Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 71-88)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ ٱلْمَلاَئِكَةُ كُـلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلاَّ إِبْلِيسَ ٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ * قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } وفي تحقيق الله سبحانه وتعالى التنشئة في اليد ، دليل على أنه ليس بمعنى النعمة والقوة والقدرة ، إنما هما وصفان من صفات ذاته . قال مجاهد : اليد هاهنا بمعنى التأكيد ، والصلة مجاز لما خلقت ، كقوله سبحانه : { وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ } أي ربك ، وهذا تأويل غير قوي ، لأنه لو كان بمعنى الصلة فكان لإبليس أن يقول : إن كنت خلقته فقد خلقتني . وكذلك في القدرة والنعمة ، لاتكون لآدم في الخلق مزية على إبليس وقد مضت هذه المسألة عند قوله : { مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ } . قال : العرب تسمي الاثنين جميعاً لقوله سبحانه { هَـٰذَانِ خَصْمَانِ ٱخْتَصَمُواْ } [ الحج : 19 ] ، وقوله { وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ النور : 2 ] قال : هما رجلان وقال : { فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } [ التحريم : 4 ] . { أَسْتَكْبَرْتَ } ألف الاستفهام تدخل على ألف الخبر { أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَالِينَ } المتكبرين على السجود كقوله سبحانه : { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } [ القصص : 4 ] . { قَالَ } إبليس { أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ * قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا } أي من الجنّة . وقيل : من السماوات . وقال الحسن وأبو العالية : أيّ من الخلقه التي أنت فيها . قال الحسين بن الفضل : وهذا تأويل صحيح ، لأن ابليس تجبّر وافتخر بالخلقة ، فغيّر الله تعالى خلقه فاسودَّ بعدما كان أبيضاً وقبح بعدما كان حسناً وأظلم بعد أن كان نورانياً . { فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } مطرود معذّب { وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدِّينِ * قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ * إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ } وهو النفخة الأولى { قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ * قَالَ فَٱلْحَقُّ وَٱلْحَقَّ أَقُولُ } . قرأ مجاهد والأعمش وعاصم وحمزة وخلف : برفع الأول ونصب الثانية على معنى فأنا الحقّ أو فمنّي الحق ، وأقول الحق . وقال الباقون : بنصبهما . واختلف النحاة في وجهيهما ، قيل : نصب الأول على الإغراء والثاني بايقاع القول عليه . وقيل : هو الأول قسم ، والثاني مفعول مجاز قال : فبالحق وهو الله عزّ وجلّ أقسم بنفسه والحق أقول . وقيل : إنه أتبع قسماً بعد قسم . وقال الفراء وأبو عبيد : معناهما حققا لم يدخل الألف واللام ، كما يقال : الحمد لله وأحمد الله ، هما بمعنى واحد . وقرأ طلحة بن مصرف : فالحق والحق بالكسر فهما على القسم . وسمعت أبا القاسم بن حبيب يقول : سمعت أبا بكر بن عبدش يقول : هو مردود إلى ماقبله ومجازه : فبعزتك وبالحق والحق قال الله سبحانه : { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ } أيّ من نفسك وذريتك { وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ * قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ } أيّ على تبليغ الوحي ، كناية عن غير مذكور { مِنْ أَجْرٍ } قال الحسين بن الفضل : هذه الآية ناسخة لقوله { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ } [ الشورى : 23 ] . { وَمَآ أَنَآ مِنَ ٱلْمُتَكَلِّفِينَ } المتقولين القرآن من تلقاء نفسي . أخبرنا ابن فنجويه قال : حدثنا أحمد بن محمّد بن إسحاق البستي قال : حدثنا أحمد بن عمير بن يوسف قال : حدثنا محمّد بن عوف قال : حدثنا محمّد بن المصفى قال : حدثنا حنوة بن سريج بن يزيد قال : حدثنا أُرطاة بن المنذر عن ضمرة بن حبيب عن سلمة بن مقبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " للمتكلف ثلاث علامات : ينازع من فوقه ، ويتعاطى مالا ينال ، ويقول فيما لا يعلم " . وأخبرني ابن فنجويه قال : حدثني السنّي قال : حدثني عبد الله بن محمّد بن جعفر قال : حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي قال : حدثنا شعيب بن إبراهيم قال : حدثنا سيف بن عمر الضبي عن وائل بن داود عن يزيد البهي عن الزبير بن العوام قال : نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم أغفر للذين يدعون أموات امتي ولا يتكلفون إلاّ أني بريء من التكلف وصالحوا أمتي " . وأخبرني الحسين قال : حدثنا ابن شيبة قال : حدثنا عبد الله بن محمّد بن وهب قال : حدثنا إبراهيم بن عمرو بن بكر السكسكي ببيت المقدس قال : حدثنا أبي قال : حدثنا إبراهيم بن [ … ] علية الزهري عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس من أتاه الله عزّ وجلّ علماً فليتق الله وليعلّمه الناس ولا يكتمه ، فإنه من كتم علماً يعلمه كان كمن كتم ما أنزل الله تعالى على نبيّه وأمره أن يعلمه الناس ، ومن لم يعلم فليسكت وإياه أن يقول مالا يعلم فيهلك ويصير من المتكلفين ويمرق من الدين ، وأن الله عزّ وجلّ قال : { قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَآ مِنَ ٱلْمُتَكَلِّفِينَ } من أَفتى بغير السنّة فعليه الأثم . وأخبرني الحسن قال : حدثنا السنيّ قال : أخبرنا أبو خليفة قال : حدثنا محمّد بن خبير العبدي قال : أخبرنا سفيان الثوري عن الأعمش عن منصور عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله بن مسعود قال : يا أيها الناس من علم شيئاً فليقل به ومن لم يعلم شيئاً فليقل الله أعلم ، فإن من العلم أن يقول لما لايعلم : الله أعلم وأن الله عزّ وجلّ قال لنبيّه : { قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَآ مِنَ ٱلْمُتَكَلِّفِينَ } ، { إِنْ هُوَ } ماهو يعني القرآن { إِلاَّ ذِكْرٌ } عظة { وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ } . قال قتادة : يعني بعد الموت . وابن عبّاس : يعني يوم القيامة .