Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 12-20)

Tafsir: al-Kašf wa-l-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ } أي أتمهنَّ وفرغ من خلقهنّ { وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا } قال قتادة والسدي : يعني خلق فيها شمسها وقمرها ونجومها ، وخلق في كلّ سماء خلقها من الملائكة والخلق الّذي فيها من البحار وجبال البرد ، وما لا يُعلم ، وقيل : معناه وأوحى إلى أهل كلّ سماء من الأمر والنهي ما أراد . { وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ } كواكب . { وَحِفْظاً } لها من الشياطين الّذين يسترقون السمع ، ونصب حفظها على المعنى ، كأنّه قال : جعلها زينة وحفظاً ، وقيل : معناه وحفظاً زيّنّاها على توهم سقوط الواو أي وزّيّنا السّماء الدّنيا بمصابيح حفظاً لها ، وقيل : معناه وحفظها حفظاً . { ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ * فَإِنْ أَعْرَضُواْ } يعني هؤلاء المشركين ، { فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ } خَوفتكم . { صَاعِقَةً } وقيعة وعقوبة { مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ * إِذْ جَآءَتْهُمُ } يعني عاداً وثموداً { ٱلرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ } يعني قبلهم وبعدهم . وأراد بقوله : { مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ } الرّسل الّذين أرسلوا إلى آباءهم من قبلهم ومن خلفهم ، يعني من بعد الرّسل الّذين أرسلوا إلى آباءهم ، وهو الرسول الّذي أرسل إليهم ، هود وصالح ( عليهما السلام ) ، والكناية في قوله : { مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ } راجعة إلى عاد وثمود ، وفي قوله تعالى : { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } ، راجعة إلى الرسل . { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ قَالُواْ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً } بدل هؤلاء الرّسل ملائكة . { فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } . أخبرنا أبو محمد عبد الله بن حامد بن محمد الأصبهاني ، قرأه عليه في شوال سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة ، حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العبيدي ، حدثنا أحمد بن نجدة بن العُرْيان ، حدثنا الجماني حدثنا ابن فضيل ، عن الأجلح من الذيال بن حرملة ، عن جابر بن عبد اللّه ، قال : قال الملأ من قريش وأبو جهل : قد التبس علينا أمر محمّد ، فلو إلتمستم رجلاً عالماً بالشعر والكهانة والسحر ، فأتاه فكلمه ثمّ أتانا ببيان من أمره ، فقال عتبة بن ربيع : والله لقد سمعت بالشعر والكهانة والسحر ، وعلمت من ذلك علماً ، وما يخفى عليَّ إن كان ذلك . فأتاه ، فلما خرج إليه ، قال : يامحمّد ، أنت خير أم هاشم ؟ ، أنت خير أم عبد المطلب ؟ ، أنت خير أم عبد الله ؟ ، فبم تشتم آلهتنا ، ونضلك إيانا ، فإن تتمنى الرئاسة عقدنا لك ألويتنا ، فكنت رئيسنا ما بقيت ، وإن كانت بك الباءة زوجناك عشر نسوة تختار من أي أبيات قريش ، وإن كان بك المال جمعنا لك ما تستغني أنت وعقبك من بعدك ، ورسول لله صلى الله عليه وسلم ساكت لا يتكلم ، فلما فرغ ، قرأ رسول الله ( عليه السلام ) : { بسم ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ * حـمۤ * تَنزِيلٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً } … إلى قوله : { فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } فأمسك عتبة على فيه وناشده بالرحم ، ورجع إلى أهله ولم يخرج إلى قريش ، فاحتبس عنهم عتبة ، فقال أبو جهل : يامعشر قريش ، والله ما نرى عتبة إلاّ قد [ صَبَأ ] إلى محمّد وأعجبه طعامه ، وما ذاك إلاّ من حاجة أصابته ، فانطلقوا بنا إليه ، فانطلَقوا إليه . فأتاه أبو جهل فقال : والله ياعتبة ، ما حبسك عنّا إلاّ إنّك صبوت إلى محمّد ، وأعجبك طعامه ، فإن كانت بك حاجة جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك عن طعام محمّد . فغضب عتبة وأقسم ألاّ يكلم محمّداً أبداً ، وقال : والله لقد علمتم إنّي مّن أكثر قريش مالاً ، ولّكني أتيته وقصصت عليه القصة ، فأجابني بشيء ، والله ما هو بشعر ولا كهانة ولا سحر . { بسم ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ * حـمۤ * تَنزِيلٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً } … إلى قوله : { فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } فأمسكت بفيه وناشدته بالرحم أن يكف وقد علمتم إنّ محمّداً إذا قال شيئاً لم يكذب ، فخفت أن ينزل بكم العذاب . { فَأَمَّا عَادٌ } يعني قوم هود . { فَٱسْتَكْبَرُواْ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } وذلك إنّهم كانوا ذوي أجسام طوال وخلق عظيم . { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً } أي باردة شديدة الصوت والهبوب وأصله من الصرير ، فضوعف كما يقال : نهنهت وكفكفت ، وقد قيل : إنّ النهر الّذي يسمّى صرصراً إنّما سمي بذلك لصوت الماء الجاري فيه . { فِيۤ أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ } متتابعات شديدات نكدات مشؤومات عليهم ليس فيها من الخير شيء ، وقرأ أبو جعفر وإبن عامر وأهل الكوفة { نَّحِسَاتٍ } بكسر الحاء ، غيرهم بجزمه . أخبرنا أبو عبد الله بن فنجويه ، حدثنا مخلد بن جعفر ، حدثنا الحسن بن علي ، حدثنا إسماعيل بن عيسى ، حدثنا إسحاق بن بشر ، حدثنا مقاتل عن الضحاك في قوله تعالى : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً } ، قال : أمسك الله تعالى عنهم المطر ثلاث سنين ودامت الرياح عليهم من غير مطر ، وبه عن مقاتل ، عن إبراهيم التيمي وعن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله ، قال : إذا أراد الله بقوم خيراً ، أرسل عليهم المطر وحبس عنهم كثرة الرياح ، وإذا أراد الله بقوم شرّاً حبس عنهم المطر وأرسل عليهم كثرة الرياح . { لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ ٱلْخِزْيِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَخْزَىٰ } لهم وأَشد إذلالاً وإهانه . { وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ وأما وَأَمَّا ثَمُودُ } قرأ الأعمش ويحيى بن وثاب ، { ثَمُودُ } بالرفع والتنوين ، وكانا يجران ثموداً في القرآن كله إلاّ قوله : { وَآتَيْنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ } [ الإسراء : 59 ] ، فإنّهما كانا لا يجرانه هاهنا من أجل إنّه مكتوب في المصحف هاهنا بغير ألف ، وقرأ ابن أبي إسحاق { وَأَمَّا ثَمُودُ } منصوباً غير منون ، وقرأ الباقون مرفوعاً غير منون . { فَهَدَيْنَاهُمْ } دعوناهم وبيّنا لهم . { فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ } فاختاروا الكفر على الإيمان . { فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ } مهلكة . { ٱلْعَذَابِ ٱلْهُونِ } أي الهوان ، ومجازه : ذي هون . { بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ * وَنَجَّيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يتَّقُونَ * وَيَوْمَ يُحْشَرُ } يبعث ويجمع ، وقرأ نافع ويعقوب { نَحْشُرُ } بنون مفتوحة وضم الشين . { أَعْدَآءُ ٱللَّهِ } نصباً . { إِلَى ٱلنَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ } يساقون ويدفعون إلى النّار ، وقال قتادة والسدي : يحبس أولهم على آخرهم . { حَتَّىٰ إِذَا مَا جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم } أي بشراتهم . { بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } وقال السدي وعبيد الله إبن أبي جعفر : أراد بالجلود الفروج . وأنشد بعض الأدباء لعامر بن جوين : @ المرء يسعى للسلامة والسلامة حسبه أوسالم من قد تثنى جلده وأبيض رأسه @@ وقال : جلده كناية عن فرجه .