Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 62-78)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً } : رزقاً { أَمْ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ } ، والزقوم ثمرة شجرة كريهة الطّعم جداً ، من قولهم : يزقم هذا الطعام ، إذا تناوله على كره ومشقة شديدة . { إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ } : للكافرين ، وذلك أنهم قالوا : كيف يكون في النار شجرة والنار تحرق الشجر ؟ وقال ابن الزبعرى لصناديد قريش : إنّ محمداً يخوفنا بالزقوم وإنّ الزقوم بلسان بربر وأفريقية الزبد والتمر ، فأدخلهم أبو جهل بيته وقال : يا جارية زقّمينا . فأتتهم بالزبد والتمر ، فقال : تزقّموا فهذا ما يوعدكم به محمد ، فقال الله سبحانه : { إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِيۤ أَصْلِ ٱلْجَحِيمِ } : قعر النار . قال الحسن : أصلها في قعر جهنم ، وأغصانها ترتفع إلى دركاتها . { طَلْعُهَا } ثمرها ، سمّي طلعها لطلوعه { كَأَنَّهُ رُءُوسُ ٱلشَّيَاطِينِ } قال بعضهم : هم الشياطين بأعيانهم ، شبهّه بها لقبحه ؛ لأن الناس إذا وصفوا شيئاً بعاهة القبح قالوا : كأنه شياطين ، وإن كانت الشياطين لا تُرى ؛ لأن قبح صورتها متصوّر في النفس ، وهذا معنى قول ابن عباس والقرظي ، وقال بعضهم : أراد بالشياطين الحيّات ، والعرب تُسمي الحية القبيحة الخفيفة الجسم شيطاناً ، قال الشاعر : @ تلاعب مثنى حضرمّي كأنه تعمج شيطان بذي خروع قفر @@ وقال الراجز : @ عنجرد تحلف حين أحلف كمثل شيطان الحماط أعرف @@ والأعرف : الذي له عرق ، وقيل : هي شجرة قبيحة خشنة مرة منتنة ، تنبت في البادية تسميها العرب رؤوس الشياطين . { فَإِنَّهُمْ لآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ } ، والملء : حشو الوعاء بما لا يحتمل زيادة عليه ، { ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً } : خلطاً ومزاجاً ، وقال مقاتل : شراباً { مِنْ حَمِيمٍ } : ماء حار شديد الحرارة ، { ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى ٱلْجَحِيمِ } ثم بمعنى قبل ، مجازه : وقبل ذلك مرجعهم لإلى الجحيم ، كقول الشاعر : @ إنّ من ساد ثم ساد أبوه ثم قد ساد قبل ذلك جده @@ أي قبل ذلك ساد أبوه ، ويجوز أن تكون بمعنى الواو . وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا أبو علي المقري قال : حدّثني علي بن الحسن بن سعد الهمداني قال : حدّثنا عباس بن يزيد بن أبي حبيب قال : حدّثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا سفيان عن ميسرة عن المنهال عن أبي عبيدة عن عبد الله أنه قرأ ( ثم إنّ مقتلهم لإلى الجحيم ) . { إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ } : وجدوا { آبَآءَهُمْ ضَآلِّينَ * فَهُمْ عَلَىٰ آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ } يسرعون . { وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ ٱلأَوَّلِينَ * وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُّنذِرِينَ } : مرسلين { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُنذَرِينَ * إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ * وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ } ، نظيره : { وَنُوحاً إِذْ نَادَىٰ مِن قَبْلُ } [ الأنبياء : 76 ] ، وهو قوله : { فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ } [ القمر : 10 ] . { فَلَنِعْمَ ٱلْمُجِيبُونَ } على التعظيم ، { وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ } ، وهو الغرق ، { وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ ٱلْبَاقِين } ، أخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا الفضل بن الفضل الكندي قال : حدّثنا زكريا بن يحيى الساجي قال : حدّثنا بندار قال : حدّثنا محمد بن خالد بن غيمة قال : حدّثنا سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ ٱلْبَاقِين } قال : " سام وحام ويافث " . وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن شنبه قال : حدّثنا محمد بن عمران بن هارون قال : حدّثنا أبو عبد الله المخزومي قال : حدّثنا سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيّب قال : كان وُلْد نوح ثلاثة : سام وحام ويافث ، فسام أبو العرب وفارس وروم ، وحام أبو السودان من المشرق إلى المغرب ، ويافث أبو الترك ويأجوج ومأجوج وما هنالك . وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا مخلد بن جعفر الباقرحى قال : حدّثنا الحسن بن علوية قال : حدّثنا إسماعيل بن عيسى قال : حدّثنا إسحاق بن بشر قال : أخبرنا جويبر ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس قال : لما خرج نوح عليه السلام من السفينة مات مَن معه من الرجال والنساء إلاّ ولده ونساءهم ، فذلك قوله : { وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ ٱلْبَاقِين } . { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ } ، أي لقينا له ثناء حسناً وذكراً جميلاً فيمن بعده من الأنبياء والأُمم .