عن النبي ( عليه السلام ) أنه قال : " لقد كذب إبراهيم ثلاث كذبات ، ما منها واحدة إلاّ وهو بماحل وناصل بها عن دينه : قوله : { إِنِّي سَقِيمٌ } ، وقوله : { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ } [ الأنبياء : 63 ] وقوله لسارة : هذه أُختي " . { فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ } إلى عيدهم ، فدخل إبراهيم إلى الأصنام فكسرها ووضع الفأس على عاتق الصنم الكبير ، وكانوا إذا رجعوا من عيدهم دخلوا على أصنامهم قبل أن يرجعوا إلى منازلهم ، فدخلوا عليها فإذا هي مكسورة ، فذلك قوله سبحانه : { فَرَاغَ } : فمال { إِلَىٰ آلِهَتِهِمْ فَقَالَ } إظهاراً لضعفهم وعجزهم : { أَلا تَأْكُلُونَ * مَا لَكُمْ لاَ تَنطِقُونَ * فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِٱلْيَمِينِ } ؛ لأنها أقوى على العمل من الشمال ، وهذا قول الربيع بن أنس قال : يعني يده اليمنى ، وقيل : بالقسم الذي سبق منه ، وذلك قوله : { وَتَٱللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ } [ الأنبياء : 57 ] وقال الفراء : بالقوة . { فَأَقْبَلُوۤاْ إِلَيْهِ } : إلى إبراهيم { يَزِفُّونَ } ، أي يُسرعون عن الحسن . مجاهد : يزفون زفيف النعام وهو حالٌ بين المشي والطيران . الضحاك : يسعون ، وقرأ يحيى والأعمش وحمزة { يَزِفُّونَ } بضم الياء ، وهما لغتان : فقال لهم إبراهيم على وجه الحِجاج : { أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } ؟ وفي هذه الآية دليل على أنّ أفعال العباد مخلوقة لله سبحانه وتعالى حيث قال : { وَمَا تَعْمَلُونَ } على [ أنها ] مكتسبة للعباد حيث أثبت لهم عملاً ، فأبطل مذهب القدرية والجبرية بهذه الآية ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنّ الله خالق كلّ صانع وصنعته " . { قَالُواْ ٱبْنُواْ لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي ٱلْجَحِيمِ } : معطم النار . قال مقاتل : بنوا له حائطاً من الحجر طوله ثلاثون ذراعاً وعرضه عشرون ذراعاً وملؤوه من الحطب وأوقدوا فيه النار . { فَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَسْفَلِينَ } : المقهورين .