Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 37-42)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱلَّذِينَ } في محل النصب ردّاً على { مَّنْ } وقيل : ( المختال الفخور ) ، { يَبْخَلُونَ } البخل في كلام العرب : منع الرجل سائله ما لديه من فضل عنه ، وفي الشرع : منع الواجب ، وفيه أربع لغات : البخل بفتح الباء والخاء وهي قراءة أنس بن مالك وعبيد بن عمير ويحيى بن يعمر ومجاهد وحمزة والكسائي وخلف والمفضل ولغة الأنصار . والبَخْل بفتح الباء وسكون الخاء وهي قراءة قتادة وعبد الله بن سراقة ، وأيّوب السجستاني ، والبُخُل بضم الباء والخاء وهي قراءة عيسى بن عمرو . والبُخْل بضم الباء وجزم الخاء وهي قراءة الباقين ، واختيار أبي عبيد وأبي مسلم لأنها اللغة العالية ، وفي الحديد مثله . وكلُّها لغات ، ونظيره في الكلام : ( أرض جَرز ، وجُرُز ، وجُرْز ) . واختلف العلماء في نزول الآية ومعناها ، فقال أكثرهم : نزلت في اليهود ؛ كتموا صفة محمد صلى الله عليه وسلم ولم يبيّنوها للنّاس ، وهم يجدونها مكتوبة عندهم في التوراة . يمان عن أشعث عن جعفر عن سعيد بن جبير : { ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ } ، قال هذا في العلم ليس للدنيا منه شيء . قال ابن عباس وابن زيد : نزلت في كردم بن زيد وأُسامة بن حبيب ونافع بن أبي نافع ويحيى بن يعمر وحيي بن أخطب ورفاعة بن زيد بن التابوت ، كانوا يأتون رجالا من الأنصار ويخالطونهم وينصحونهم ، فيقولون لهم لا تنفقوا أموالكم ؛ فإنّا نخشى عليكم الفقر ، ولا ندري ما يكون ، فأنزل الله عزّ وجلّ { ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ } إلى قوله : { مِن فَضْلِهِ } يعني المال . وقال يمان : يعني يبخلون بالصدقة . الفضل بن فضالة ، عن أبي رجاء قال : خرج علينا عمران بن حصين في مطرف من خزّ لم نره عليه قبل ولا بعد ، فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنّ الله عزّ وجلّ إذا أنعم على عبد نعمة ، أحبَّ أن يُرى أثر نعمته عليه " . { وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً * وَٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ } إلى الأخير ، محل الذين نصب عطفاً على قوله : { ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ } ، وإن شئت جعلته في موضع الخفض عطفاً على قوله : { وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ } نزلت في اليهود ، وقال السدي : في المنافقين ، وقيل : في مشركي مكة المتفقين على عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم . { وَمَن يَكُنِ ٱلشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً } صاحباً وخليلا ، وهو فعيل من الاقتران ، قال عدي بن زيد : @ عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي @@ { فَسَآءَ قِرِيناً } فبئس الشيطان قريناً ، وقد نصب على التمييز ، وقيل : على الحال ، وقيل : على القطع بإلقاء الألف واللام منه ، كما نقول : نعم رجلا ، عبد الله ، تقديره : نعم الرجل عبد الله ، فلمّا حذف الألف واللام نصب ، كقوله { بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً } [ الكهف : 50 ] ، و { سَآءَ مَثَلاً } [ الأعراف : 177 ] ، و { وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً } [ الكهف : 29 ] ، و { سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً } [ الفرقان : 66 ] ، { وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقاً } [ النساء : 69 ] ، و { كَبُرَ مَقْتاً } [ غافر : 35 ، فصلت : 2 ] ، قال المفسرون : { فَسَآءَ قِرِيناً } أي يقول : { يٰلَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ ٱلْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ ٱلْقَرِينُ } [ الزخرف : 38 ] . { وَمَاذَا عَلَيْهِمْ } وما الذي عليهم { لَوْ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ ٱللَّهُ وَكَانَ ٱللَّهُ بِهِم عَلِيماً * إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } إلى آخر الآية ، وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر ، وأنفقوا مما رزقهم الله ؟ فإنّ الله لا يظلم أي لا يبخس ولا ينقص أحداً من خلقه من ثواب عمله شيئاً مثقال ذرّة مثلا ، بل يجازيه بها ويثيبه عليها وهذا مثل يقول : إنّ الله لا يظلم مثقال ذرّة ، فكيف بأكثر منها ؟ والمراد من الكلام : لا يظلم قليلا ، لأن الظلم مثقال ذرّة لا ينتفع به الظالم ، ولا يبين ضرره في المظلوم . وقيل : [ … ] ، ودليله من التأويل قوله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ ٱلنَّاسَ شَيْئاً } [ يونس : 44 ] في الدنيا . واختلفوا في الذرّة ، فقال ابن عباس : هي النملة الحميراء الصغيرة ، لا تكاد تبين في رأي العين . وقال يزيد بن هارون : وزعموا أنّ الذرة ليس لها وزن ، ويحكى أنّ رجلا وضع خبزاً حتى علاه الذرّة يستره ، فلم يزد على وزن الخبز شيئاً . ودليل هذا التأويل ما روى بشير بن عمرو عن عبد الله أنّه قرأ : ( إنّ الله لا يظلم مثقال نملة ) . يزيد بن الأصم عن ابن عباس في قوله عزّ وجلّ : { مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } ، قال : أدخل ابن عباس يده في إناء ثم رفعها ، ثم نفخ فيها ، ثم قال : كلُّ واحدة من هؤلاء ذرّة ، وقال بعضهم : أجزاء الهباء في الكوّة كلّ جزء منها ذرّة . وقيل : هي الخردلة . وفي الجملة هي عبارة عن أقلّ الأشياء وأصغرها ، روى أنس أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنّ الله لا يظلم المؤمن حسنة يثاب عليها الرزق في الدنيا ويجزى بها في الآخرة ، وأمّا الكافر ، فيطعم بها في الدنيا ، فإذا كان يوم القيامة ، لم يكن له حسنة " . قتادة : كان بعض أهل العلم يقول : لئن يفضل حسناتي على سيئاتي وزن ذرّة أحبُّ إليّ من أن يكون لي الدنيا جميعاً . عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا خلص المؤمنون من النار يوم القيامة ، وأمنوا فما مجادلة أحدكم صاحبه في الحق يكون له في الدنيا بأشدّ من مجادلة المؤمنين لربّهم في إخوانهم الذين أُدخلوا النار " ، قال : " يقولون : ربّنا إخواننا كانوا يُصلّون معنا ، ويصومون معنا ، ويحجّون معنا ، فأدخلتهم النار ؟ فيقول الله عزّ وجلّ : اذهبوا وأخرجوا من عرفتم ، فيأتونهم فيعرفونهم بصورهم ، لا تأكل النار صورهم ، فمنهم من أخذته النار إلى أنصاف ساقيه ، ومنهم من أخذته إلى كعبه ، فيخرجونهم فيقولون : ربّنا أخرجْنا من أَمرتَنا ، ثم يقول تعالى : أخرجوا من كان في قلبه وزن دينار من الإيمان ، ثم من كان في قلبه وزن نصف دينار ، حتى يقول : من كان في قلبه مثقال ذرّة " . وقال أبو سعيد : فمن لم يصدق بهذا فليقرأ هذه الآية { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ … } . قال : " فيقولون : ربّنا قد أخرجنا من أمرتنا ، فلم يبقَ في النار أحد فيه خير " . قال : " ثم يقول الله عزّ وجلّ : شُفعت الملائكة ، وشُفعت الأنبياء ، وشُفعت المؤمنون ، وبقي أرحم الراحمين " ، قال : " فيقبض قبضة من النار أو قال : " قبضتين " ممن لم يعملوا له عزّ وجلّ خيراً قط ، قد احترقوا حتى صاروا حمماً ، قال : فيؤتى بهم إلى ماء يقال له ماء الحياة فيصبّ عليهم فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل ، فيخرجون وأجسادهم مثل اللؤلؤ في أعناقهم الخاتم : ( عتقاء الله عزّ وجلّ ) ، فيقال لهم : ادخلوا الجنة فما تمنيتم أو رأيتم من شيء فهو لكم عندي أفضل من هذا " . قال : " فيقولون : ربّنا أعطيتنا ما لم تعط أحداً من العالمين " . قال : " فيقول : ان لكم عندي أفضل من هذا ، فيقولون : ربّنا وما أفضل من ذلك ؟ " قال : " فيقول : رضائي عنكم فلا أسخط عليكم أبداً " " . وقال آخرون : هذا في الخبر عن ابن [ … ] عن عبد الله بن مسعود قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأوّلين والآخرين ، ثم نادى مناد من عند الله : ألا من كان يطلب مظلمة إلى أخيه فليأخذ . قال : فيفرح والله المرء أن يكون له الحق على والده وولده أو زوجته أو أخيه ، فيأخذ منه ، وإن كان صغيراً ، ومصداق ذلك في كتاب الله تعالى : { فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } [ المؤمنون : 101 ] ، فيؤتى بالعبد وينادي مناد على رؤوس الأشهاد : الأولين والآخرين ، هذا فلان بن فلان من كان له عليه حق ، فليأتِ إلى جنبه ثمّ يقال له : آتِ هؤلاء حقوقهم . فيقول : من أين وقد ذهبت الدنيا ؟ فيقول الله تعالى لملائكته : انظروا في أعماله الصالحة فأعطوهم منها ، فإن بقي مثقال ذرّة من حسنة ، قالت الملائكة : ربّنا أنت أعلم بذلك منهم ، أعطينا كلّ ذي حق حقه وبقي له مثقال ذرّة من حسنة ، فيقول للملائكة : ضاعفوها لعبدي وأدخلوه بفضل منّي الجنّة ، ومصداق ذلك في كتاب الله { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً } . وإن كان العبد شقيًّا ، فتقول الملائكة : إلهنا فنيت حسناته وبقيت سيئاته ، وبقي طالبون كثير ، فيقول عزّ وجلّ : خذوا من سيئاتهم فأضيفوها إلى سيئاته ثم صكّوا له صكاً إلى النار . فمعنى الآية على هذا التأويل : لا يظلم ، مثقال ذرّة للخصم على الخصم ، بل يثيبه عليها ويضاعفها له ، وذلك قوله { حَسَنَةً } بالنصب على معنى : وان يكن زنةُ الذرّة . وقرأها أهل الحجاز رفعاً ، بمعنى أن يقع أو يوجد حسنة ، وقال المبرّد : معناه وإن تك حسنة باقية يضاعفها . وقرأ الحسن : ( نضاعفها ) بالنون الباقون : بالياء ، وهو الصحيح ؛ لقوله : { وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ } وقرأ أبو رجاء وأهل المدينة يُضعّفها . الباقون : يُضْعِفها وهما لغتان معناهما التكثير . وقال أبو عبيده : يضاعفها معناه يجعلها أضعافاً كثيرة ، ويضعّفها بالتشديد يجعلها ضعفين . { وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ } أي من عنده ، قال الكسائي : في ( لدن ) أربع لغات لدن ، ولدى ولدُ ولدُنْ . ولمّا أضافوها إلى انفسهم شدّدوا النون . { أَجْراً عَظِيماً } وهو الجنّة . عن أبي عثمان قال : بلغني عن أبي هريرة أنه قال : " إنّ الله عزّ وجلّ يعطي عبده المؤمن بالحسنة ألف ألف حسنة ، قال أبو هريرة : لا بل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله يعطيه ألفي ألف حسنة " ، ثم تلا : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } ، إلى { أَجْراً عَظِيماً } . وقال : " إذا قال الله : أجراً عظيماً ، فمن بعد يدري قدره ؟ " " . { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ } يعني فكيف يصنعون إذا جئنا من كلِّ أُمّة بشهيد حق منها ، يشهد عليهم بما عملوا ، { وَجِئْنَا بِكَ } يا محمد { عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً } ؟ نظيره في البقرة والنحل والحج . عاصم عن زر عن عبد الله قال : " قال لي النبي صلى الله عليه وسلم " اقرأ " . فقرأت سورة النساء ، حتى إذا بلغت ، { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ } دمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال : " حسبنا " " . { يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ ٱلرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ ٱلأَرْضُ } قرأ أهل المدينة والشام بفتح التاء وتشديد السين ، على معنى : تتسوّى فأُدغمت التاء بالسين ، وقرأ أهل الكوفة إلاّ عاصماً بفتح التاء وتخفيف السين ، على حذف تاء تفعل ، كقوله : { لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } [ هود : 105 ] ، وقرأ الباقون بضم التاء وتخفيف السين على المجهول ، قالوا : سُوّيت بهم الأرض وصاروا هم والأرض شيئاً واحداً ، وقال قتادة وعبيدة : يعني لو تحركت الأرض فساروا فيها ، وعادوا إليها كما خرجوا منها ، ثم تسوى عليهم حتى تعلوهم ، ابن كيسان : ودوّا أنهم لم يبعثوا طرّاً ، وإنما نقلوا من التراب وكانت الأرض مستوية بهم . الكلبي : يقول الله عزّ وجلّ للبهائم والوحش والطير والسباع : كنّ تراباً فتسوّى بها الأرض ، فعند ذلك يتمنى الكافرون لو كانوا تراباً يمشي عليهم أهل الجمع ، بيانه قوله عزّ وجلّ : { وَيَقُولُ ٱلْكَافِرُ يٰلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً } [ النبأ : 40 ] . قال الثعلبي : وحكي أُستاذنا أبو القاسم الحسين أنّه سمع من تأول هذه الآية : يعدل بهم ما على الأرض من شيء فدية ، بيانه : { يَوَدُّ ٱلْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ } [ المعارج : 11 ] الآية . { وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً } : قال عطاء : ودّوا لو تسوّى بهم الأرض ، وإنّهم لم يكونوا كتموا أمر محمد صلى الله عليه وسلم ولا نعته ، وقال آخرون : بل هو كلام مستأنف ، يعني ويكتمون الله حديثاً ؛ لأنّ ما عملوا لا يخفى على الله عزّ وجلّ ، ولا يقدرون على كتمانه ، الكلبي وجماعة : لا يكتمون الله حديثاً لأنّ خزنة جهنم تشهد عليهم . سعيد بن جبير : جاء رجل إلى ابن عباس ، فقال : أشياء تختلف عليّ في القرآن ، أهو شك فيه ؟ قال : لا ، ولكن اختلاف في آيات الاختلاف عليك من ذلك ، فقال : اسمع ، الله عزّ وجلّ يقول : { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [ الأنعام : 23 ] ، وقال : { وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً } فقد كتموا ، فقال ابن عباس : أما قولهم { وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } فإنهم لما رأوا يومَ القيامة أنّ الله يغفر لأهل الإسلام قالوا : تعالوا فلنشهد فجحد المشركون ، فقالوا : { وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } رجاء أن يغفر لهم فيختم على أفواههم ، وتتكلم أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ، فعند ذلك { يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ ٱلرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ ٱلأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً } . الحسن : إنّها مواطن ، ففي موطن لا يتكلمون ولا يسمع الاّ همساً ، وفي مواطن يتكلمون ويكذبون ، ويقولون : { مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } وما كنّا نعمل من سوء ، وفي موطن يعترفون على أنفسهم ، وهو قوله عزّ وجلّ { فَٱعْتَرَفُواْ بِذَنبِهِمْ } [ الملك : 11 ] ، وفي موضع آخر يسألون الرحمة ، وإنّ آخر تلك المواطن أنّ أفواههم تختم ، وجوارحهم تتكلم ، وهو قوله تعالى { وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً } .