Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 1-7)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ صۤ } قرأ العامة بالجزم ، واختلفوا في معناه . فقال الكلبي : عن أبي صالح ، سُئل جابر بن عبد الله وابن عباس عن { صۤ } فقالا : لا ندري . وقال عكرمة : سأل نافع الأزرق عبد الله بن عباس عن { صۤ } فقال : كان بحراً بمكّة وكان عليه عرش الرّحمن ، إذ لا ليل ولا نهار . سعيد بن جبير : { صۤ } بحر يُحيي الله به الموتى بين [ النفختين ] . الضحّاك : صدق الله . مجاهد : فاتحة السّورة . قتادة : اسم من أسماء القرآن . السدّي : قسم أقسم الله سبحانه وتعالى به ، وهو اسم من أسماء الله عزّ وجلّ . وهي رواية الوالبي عن ابن عبّاس . محمد بن كعب القرظي : هو مفتاح أسماء الله ، صمد ، وصانع المصنوعات ، وصادق الوعد . وقيل : هو اسم السّورة ، وقيل : هو إشارة إلى صدود الكفّار من القرآن . وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق : صاد بخفض الدّال ، من المصادّاة ، أي عارض القرآن بعملك وقابله به ، واعمل بأوامره ، وانته عن نواهيه . وقرأ عيسى بن عمر صاد بفتح الدّال ، ومثلهُ قاف ونون ، لإجتماع السّاكنين ، حرّكها إلى أخف الحركات . وقيل : على الإغراء . وقيل في { صۤ } : إنّ معناه صاد محمّد قلوبَ الخلق واستمالها حتّى آمنوا به . { وَٱلْقُرْآنِ ذِي ٱلذِّكْرِ } قال ابن عباس ومقاتل : ذي البيان . الضحاك : ذي الشرف ، دليله قوله عزّ وجل : { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } [ الزخرف : 44 ] . وقيل : ذي ذكر الله عزّ وجلّ . واختلفوا في جواب القسم ، فقال قتادة : موضع القسم قوله : { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } كما قال سبحانه : { قۤ وَٱلْقُرْآنِ ٱلْمَجِيدِ * بَلْ عَجِبُوۤاْ } [ ق : 1 - 2 ] . وقال الأخفش جوابه قوله : { إِن كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ } كقوله عزّ وجل : { تَٱللَّهِ إِن كُنَّا … } [ الشعراء : 97 ] وقوله : { وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ } [ الطارق : 1 ] { إِن كُلُّ نَفْسٍ } [ الطارق : 4 ] . وقيل : قوله : { إِنَّ هَـٰذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ } . وقال الكسائي : قوله : { إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ ٱلنَّارِ } . وقيل : مقدم ومؤخر تقديره { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ } { وَٱلْقُرْآنِ ذِي ٱلذِّكْرِ } . وقال الفراء : { صۤ } معناها وجب وحقّ ، فهي جواب لقوله { وَٱلْقُرْآنِ } كما تقول : [ نزل ] والله . وقال القتيبي من قال جواب القسم { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } قال : " بل " إنما تجيء لتدارك كلام ونفي آخر ، ومجاز الآية أن الله أقسم ب { صۤ وَٱلْقُرْآنِ ذِي ٱلذِّكْرِ * بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ } ويعني حمية جاهلية وتكبر . { وَشِقَاقٍ } يعني خلاف وفراق . { كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَواْ } بالأيمان والاستغاثة عند نزول العقوبة وحلول النقمة بهم . { وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ } وليس بوقت فرار ولا بر . وقال وهب : { وَّلاَتَ } بلغة السريانية إذا أراد السرياني أن يقول وليس يقول : ولات . وقال أئمة أهل اللغة : { وَّلاَتَ حِينَ } مفتوحتان كأنّهما كلمة واحدة ، وإنّما هي " لا " زيدت فيها التاء كقولهم : رُبّ ورُبَّت ، وثمَّ وثمَّت . قال أبو زيد الطائي : @ طلبوا صلحنا ولات أوان فأجبنا أن ليس حين بقاء @@ [ وقال ] آخر : @ تذكّرت حبّ ليلى لات حيناً وأمسى الشيب فقطع القرينا @@ وقال قوم : إن التاء زيدت في حين كقول أبي وجزة السعديّ : @ العاطفون حين ما من عاطف والمطعمون زمان ما من مطعم @@ وتقول العرب : تلان بمعنى الآن ، ومنه حديث ابن عمر سأله رجل عن عثمان رضي الله عنه فذكر مناقبه ثم قال : اذهب بها تلان إلى أصحابك يريد الآن . وقال الشاعر : @ تولى قبل يوم بين حمانا وصلينا كما زعمت تلانا @@ فمن قال : إن التاء مع " لا " قالوا : قف عليه لأن بالتاء [ … ] . وروى قتيبة عن الكسائي أنّه كان يقف : ولاه ، بالهاء ، ومثله روي عن أهل مكة ، ومن قال : إن التاء مع حين . قالوا : قف عليه ولا ، ثم يبتدىء بحين مناص . وهو اختيار أبي عبيد قال : لأني تعمدّت النظر إليه في الأمام مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه عنه فوجدت التاء متصلة مع حين قد ثبتت : " تحين " . وقال الفراء : النوص بالنون التأخر ، والبوص بالباء التقدم . وجمعهما امرؤ القيس في بيت فقال : @ أمن ذكر ليلى إذ نأتك تنوص فتقصر عنها خطوة وتبوص @@ فمناص مفعل من ناص مثل مقام . قال ابن عباس : كان كفار مكة إذا قاتلوا فاضطروا في الحرب قال بعضهم لبعض : مناص ، أي اهربوا وخذوا حذركم ، فلما نزل بهم العذاب ببدر قالوا : مناص ، فأنزل الله سبحانه { وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ } . { وَعَجِبُوۤاْ أَن جَآءَهُم مٌّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ * أَجَعَلَ ٱلآلِهَةَ إِلَـٰهاً وَاحِداً } . وذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أسلم فشق ذلك على قريش وفرح به المؤمنون ، فقال الوليد بن المغيرة للملأ من قريش ، وهم الصناديد والأشراف ، وكانوا خمسة وعشرين رجلاً ، الوليد بن المغيرة وهو أكبرهم سنّاً ، وأبو جميل ابن هشام ، وأُبي وأُميّة ابنا خلف ، وعمر بن وهب بن خلف ، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة ، وعبد الله بن أُميّة والعاص بن وائل ، والحرث بن قيس ، وعدي بن قيس ، والنضر بن الحرث ، وأبو البحتري بن هشام ، وقرط بن عمرو ، وعامر بن خالد ، ومحرمة بن نوفل ، وزمعة بن الأسود ، ومطعم بن عدي ، والأخنس بن سريق ، وحويطب ابن عبد العزى ، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج ، والوليد بن عتبة ، وهشام بن عمر بن ربيعة ، وسهيل بن عمرو ، فقال لهم الوليد بن المغيرة : امشوا إلى أبي طالب . فأتوا أبا طالب فقالوا له : أنت شيخنا وكبيرنا ، وقد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء ، وإنّا أتيناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك . " فأرسل أبو طالب إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فدعاه فقال له : يابن أخ هؤلاء قومك يسألونك السواء فلا تمل كل الميل على قومك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وماذا يسألوني ؟ " فقال : يقولون ارفضنا وارفض ذكر آلهتنا وندعك وآلهك . فقال النبي ( عليه السلام ) : " أتعطونني كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم ؟ " فقال أبو جهل : لله أبوك لنعطينكها وعشر أمثالها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قولوا لا إله إلاّ الله " . " فنفروا من ذلك وقاموا وقالوا : { أَجَعَلَ ٱلآلِهَةَ إِلَـٰهاً وَاحِداً } كيف يسع الخلق كلهم إله واحد . { إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ } أي عجيب . قال مقاتل : بلغة أزدشنوه . قال أهل اللغة : العجيب والعجاب واحد كقولك كريم وكرام وكبير ووكبار وطويل وطوال وعريض وعراض وسكين حديد وحداد . أنشد الفراء : @ كحلقة من أبي رماح تسمعها لاهة الكبار @@ وقال آخر : @ نحن أجدنا دونها الضرابا إنّا وجدنا ماءها طيابا @@ يريد طيباً . وقال عباس بن مرداس : تعدوا به سلميةٌ سُراعه . أي سريعة . وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وعيسى بن عمر : عجّاب بالتشديد . وهو المفرط في العجب . فأنشد الفراء : @ آثرت إدلاجي على ليل جرّة هضيم الحشا حسانة المتجرد @@ وأنشد أبو حاتم : @ جاءوا بصيد عجّب من العجب أُزيرق العينين طوال الذنب @@ { وَٱنطَلَقَ ٱلْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ ٱمْشُواْ } يعني إلى أبي طالب فأشكوا إليه ابن أخيه { وَاْصْبِرُواْ } واثبتوا { عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ } نظيرها في الفرقان { لَوْلاَ أَن صَبْرَنَا عَلَيْهَا } [ الفرقان : 42 ] . { إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ } أي لأمر يُراد بنا { مَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا } الذي يقول محمّد { فِى ٱلْمِلَّةِ ٱلآخِرَةِ } . قال ابن عبّاس والقرظي والكلبي ومقاتل : يعنون النصرانية ، لأن النصارى تجعل مع الله إلهاً . وقال مجاهد وقتادة : يعنون ملة قريش ، ملة زماننا هذا . { إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ ٱخْتِلاَقٌ * أَأُنزِلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ } القرآن { مِن بَيْنِنَا } قال الله عزّ وجلّ : { بَلْ هُمْ فَي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي } أيّ وحيي . { بَل لَّمَّا } أي لم { يَذُوقُواْ عَذَابِ } ولو ذاقوه لما قالوا هذا القول .