Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 1-11)
Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ حـمۤ * تَنزِيلٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ } بينت { آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } ولو كان غير عربي لما علموه . وفي نصب القرآن وجوه : أحدها : إنّه شغل الفعل علامات حتّى صارت بمنزلة الفاعل ، فنصب القرآن وقوع البيان عليه . الثاني : على المدح . والثالث : على إعادة الفعل ، أي فصَّلنا قرآناً . والرابع : على إضمار فعل ، أي ذكرنا قرآناً . والخامس : على الحال . والسادس : على القطع . { بَشِيراً وَنَذِيراً } نعتان للقرآن { فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } أي لا يسمعونه ولا يصغون إليه { وَقَالُواْ } يعني مشركي مكّة { قُلُوبُنَا فِيۤ أَكِنَّةٍ } أغطية { مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ } فلا نفقه ما يقول ، قال مجاهد : كالجعبة للنبل { وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ } فلا نسمع ما يقول ، وإنّما قالوا ذلك ليؤَيّسئوه من قبولهم لدينه وهو على التمثيل . { وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ } خلاف في الدين ، فجعل خلافهم ذلك ساتراً وحاجزاً لا يجتمعون ولا يوافقون من أجله ولا يرى بعضهم بعضاً . { فَٱعْمَلْ } بما يقتضيه دينك . { إِنَّنَا عَامِلُونَ } بما يقتضيه ديننا . قال مقاتل : فأعبد أنت إلهِك ، وإنّا عابدون آلهتنا . { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } قال الحسن : عَلَمَهُ الله التواضع { فَٱسْتَقِيمُوۤاْ إِلَيْهِ } وجهوا وجوهكم إليه بالطاعة والإخلاص { وَٱسْتَغْفِرُوهُ } من ذنوبكم الّتي سلفت . { وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ * ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ } قال ابن عباس : لا يشهدون لا إله إِلاَّ الله وهي زكاة الأنفس ، وقال الحسن وقتادة : لا يقرّون بالزكاة ولا يؤمنون بها ، ولا يرون إيتاءها واجباً ، وقال الضحاك ومقاتل : لا يتصدقون ولا ينفقون في الطاعة . وكان يقال : الزّكاة قنطرة الإسلام ، فمن قطعها نجا ومن تخلف عنها هلك ، وقد كان أهل الردة بعد النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : أما الصلاة فنصلي ، وأما الزّكاة فوالله لا تغصب أموالنا . وقال أبو بكر " رضي الله عنه " : والله لا أفرق بين شيء جمع الله تعالى بينه والله لو منعوني عقالاً ممّا فرض الله ورسوله لقاتلتهم عليه . وقال مجاهد والربيع : يعني لا يزكّون أعمالهم ، وقال الفراء : هو أنّ قريشاً كانت تطعم الحاج ، فحرموا ذلك على من آمن بمحمّد صلى الله عليه وسلم { وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ * إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } قال ابن عباس : غير مقطوع . مقاتل : غير منقوص ، ومنه المنون لأنّه ينقص منه الإنسان أي قوته . مجاهد : غير محسوب ، وقيل : غير ممنون به . قال السدي : نزلت هذه الآية في المرضى والزمنى والهرمى إذا عجزوا عن الطاعة يكتب لهم الأجر كأصح ما كانوا يعلمون فيه . { قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْن } الأحد والأثنين . { وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا } أي في الأرض بما خلق فيها من المنافع ، قال السدي : أنبت شجرها . { وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا } قال الحسن والسدي : يعني أرزاق أهلها ومعايشهم وما يصلحهم ، وقال مجاهد وقتادة : وخلق فيها بحارها ، وأنهارها ، وأشجارها ، ودوابها في يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ، روى ابن نجيح عن مجاهد ، قال : هو المطر . قال عكرمة والضحاك : يعني وقدر في كل بلدة منها ، ما لم يجعله في الأخرى ، ليعيش بعضهم من بعض بالتجارة من بلد إلى بلد ، فالسابري من سابور ، والطيالسة من الري ، والحبر واليمانية من اليمن ، وهي رواية حصين ، عن مجاهد . وروى حيان ، عن الكلبي ، قال : الخبز لأهل قِطر ، والتمر لأهل قِطر ، والذرة لأهل قِطر ، والسمك لأهل قِطر ، وكذلك أخواتها . { فِيۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ } يعني إنّ هذا مع الأول أربعة أيّام ، كما يقول : تزوجت أمس امرأة واليوم اثنتين وأحدهما الّتي تزوجتها أمس ، ويقال : أتيت واسط في خمسة والبصرة في عشرةِ ، فالخمسة من جملة العشرة . فرد الله سبحانه الآخر على الأوّل ، وأجمله في الذكر . { سَوَآءً } رفعه أبو جعفر على الإبتداء ، أي هي سواءٌ ، وخفضه الحسن ويعقوب على نعت قوله : في أربعة أيّام ، ونصبه الباقون على المصدر ، أي استوت إستواءً ، وقيل : على الحال والقطع ، ومعنى الآية : سواءً . { لِّلسَّآئِلِينَ } عن ذلك ، قال قتادة والسدي : من سأله عنه ، فهكذا الأمر ، وقيل : لّلسائلين الله حوائجهم . قال إبن زيد : قدر ذلك على قدر مسائلهم ، لأنّه لا يكون من مسائلهم شيء إلاّ قد علمه قبل أن يكون . قال أهل المعاني : معناه سواءً لّلسائلين وغير السائلين ، يعني إنّه بيّن أمر خلق الأرض وما فيها لمن سأل ومن لم يسأل ، ويعطي من سأل ومن لم يسأل . { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ } أي عمد إلى خلق السماء وقصد ، تسويتها ، والإستواء من صفة الأفعال على أكثر الأقوال ، يدل عليه قوله سبحانه وتعالى : ثمّ استوى إلى السّماء . { وَهِيَ دُخَانٌ } بخار الماء . { فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً } أي جيئا بما خلقت فيكما من المنافع ، وإخرجاها ، وإظهراها بمصالح خلقي . قال ابن عباس : قال الله تعالى للسّموات : إطلعي شمسك وقمرك ونجومك ، وقال للأرض : شقي أنهارك اخرجي ثمارك . { قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ } ولم يقل طائعتين ، لأنّه ذهب به إلى السّماوات والأرض ومن فيهنّ ، مجازه : أَتينا بمن فينا طائعين ، فلمّا وصفهما بالقول أخرجهما في الجمع مجرى ما يعقل ، وبلغنا أنّ بعض الأنبياء ، قال : ياربّ لو إنّ السّماوات والأرض حين قلت لهما ائتيا طوعاً أو كرهاً عصيناك ، ما كنت صانعاً بهما ؟ قال : كنت أأمر دابة من دوابي فتبتلعهما . قال : وأين تلك الدابة ؟ . قال : في مرج من مروجي . قال : وأين ذلك المرج ؟ قال : في علم من علمي . وقرأ ابن عباس : أئتيا وآتينا بالمد ، أي اعطينا الطاعة من أنفسكما . قالتا : أعطينا .